سجون دون رقابة

"مسالخ السلطة".. الجريمة المسكوت عنها إنسانيا وقانونيا!

جانب من اعتقالات السلطة بحق أنصار حماس بالضفة (أرشيف)
جانب من اعتقالات السلطة بحق أنصار حماس بالضفة (أرشيف)

الرسالة-عبدالرحمن الخالدي

تزايدت التقارير العربية والدولية للمنظمات التي تدين اشتداد أساليب التعذيب الوحشية للمعتقلين السياسيين في سجون السلطة الفلسطينية بالضفة المحتلة، في الوقت الذي تزداد فيه انتهاكات الاحتلال (الإسرائيلي) بحق أبناء شعبنا في أماكن تواجده كافة.

تلك التقارير المتتالية أثبتت استفحال التعذيب في السجون التابعة للسلطة بطريقة منهجية، مؤكدة في ذات الوقت أن القيادة السياسية المعنية لم تتقدم أي خطوة لوقف ومنع التعذيب على الرغم من علمها بذلك، الأمر الذي قد يكون له تبعات قضائية دولية.

أحد تلك المنظمات، كانت مؤسسة "الضمير" لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، والتي أكّدت في تقرير لها تعرّض بعض المعتقلين السياسيين في سجون السلطة للتعذيب على أيدي محققي جهازي "المخابرات" و"الأمن الوقائي، دعمته تقارير حقوقية مستقلة.

وبحسب مدير المؤسسة، سحر فرنسيس، فإنه تم التثبت من خلال متابعة بعض القضايا من وجود انتهاكات يتعرض لها المعتقلون خلال الاحتجاز والتحقيق، حيث يتم شبح بعضهم في أوضاع مؤلمة وضرب وصراخ وشتم وإهانات، وأساليب تعذيب معروفة.

وأكدت فرنسيس في تصريحات صحفية أن هذه الممارسات تتنافى مع التزامات فلسطين بالتوقيع على اتفاقية مناهضة التعذيب، مذكرة في الوقت ذاته أن الفترة الواقعة بين الأعوام 2005 -2009 شهدت لجوء السلطة إلى "أساليب تعذيب بشعة راح ضحيتها أربعة مواطنين، قتلوا تحت سياط التعذيب، ولم يكن هناك أي مساءلة او ملاحقة قضائية للمتورطين"، مستدركة أنه بعد تلك الفترة "حدث تراجع في حالات التعذيب إلى درجات أخف، لكنه مازال مستمرا".

ويذهب تقرير دولي صادر عن "المنظمة العربية لحقوق الانسان" في بريطانيا إلى أبعد مما تطرقت إليه مؤسسة "الضمير" بالقول إن "مقر المخابرات في مدينة بيت لحم تحول إلى مسلخ للتعذيب"، داعية أمين عام الأمم المتحدة ومكتب مدعي عام المحكمة الجنائية إلى إرسال فريق لزيارة السجون التابعة للسلطة الفلسطينية، وعلى وجه الخصوص مقر مخابرات بيت لحم وسجن أريحا ونابلس؛ للتحقيق في جرائم التعذيب التي ترتكب بشكل يومي.

وبحسب المنظمة فإن "انضمام دولة فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية، يحتم على القيادات السياسية والأمنية احترام بنود الاتفاقية، وأن الاعتقال التعسفي وما يصاحبه من تعذيب بحق مواطنين محميين بموجب اتفاقيات جنيف، يعتبر جريمة حرب يعرض مسؤولي السلطة المساءلة القانونية".

تخبط السلطة

فتحي قرعاوي، النائب في المجلس التشريعي، أكد أن ممارسات السلطة في سجونها تثبت أنها تعيش حالة من التخبط، عبر زيادة الضغط على الفلسطينيين في سجونها والرفع من وتيرة الانتهاكات بحقهم.

وأشار قرعاوي في تصريح لـ "الرسالة" إلى أن تلك الممارسات تعكس حقيقة تعمد السلطة إخراس أي صوت يمكن أن يعلو على صوتها في الضفة، علاوة على حرصها على تغييب كل الشخصيات المؤثرة والفاعلة في المجتمع الفلسطيني وتحديدا في الضفة المحتلة.

وقال: "يجب على المنظمات الحقوقية والدولية الالتفات إلى هذه الممارسات العبثية في سجون السلطة، والتحرك بشكل عاجل لوقفها"، مشيرا إلى أن تلك المنظمات ما زالت تتحدث باستحياء حول انتهاكات السلطة في سجونها.

وطالب قرعاوي المعتقلين السياسيين بضرورة رفع دعوات ضد الشخصيات التي تمارس التعذيب في السجون وقيادات الأجهزة الأمنية، مؤكدا أنهم معروفون بأسمائهم ومناصبهم في الضفة المحتلة.

فيلم مفبرك

"الرسالة" ومن خلال معلومات واتصالات أجرتها مع ذوي معتقلين سياسيين في الضفة المحتلة، علمت بإقدام أجهزة أمن السلطة على تلفيق وثائق وانتزاع شهادات مصورة من المعتقلين، تحت التعذيب؛ بغرض فبركة فيلم مصور؛ لعرضه خلال مؤتمر صحفي تشوه فيه حركة حماس.

وتنوي أجهزة أمن السلطة عقد مؤتمر تزعم فيه الكشف عن خلايا كبيرة في الضفة، لتنفيذ عمليات ضدها.

وبحسب ذوي عدد من المعتقلين فإن أمن السلطة صعّد منذ شهرين من عمليات التعذيب الشديد مع العشرات من أبنائهم، وأجبر عددا منهم على الإدلاء بشهادات مصورة، وقد اضطر بعضهم إلى الاعتراف تحت قسوة التعذيب، فيما رفض آخرون.

وتهدف الخطة الأمنية التي يقودها جهازا الأمن الوقائي والمخابرات، إلى بث افتراءات كاذبة؛ لتبرير جرائمهما بالضفة، وحملات الاعتقال ضد حماس، إلى جانب إضفاء "صورة استعراضية" حول عمليات الاعتقال الأخيرة؛ من أجل تبرير جرائمها، على غرار ما حدث مع الشاب (فادي حمد)، إذ شاركت قوة من أمن السلطة، مكونة من 40 سيارة وخبراء متفجرات، في عملية اعتقاله، وصادروا سيارته، رغم أنه مفرج عنه حديثا من سجون الاحتلال.

يذكر أن عدنان الضميري، المتحدث باسم الأجهزة الأمنية في الضفة، كان قد زعم خلال مؤتمر صحفي أن حماس تسعى إلى استهداف عناصر أمنية تابعة للسلطة، فيما ادعى أحمد عساف المتحدث باسم فتح، جمع أسلحة وأموال خلال حملة الاعتقالات ضد الحركة الإسلامية.

بدوره، أكد القيادي في حماس وصفي قبها أن السلطة تعمل على استعادة مرحلة عام 2007م، "عندما أجبرت أجهزتها الأمنية، المعتقل السياسي مؤيد بني عودة على الاعتراف زورا بارتباطه بالاحتلال، ومحاولة اتهامه باستهداف السلطة، كما أرغمت من بعده المواطنة تمام أبو سعود على اصدار بيان تعتذر فيه عن محاولتها اغتيال محافظ نابلس عام 2012".

وقال قبها لـ "الرسالة" إن السلطة كررت هذه الأفعال مع معتقلين في طولكرم، "وليس بعيدا عنها اللجوء إلى هذه التصرفات اللاأخلاقية واللاوطنية، في محاولة منها لتبرير جرائمها"، على حد تعبيره.

وبيّن أن السلطة في هذه المرحلة تصعّد اعتقالاتها ضد الأسرى المحررين، وتخضعهم لتعذيب شديد؛ بهدف انتزاع معلومات منهم، لافتا إلى أن عدد المعتقلين في الضفة يقارب 140 معتقلا سياسيا.

البث المباشر