عاصفة الأونروا تنتهي باتفاق يغلفه الصمت

مدير عمليات الأونروا افي غزة جون كينج برفقة توني بلير
مدير عمليات الأونروا افي غزة جون كينج برفقة توني بلير

الاتصالات بين الحكومة والأنروا تصل إلى تهدئة

غزة- عدنان نصر- الرسالة نت

غلف الصمت والكتمان اجتماع اللجنة الحكومية لمتابعة العاصفة الإعلامية التي أصابت " الأنروا" في عقر دارها، فقضيتا " الهولوكست" وتعامل الأونروا مع السلطات في غزة طرحتا على طاولة اللجنة الحكومية برئاسة الدكتور باسم نعيم وزير الصحة مع مدير عمليات الأنروا في قطاع غزة جون جينج لم تنيرا بصيرة المراقبين لتلك القضية.

وكانت وسائل الإعلام المحلية أثارت عاصفة شديدة بدأت بسياسة التعليم في وكالة الغوث، لإضافة درس " الهولوكست" إلى مادة حقوق الإنسان المقررة لطلاب الصف الثامن، الأمر الذي يتعارض مع سياسة الأنروا التعليمية التي تتوافق مع سياسة البلد المضيف.

وأقرت الأونروا العام الماضي مقرر حقوق الإنسان لجميع الطلبة الفلسطينيين في مدارسها وخصصت رحلات تحفيزية للطبة المتفوقين في هذا المساق، ومن المقرر أن تجري رحلة سياحية إلى دول أجنبية في أكتوبر المقبل.

بعيدا عن الإعلام

الاتهامات ضد "الأنروا" لم تتوقف عند هذا الحد، فقد أصدرت وزارة الصحة بيانا اتهمت فيه الأنروا بالاستيلاء على الأدوية والمهمات الطبية الخاصة بالوزارة، واحتجازها لشهور طويلة رغم الحاجة الماسة لها، ما يؤثر بشكل خطير على حياة مئات بل آلاف المرضى الذي يحتاجون العلاج والأدوية بصورة عاجلة .

قضية الأدوية لم تحدث فرقعة إعلامية كسابقتها، ولم نسمع شجبا واستنكارا من مسئولين أمميين على غرار مسألة "الهولوكست"، كما أن الاتهامات شديدة اللهجة التي كالها المراقب العام للأنروا لإدارة وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين بإنفاق مبالغ طائلة على المقربين منها، وتبذير أموال الدعم التي تتلقاها لمساعدة الفلسطينيين اللاجئين لم تسمع آذانا صاغية، وان كان جينج قد انتقد سابقا الوكالة من خلال استنزاف الإنفاق على العاملين فيها وليس على اللاجئين وإهدار أموال برامج الخدمات والمساعدات دون ضبط أو تقنين.

"الرسالة نت" حاولت استيضاح الأمور من ذوي الاختصاص كوزير الشئون الاجتماعية أحمد الكرد ووكيل وزارة الصحة د. حسن يوسف، إلا أن أيا منهما لم ينبس ببنت شفة.

وبناء على تلك الاتهامات قررت الحكومة الفلسطينية تشكيل لجنة لمناقشة قضايا الخلاف ، إلا أن الاجتماع الذي عقد مؤخرا مع جينج غلف بالصمت والسرية، فقد اتفق الجانبان على عدم تداول نتائج الاجتماع في وسائل الإعلام، وطي صفحة الخلافات وفق اتفاق لم يفصح عنه بعد.

و قال د. أحمد يوسف المستشار في وزارة الخارجية الذي كان ضمن اجتماع الحكومة لـ" الرسالة" بكلمات مقتضبة : إن الاجتماع الذي عقد مؤخرا عالج ما أثير من لغط حول وكالة الغوث في وسائل الإعلام ، مشيرا إلى أن موضوع الهولوكست غير موجود ضمن مقرر مادة حقوق الإنسان في منهاج الوكالة، وربما أثيرت القضية عبر نقاشات الوكالة (..)، للربط بين النكبة الفلسطينية، والمحرقة الإسرائيلية في المساق.

وأضاف أن اللجنة اتفقت مع الأنروا على تجنيب وسائل الإعلام نتائج الاجتماع حتى لا يتم الدفع بصورة تصعيدية ضدها.

وأوضح أن الحكومة تهدف لإبقاء علاقة متينة مع الأنروا التي تخدم اللاجئين الفلسطينيين ضمن مشاريعها ونزع فتيل الأزمة، بشرط ألا تتعارض تلك الصلاحيات مع قيم الشعب الفلسطيني ولا تعكر العلاقة التي امتدت على مدار ستين عاما.

وتوفر " الأنروا" خدمات التعليم والرعاية الصحية ، والخدمات الاجتماعية والقروض البسيطة وتحسين المخيمات والمساعدة الطارئة للاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها، كما تقوم الوكالة بتوفير دورات التدريب المهني والفني للاجئين الفلسطينيين من خلال مركز التدريب المهني، وتوفر الرعاية الصحية لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين ، وتركز على صحة الأم والطفل وتنظيم الأسرة التي تعتبر من أولويات برنامج الصحة في الاونروا.‏

وتركز دائرة الإغاثة والخدمات الاجتماعية في الاونروا جهودها على تقديم خدماتها للاجئين الأشد فقرا، فهي تعمل على تقديم المساعدات الغذائية وتوفير السكن لهم علاوة على تقديمها مساعدات نقدية وتغطية تكاليف العلاج لبعض المرضى، كما تتلقى أفقر أسر اللاجئين التي ليس لها معيل المساعدات من برنامج الإغاثة للاونروا لضمان حصولها على الحد الأدنى من المأوى والغذاء.

اتفاق قيد التنفيذ

وبالعودة إلى مجال التعليم فان الأنروا توفر التعليم الأساسي، حيث تستخدم المناهج التعليمية التي تطبقها وزارات التربية والتعليم في الدول المضيفة، إلا أن الزيادة السكانية المطردة للاجئين تعتبر أحد التحديات الكبيرة للأنروا من حيث الحفاظ على إتاحة التعليم المجاني الجيد.

وعلى ما يبدو أن ثمة اتفاق توصلت إليه اللجنة الحكومية مع مدير الانروا في غزة، وان كان طي الكتمان، لكن حتى اللحظة لم يتم التأكد من إدراج دروس "الهولوكست" إلى مقرر حقوق الإنسان الذي فرضته الوكالة العام الماضي.

ويتضح ذلك من حديث د. زياد ثابت الوكيل المساعد في وزارة التربية والتعليم لـ"الرسالة نت": اتفقنا مع وكالة الغوث على تزويدنا بالمواد المطبوعة وغير المطبوعة التي تنوي إدراجها للمنهاج التعليمي قبل تدريسها في المدارس، مؤكدا أن ذلك الاتفاق لم ير النور بعد فالوكالة لم تتماشى مع تلك المسألة.

وأضاف ثابت: لا نستطيع تقرير إن كانت هذه المادة طبقت أم لا في مدارس الوكالة، فهي لم تطرح على الوزارة لمراجعتها ومعرفة إن كانت تمس بالقضية الفلسطينية أم لا.

وتابع: لا أحد ينكر الخدمات التي تقدمها الأنروا، لكن ليس من مهامها تغيير، أو إضافة مقررات جديدة للمنهاج الفلسطيني، موضحا أن وزارته اتفقت مع الوكالة على تشكيل لجنة، وعرض المادة عليها، لتقرير إمكانية تدريسها أو حذفها.

ولا يخفي ثابت أن هناك اجتماعات مستمرة بين وزارة التربية التعليم والأنروا فيما يخص سلك التعليم كان آخرها التوافق على بدء العام الدراسي في الثالث والعشرين من أغسطس الماضي.

خصوم الفلسطينيين

ويمكن الربط بين تلك الانتقادات ، وما أعقبها من تصريحات ساخنة بناءً على تصريحات سابقة لمدير عمليات الوكالة في يوليو الماضي.

ففي حديث سابق لـ "الرسالة نت" قال جينج: أشعر بالتغيير بعد عدة سنوات من عملي في غزة، فكثير من الأمور كانت مبنية على أوهام، ومعلومات خاطئة فيما يتعلق ببرنامج الوكالة وقد بدأنا بتحسين ظروف التعليم في غزة من وقف الترفيع الآلي وتعديل في بعض مواضيع المناهج الدراسية.

وكان اتحاد المعلمين الديمقراطيين طالب إدارة وكالة الغوث الدولية بالعمل الجاد لإنصاف العاملين فيها في محافظات غزة، وتنفيذ وعودها وعدم التذرع بالعجز في الموازنة، معتبر أن تعيين موظفين دوليين جدد يكلف الموازنة أموالا طائلة والأجدر إن تذهب لخدمة العاملين واللاجئين وليس حرمانهم من العلاوات والزيادات والترقيات.

وأكد جينج أن الأنروا مستهدفة من خصوم الشعب الفلسطيني الذين يرغبون في إنهاء دور الأنروا لأنها تعبر عن هوية اللاجئين.

وكانت كارين أبو زيد قد أكدت في مؤتمر صحفي مع ممثل المفوضية الأوروبية كريستيان بيرغر أن منهج حقوق الإنسان الذي تديره أونروا لم يتغير.

وأضافت: "أستطيع أن أنفي الادعاءات بأن مناهج أونروا ستتضمن موضوع المحرقة، والكتب التي تصدر بإمكان الجميع مراجعتها.

ولعل ما يؤكد حديث جينج ما أطلقته منظمة يهودية أميركية مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي من حملة توقيعات للضغط على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أجل إقالة مسئولي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لرفضهم اعتبار ما يصطلح عليه بالمحرقة اليهودية "الهولوكوست" مسألة حقوقية، ورفضهم إدراجها ضمن المنهج الدراسي للمنظمة الأممية في قطاع غزة.

وطالبت العريضة بتجميد تمويل أونروا "حتى يتم تصحيح هذا الموقف" مؤكدة أن الهولوكوست "مقبولة عالميا في قلب وروح أية أجندة لحقوق الإنسان".

وقال المركز –الذي يتخذ من مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا مقرا له- إن المفوضة العامة لوكالة أونروا كارين أبو زيد "بدت كأنها مسئولة في حماس" عندما نفت في مؤتمر صحفي أن يكون منهج الأمم المتحدة الدراسي سيشمل أي شيء عن المحرقة.

صحيح أن الأمور سلكت طريق التهدئة والحل بعد أن بذل وسطاء من بينهم د. أحمد يوسف جهودا حثيثة من أجل تقريب وجهات النظر، لكن السؤال الذي يمكن أن يعكر صفو الصمت هل ستنتهي الانتقادات اللاذعة لبرامج الأونروا لاسيما في مجال التعليم؟

البث المباشر