بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة ردا على إطلاق صواريخ من القطاع تجاه المستوطنات الإسرائيلية، بدأت تتوالى التهديدات من القيادات العسكرية داخل (إسرائيل) بتدفيع غزة الثمن، مما يفرض تساؤلات عدة أبرزها هل غزة مقبلة على عدوان جديد أم أن ما حدث مجرد تصعيد عابر؟
وأصيب مواطن بجراح طفيفة في سلسلة من الغارات شنتها طائرات الاحتلال في ساعة مبكرة من السبت الماضي استهدفت مواقع عسكرية للمقاومة.
ضغط ليس أكثر
في ضوء ذلك أجمع مراقبون سياسيون على أن هذه التطورات لن تقود إلى سيناريو جديد من المواجهة العسكرية الشاملة أو الحرب خلال الفترة القادمة، معللين ذلك بأن ليس من مصلحة (إسرائيل) والمقاومة الذهاب إلى حرب جديدة لاسيما وان تداعيات عدوان العام الماضي والذي استمر واحد وخمسين يوما مازالت قائمة.
المختص في الشأن الإسرائيلي من الضفة عمر جعارة، يرى أن ما حدث يأتي في سياق الفعل ورد الفعل لا أكثر، حيث أطلقت صواريخ من غزة وردت (إسرائيل) على ذلك باستهداف مقرات تابعة للمقاومة والأجهزة الأمنية، قائلا:" التصعيد الأخير يدل على أن كل طرف يريد ارسال رسالة للأخر باستعداده الذهاب إلى مواجهة حتى وإن كانت محدودة وقصيرة وذلك يدخل في اطار الضغط ليس أكثر".
ووفقا لوجهة نظر جعارة، تدرك (إسرائيل) جيدا أن المقاومة في غزة مستعدة للاحتمالات كافة التي يحدثها الميدان، في المقابل جيش الاحتلال في رده على اطلاق صواريخ غزة يريد ايصال رسالة للمقاومة بأنه قادر على الرد وقتما شاء.
يقود هذا الحدث إلى أن التصعيد المتبادل لن يدفع إلى سيناريو المواجهة الشاملة بين الطرفين، والسبب كما يرى جعارة أن الظروف الداخلية والاقليمية والدولية لا تسمح بتكرار المواجهة في الوقت الراهن، الملتهب بالأحداث والأزمات.
في الوقت ذاته، أكد على أن قرار التصعيد والانفجار في يد المقاومة والميدان وليس بيد السلطة التي ما زالت تغض بصرها عن أي تصعيد اسرائيلي يحدث بحق غزة من وقت لآخر.
وأحدث سقوط الصواريخ من غزة على المستوطنات المجاورة للقطاع حالة من الذعر في صفوف المستوطنين دفعت برئيس بلدة سديروت ألون دافيدي بالتهديد بالقول: "نحن لسنا خنازير في غينيا وحماس ستدفع الثمن".
تصعيد محدود
واشتكى أيضا مستوطنو سديروت من إغلاق أبواب الملاجئ التي فروا إليها بعد سماعهم لصفارات الإنذار التي تنذر بإطلاق صواريخ تجاه البلدة، كما نقلت القناة الاسرائيلية الثانية عن عدد من المستوطنين أنهم فروا من الشوارع إلى الملاجئ ولكنهم صدموا حين وجدوها مغلقة.
وفي قراءة المحلل السياسي حسام الدجني للتصعيد الأخير، أوضح "للرسالة نت" أن البيئة الخاصة بالقطاع قابلة للانفجار لعوامل عديدة، أهمها زيادة وتيرة الحصار وغياب الأفق السياسي وتجاهل المجتمع الدولي للتقارير المحذرة من الواقع الكارثي لغزة، مشيرا إلى أن التصعيد يخدم بالدرجة الأولى (إسرائيل) عن حرف البوصلة الاعلامية والدولية عما يجري في الأقصى .
ويسود التوتر الشديد معظم أنحاء مدينة القدس المحتلة، في الوقت الذي حوّلت فيه قوات الاحتلال القدس القديمة، منذ فجر الجمعة الماضية إلى ما يشبه الثكنة العسكرية التي تغلب عليها المظاهر العسكرية وتغيب عنها أوجه الحياة الطبيعية.
لكن رغم ذلك يرى الدجني أن ما حدث قد يكون تصعيدا محدودا لليلة واحدة لا أكثر ويتوقف ذلك على موقف الفصائل في الرد على التصعيد والأيام المقبلة ستحدد ذلك، مؤكدا أن تطويق الأحداث يتطلب قيادة حراك دبلوماسي مشترك لمنع الحرب بالإضافة إلى اعلان الفصائل التزامها بالتهدئة مع الاحتلال وتحميل المجتمع الدولي مسئولية الانتهاكات بالقدس وحصار غزة.
أما عن البيئة في (إسرائيل) فيوضح أن قيادة الكيان في حيرة من أمرها، فـ"التصعيد في غزة قد يحرف الانظار عن المخطط الأكبر الذي يجري في القدس، وقد يحمل رسائل للرئيس محمود عباس تهدده من خلال عنف مفرط بغزة من أي خطوة (قنبلة) يتخذها في الأمم المتحدة".
ويضيف الدجني "أي تصعيد قد يدفع عباس لإعلان فلسطين دولة تحت احتلال وبذلك انفجار محتمل في الضفة الغربية قد تؤثر على أمن واستقرار المنطقة"، متابعا: "لذلك قد تكون (اسرائيل) بحيرة من أمرها، لكن يبقى اطلاق صواريخ على المستوطنات عنصر داعم لبيئة الحرب كونه يعزز موقف الأطراف الصهيونية المتطرفة بعودة الحرب".
في المقابل يجمع مراقبون أن التصعيد الشامل سيحدث في حال تفاقمت الأوضاع في الميدان، كاغتيال الاحتلال لقيادي من المقاومة ما يعني أن التطورات ستخرج عن الحسابات السياسة وستكون الكلمة والقرار للميدان.
وذلك يؤكد ما تحدث به المحللان بأن حالة التصعيد الأخيرة محدودة جدا لاسيما وأن الاعتبارات الدولية والإقليمية غير داعمة للتصعيد، وصورة (إسرائيل) أمام المجتمع الدولي بدأت بالتآكل والاحتلال ما زال يقيم العدوان الماضي ويعترف بخسارته.