تمعن السلطة الفلسطينية في سياسة مكشوفة التخطيط والأهداف الساعية من خلالها لإسقاط قطاع غزة، والضغط على حركة حماس عبر إدخال أهل غزة في متاهات الحصار بحلته الجديدة، بالضغط الحكومي في عدة ملفات إنسانية، واللعب بأوتار الحياة من كهرباء وغيرها.
ويبدو أن السلطة ما زالت تكابر رغم الفشل بأنها ستنجح في مبتغاها، من خلال استمرارها في سياساتها الضاغطة على غزة، رغم فشل سيناريوهات "الكركعة والفرقعة"، ودفع الناس للنقمة على حماس عبر تجاهل ملف الإعمار، والتغاضي عن أزمة الموظفين، ورفض أي اتفاق يقضي لفك الحصار كاملا عن غزة.
في المقابل، تظهر دناءة الأساليب التي تتبعها السلطة ضد القطاع؛ في ظل حالة الوعي التي يتمتع بها أهل غزة، من خلال تفهمهم التام للوضع الحالي، ومعرفتهم للمتسبب الحقيقي في حصارهم، بعد أن أبدى الاحتلال الاسرائيلي مرونة كبيرة في إدخال مستلزمات الحياة لغزة، وفي الوقت الذي تابع فيه الجميع سعي حماس الدؤوب لإنهاء الحصار بالطرق المتاحة كافة.
مصدر قيادي في حركة حماس، أكد في تصريح لـ"الرسالة" أن السلطة استشاطت غضبا من تغير مواقف عدة أطراف اقليمية في تعاملها مع الحركة خلال المرحلة الحالية، في الوقت الذي تعاني فيه السلطة تهميش متعمد.
وأشار إلى أن مخططات السلطة الحالية والسابقة تسعى لقطع الطريق على جهود الأطراف الدولية والاقليمية الساعية لفك الحصار عن غزة من خلال المبادرات المطروحة على الطاولة، مستبعدا إمكانية تأثير مساعي السلطة على الجهود المبذولة.
وثمة من يرى أن السلطة ستنتظر طويلا إن كانت تراهن على سقوط غزة، وتغير نظرة الشارع الغزّي نحو المقاومة الفلسطينية، بينما يظهر من خلال التصريحات الاخيرة للأطراف المعنية أن الجهود الدولية الساعية لتحسين الوضع سترى النور خلال الفترة المقبلة وإن طالت قليلا، مما سيقطع الطريق للأبد على السلطة في اتجاه الضغط على القطاع.
وليس ببعيد كشفت وزارة الداخلية بغزة عن مخططات إجرامية سعت شخصيات متنفذة في السلطة الفلسطينية لتنفيذها في القطاع، من خلال إعادة مشهد الفلتان الأمني للواجهة بعد أن قضي عليه عام 2007، بينما تستمر آلة الخراب في السلطة مساعيها لإيجاد سبيل جديد تشوه فيه الحالة القائمة بغزة.
آخر محاولات السلطة تركزت على أزمة الكهرباء، وما يحويه هذا الملف من زخم يمكنه الضغط الفعلي على الحياة اليومية لأهل غزة، عبر استمرار فرض الضرائب على الوقود، ورفض إعطاء سلطة الطاقة مليون لتر سولار بالدين، إلى حين جباية مبالغ مالية جديدة وتحويلها لرام الله وفق ما صرح به رئيسها بغزة فتحي الشيخ خليل.
وهنا يغيب صوت رجالات حكومة التوافق سواء رئيسها رامي الحمد الله أو وزراء غزة فيها، وكأن لا علاقة لهم بالأمر، فمعاناة 2 مليون غزّي لا تعار اهتماما، في الوقت الذي تهب فيه الحكومة لإنجاز ملفات في الضفة، فيما يبدو أن اختلاف الجغرافيا يؤثر على عمل الساسة!
المحلل السياسي عبد الستار قاسم أبدى سخريته من مخططات السلطة "الباهتة" التي لا طعم لها ولا لون، في ظل القناعة التي ترسخت لدى الأطراف المعنية كافة، أن غزة على قدر من القوة يجعلها عصية على الكسر.
وأكد قاسم أن حالة العداء التي تبديها السلطة نحو القطاع لن تجدي نفعا إن كانت تهدف لإسقاط غزة، وإبعاد أهله عن راية المقاومة، داعيا إياها للسعي الجاد لتطبيق ملفات المصالحة الفلسطينية المتفق عليها سابقا، معتبرا ذلك أقصر الطرق للوصول للحل المرضي لطرفي الأزمة.
وفي نهاية المطاف، تبدو السلطة قد تناست أن لغزة مقاومة لا تقبل أن يضام أهلها، باستمرار الضغط السياسي من السلطة، في الوقت الذي تغيرت فيه مواقف بقية الأطراف الاقليمية وحتى الاسرائيليةـ سيكون لحظتها لزاما على أصحاب الأقدام الثقيلة التدخل مجددا.