قائد الطوفان قائد الطوفان

أسعارها ترتفع إلى السماء

لغياب المشاريع الاستثمارية..غزيون يتجهون إلى تجارة الاراضى

غزة - ديانا طبيل

على الرغم من الحصار المشدد على قطاع غزة، إلا أن سكان القطاع لم يملوا البحث عن أساليب جديدة لاستثمار أموالهم، وزيادتها بعد فقدانهم الثقة باقتصاد الأنفاق الحر، اليوم آلاف من اهالى قطاع غزة يتجهون لشراء الاراضى في كافة المناطق خاصة جنوب القطاع، بهدف المتاجرة أو وضع "تحويشة العمر" في مشروع لا يخسر.

وهذا ما جعل أسعار الاراضى ترتفع إلى السماء بين ليلة وضحاها في ظل الإقبال غير الطبيعي على الشراء تبعا للنظرية الاقتصادية القائلة كلما كثر الطلب ارتفع السعر وقل العرض.

سترتفع إلى الضعف

 المواطن إبراهيم حلاوة " 33 عاما " يقول لـ" الرسالة نت": في الآونة الأخيرة نصحني بعض الكثير من الأصدقاء والمقربين بشراء قطعة ارض بدلا من افتتاح مشروع، فاشتريت قطعة في منطقة الزوايدة بسعر معقول، فتحقق لي بعض الربح بعد ارتفاع سعرها.

ويعبر عن اعتقاده بأن العقارات الاراضى تظل محتفظة بقيمتها مهما مرت السنوات خاصة وأن الزحف العمراني طال كافة المناطق السكانية في مدينة غزة ،مضيفاً في حال فتحت إسرائيل المعابر لدخول مواد البناء فان أسعار الاراضى سترتفع إلى الضعف وهذا ما سيحقق لي الأرباح.

ويوضح حلاوة انه اشترى المتر الواحد بـ 70 ديناراً ويباع اليوم بـ90 ديناراً ويتلقى عروض شراء باستمرار إلى انه ينوى تأجيل بيعها إلى السنوات القادمة .

أما المواطنة يسرى العجورى " 45 عاما " فتقول : مع الإقبال الشديد على شراء الاراضى قررت شراء قطعة مساحتها 300 متر ليتمكن ابنائى مستقبلاً من بناء عمارة سكنية تجمعهم كعائلة.

وأضافت أنها باعت ما تمتلكه من ذهب واستدانت أموالا من بعض الأقارب ، وقالت أنها أرادت توفير المبلغ بأسرع وقت لأنها تتوقع أن ترتفع أسعار الاراضى بشكل جنوني.

تجارة مربحة

بينما تقول الموظفة أم علاء جاد الله  "39 عاما " أن تجارة الاراضى مربحة لمن لديه رأس مال كبير، وتضيف: قبل خمس سنوات اشتريت و زوجي "دونما" في منطقة وادي غزة  بمبلغ 30 الف دولار، وقبل خمسة شهور بعتها بمبلغ 70 ألف دولار.

وتضيف الآن نبحث عن منطقة أخرى يمكننا شراء أرض فيها حتى نتمكن من بيعها مستقبلاً، وتحقيق ربح آخر قد يعوض خسارتنا المريعة في تجارة الأنفاق.

من جهته يقول وائل معروف "40 عاما " ويعمل سمسارا لبيع الاراضى والعقارات انه ومنذ انتهاء الحرب مطلع العام الماضي والتي تسببت بخسارة كبيرة للعديد من المستثمرين والتجار في تجارة الأنفاق ، ازداد الطلب على الاراضى خاصة الاراضى الموجودة في منطقة خانيونس ،والزوايدة،ودير البلح مما رفع الأسعار بدرجة كبيرة .

ويضيف: كان متر الأرض في منطقة الزوايدة على سبيل المثال العام الماضي خمسين ديناراً وكانت الاراضى متوفرة والعرض كبير، أما اليوم فإن البحث على متر ارض داخل نفس المنطقة يشبه البحث عن إبرة في كومة قش، مؤكداً انه يتلقى اتصالات يوميا من زبائن يودون شراء أراض في مناطق جنوب غزة.

ويتابع: المستفيد من وراء تجارة الاراضى هو أصحاب رؤوس الأموال خاصة وان المناطق المعروضة للبيع عادة غير مقسمة ومساحاتها واسعة قد تصل إلى عشر دونمات فيقومون بشرائها كاملة وتقسيمها وتصنيفها حسب مخططات البلديات ثم بيعها بأسعار عالية جدا تحقق لهم أرباحاً مضاعفة، مؤكدا أن الشهور القادمة ستشهد ارتفاعا شديدا في أسعار الاراضى خاصة في منطقة دير البلح وقرى خانيونس إذ يبلغ متر الأرض الواحد على شاطئ دير البلح 110 دنانير في حين يتراوح سعر الأراضي الداخلية بين 80 و 90 دينار .

بينما يقول محمود خليفة "55عاما"، تاجر أراضى التفكير بشراء الأراضي انتشر بين المواطنين، بل ان الحديث الذي لا ينتهي في كافة الجلسات العائلية والاجتماعية .

ويضيف هناك إقبال شديد من الجميع وخاصة على الاراضى الرخيصة يشترونها بهدف حفظ أموالهم  للمستقبل، خاصة الموظفين وأصحاب الأسر الصغيرة، بينما تتجه بعض العائلات لشراء الاراضى واستعمالها كمصيف أو مكان للترفيه خاصة إذا كانت هذه الاراضى قريبة من  شاطئ البحر.

ويؤكد تاجر الاراضى أن هناك الكثير من الاراضى ما زالت غير مقسمة أو معروضة للبيع خاصة على طول الشريط الحدودي وفى مناطق المحررات ، متوقعاً أن يتم بيعها والإقبال عليها قريبا. 

رأس المال جبان

من جهته يقول المحلل الاقتصادي سالم حلس أن تجارة الاراضى الآن أصبحت الاستثمار الأمن للكثير من التجار خاصة مع غياب أوجه الاستثمار الاخرى بفعل الحصار واستحالة افتتاح مشاريع في ظل غياب المواد الخام والآلات والمعدات اللازمة في العمل بفعل إغلاق المعابر، إضافة إلى عمليات التجريف والتدمير التي طالت كافة المصانع والمشاريع في المنطقة الصناعية وشرق مدينة غزة . 

ويعزو حلس اتجاه التجار إلى السمسرة في الأراضي الخسارة التي مني بها أصحاب رؤوس الأموال بفعل الأوضاع السياسية واتجهت الغالبية العظمى للبحث عن استثمار أمن درجة المخاطرة فيه محدودة، ويحقق الربح ويجنبهم الخسارة، وقد وجدوا في تجارة الأراضي والعقارات الحل لاستثمار مبالغ مالية بدلا من إيداعها داخل البنوك.

ويؤكد أن غياب الاستثمارات الأخرى راجع إلى أن رأس المال جبان ويرفض المخاطرة بكل أشكالها وهذا ما دفع الجميع إلى الاتجاه إلى استثمار امن ، ساعد في رفع أسعار الأراضي أضعاف ما كانت عليه في السنوات الماضية .

ويتوقع حلس أن يرتفع سعر الأراضي بنسبة 20% كحد أدنى بحيث تتفاوت هذه النسبة من منطقة أخرى ، مؤكدا أن الأراضي داخل مدينة غزة باتت محدودة جداً وأسعارها مرتفعة، منوهاً إلى فرق الأسعار الكبير بين منطقة شرق غزة وغربها. 

 

البث المباشر