إغراق فيلادلفيا.. السيسي ينفذ ما عجز عنه شارون

آليات مصرية تحفر الحاجز المائي
آليات مصرية تحفر الحاجز المائي

الرسالة نت - شيماء مرزوق

تحويل قطاع غزة إلى جزيرة محاطة بالمياه, حلم "اسرائيلي" عمره من عمر الانسحاب من قطاع غزة عام 2005 وقد طُرح في ذلك الوقت كأحد الحلول لمنع وصول السلاح الى المقاومة في غزة, حيث كان الاحتلال يخشى من تعاظم قدرات المقاومة بعد الانسحاب, لكن (اسرائيل) التي لم تتمكن من تنفيذ المشروع قبل عشرة سنوات تفتح عين الدهشة اليوم أمام قوة القرار وحجم العداء المصري لغزة.

أرئيل شارون رئيس حكومة الاحتلال السابق وصاحب القرارات الأقوى في تاريخ دولة الكيان عجز عن تنفيذ هذا المشروع رغم أن حكومته طرحت مناقصات وعطاءات لشركات هندسية لتنفيذ القناة المائية على محور فيلادلفيا في ذلك الوقت.

وقد أعلن الجيش الاسرائيلي في العام 2004 أنه يعتزم حفر " قناة"‏ على طول الممر بعمق ‏20‏ مترا وعرض ‏60‏ إلى ‏80‏ مترا على طول‏ "ممر فيلادلفيا",‏ والهدف من الخندق كما قالت (اسرائيل) هو منع الفلسطينيين من حفر انفاق لتهريب الاسلحة والمتفجرات‏.‏

واظهر مخطط نشرته صحيفة هآرتس في ذلك الوقت‏,‏ أن الخندق سيمتد على طول نحو‏ 15‏ كلم من سواحل المتوسط إلى كيبوتس كريم شالوم ‏(جنوب اسرائيل‏),‏ بمحاذاة الحدود المصرية‏,‏ على أن يتم ملؤه بمياه البحر‏,‏ ولن يعود من الممكن فيما بعد عبور هذه القناة الا من خلال جسور‏.‏

وستشكل كمية المياه الموجودة في القناة ضغطا هائلا على طبقة ما تحت الارض‏,‏ مما سيجعل أي نفق محفور تحتها مهددا بالانهيار‏، وسيستكمل المشروع بـ "جدار حماية‏"‏ يقام على مسافة من الخندق من الجانب الفلسطيني‏.‏

الكاتب والمحلل السياسي د. فايز أبو شماله أكد أن مشروع اغراق حدود رفح فكرة اسرائيلية نفذت بأيدي مصرية, وقد قال احد الصحافيين في صحيفة "اسرائيل اليوم" بالأمس "ما فكرنا به وخططنا له وخفنا من تنفيذه نفذه السيسي", معتبراً ان هذا الحديث يعكس قوة القرار من الجانب المصري.

وشدد على أن جعل قطاع غزة جزيرة محاطة بالماء للحيلولة دونها وحفر الانفاق هي فكرة اسرائيلية طرحت في عهد شارون وجرى مناقشتها في تلك الفترة في المستويات الامنية والسياسية لدى حكومة الاحتلال.

وأشار إلى أن ما منع الاحتلال من تنفيذها هو رفض المستشارين القانونين لدى حكومته والذين قالوا "في حال نفذنا المشروع سنتهم كيهود بأننا عنصريون نقتل شعب ونبيد أرض وسنحاكم يوما ما أمام المجتمع الدولي على هذه الجريمة كجريمة حرب بحق شعب".

وأوضح أبو شمالة أن الحكومة الإسرائيلية ومستوياتها القانونية رفضت في العام 2004 و2005 تنفيذ المشروع خشية المحاسبة الدولية, وتدّعي (اسرائيل) انها كانت اخلاقية في عدم حفرها لهذه القناة على حدود غزة نظراً لخطورتها البيئية.

والمفارقة أن شارون قال في حينه انه لن ينفذ المشروع دون استشارة القاهرة وموافقتها عليه, لكن اليوم انقلبت الصورة وباتت مصر تنسق مع الجانب الاسرائيلي لتنفيذ مشروعه بأيدي مصرية لا ترتعش وهي تغرق أشقائها الفلسطينيين.

وكان نظام مبارك يخشى من انفجار الغضب الشعبي ضده في حال نفذت اسرائيل المشروع, وهذا ما دفع مصر لمحاولة منعه كما يؤكد أبو شمالة حيث قال "نظام حسني مبارك في ذلك الوقت كان يخشى من الغضب الشعبي خاصة أن الوضع المصري كان قابلا للانفجار وخشي مبارك من اتهامه بحصار غزة وتسريع الثورة المصرية".

وتابع "كان النظام المصري السابق يغض الطرف عن ما يدخل الى قطاع غزة من سلاح ومساعدات إنسانية، وكان هدفه من ذلك الضغط على اسرائيل لإدخال المزيد من القوات الى سيناء وكي يظهر امام الشعب المصري بمظهر المتعاطف مع القضة الفلسطينية".

وأشار إلى أنه بعد الثورة المصرية وانحرافها عن مسارها وحالة التلجيم والتخويف التي يعيشها الشعب المصري بات نظام السيسي يحاصر غزة علانية, معتبراً أن من بعض أهداف حفر القناة جر غزة لاشتباك او أي عمل عسكري ضد مصر ليوظف ذلك لـ"التشنيع على الفلسطينيين" والمزيد من التهرب والتملص من مسؤوليات مصر اتجاه القضية الفلسطينية.

وتشير تقديرات إلى وجود تنسيق واتفاق بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والجانب المصري حول أهمية التخلص من أنفاق رفح، بل تقول بعض المصادر إنه عقب تفاهمات مع الجانب الإسرائيلي تحمس الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لتنفيذ هذا المقترح، وتنقل وسائل إعلام إسرائيلية عن قيادة أركان جيش الاحتلال قولهم: "إن العمل الذي يقوم به الجيش المصري في إغراق تلك الأنفاق هو خدمة لا تقدر بثمن".

وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد قال -خلال مقابلة أجرتها معه قناة "البلد" المصرية العام الماضي- إنه لم يترك مناسبة إلا وطالب بإغلاق الأنفاق سواء بإغراقها بالمياه أو ببناء سياج حديدي على الحدود، مؤكدا سعيه الحثيث لتدمير الأنفاق.

وقال عباس أيضا في المقابلة إن تدمير الأنفاق تمت المطالبة به منذ زمن على اعتبار أنها غير شرعية.

وهنا أكد أبو شمالة ان فكرة المشروع اسرائيلية وعباس نقلها للمصريين واقنعهم بها وهذا ما تفاخر به علنا في تصريحاته, موضحاً أن عباس نقل الفكرة عن الاسرائيليين ومصر حفرت القناة وهي تعلم أن (اسرائيل) راضية وأن الرئيس الفلسطيني لن يعترض او يشكو للمجتمع الدولي وبذلك فان مصر تعمل وهي مطمئنة بأنها بعيدة عن المسألة والمحاسبة.

البث المباشر