قائد الطوفان قائد الطوفان

قيادة موحدة لانتفاضة القدس.. آمال تقابلها تحديات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

الرسالة نت – محمود هنية

مع ازدياد لهيب المواجهة واحتدام الأحداث الجارية في ظل استمرار انتفاضة القدس التي دخلت اسبوعها الثاني، تبدو الجماهير الغاضبة يتمية في ميادين الاشتباك دونما مسار سياسي أو ميداني يوحد جهودها ويحدد أهدافها.

ومع أن الجماهير قد تجاوزت مبكرًا مسار الفصائل الفلسطينية وسبقت أثرها بكثير، إلا أن مسافات الزمن تبدو ضيقة في ظل غياب رؤية استراتيجية جامعة لادارة المشهد في الضفة، خاصة في ظل وجود خشية من تقدم مبادرات سياسية قد تسرق الانتفاضة او تحيدها عن مسارها الراهن.

وامام تعقيدات المشهد الميداني والسياسي بالضفة، تفرض الأحداث سؤالًا برسم السياسية حول امكانية تشكيل قيادة موحدة تقود الجماهير الفلسطينية تجاه مواقف واحداث موحدة تضمن توجيه مسارها صوب الاجماع الوطني، وتحميها من مسارات التسوية.

وبدت الاجابة على السؤال اكثر تعقيدًا رغم اجماع القوى السياسية على ضرورة تشكيل قيادة موحدة ودعوتها لتشكيل مرجعية سياسية وميدانية تحرك الجماهير الثائرة في الميادين المختلفة بالضفة والقدس المحتلة، إذ ان متطلبات التنفيذ تبدو شبه غائبة في ظل تناقضات وتحديات سياسية وميدانية.

حركة حماس تشاركها قوى اليسار وحركة الجهاد، كانت في باكورة الفصائل التي دعت لتشكيل هذه القيادة منذ وقت مبكر، منذ لاح في الأفق ارهاصات الانتفاضة، حيث اجمعت هذه الفصائل على ضرورة الاتفاق على القواسم السياسية المشتركة، الا ان هذا المسار يتعارض مع رؤية حركة فتح التي يتحفظ مستواها الرسمي على تصعيد الاحداث كيلا تصل لانتفاضة.

الشيخ حسن يوسف القيادي في حركة حماس، قال إن الفصائل قد شكلت ابان الانتفاضة الثانية لجنة "القوى الاسلامية والوطنية"، وكانت شبيهة بمرجعية وطنية عليا، غير أنها سرعان ما انهارت بعد الاحداث السياسية عام 2007م، لعوامل سياسية واخرى تتعلق بالاحداث الامنية.

ثم فرض التحدي الامني ذاته مرة اخرى على يد الاحتلال والسلطة معًا، من خلال ملاحقة نشطاء حماس في المناطق والقرى، حيث ضيق الخناق على دورهم، وفق يوسف.

وقال يوسف لـ"الرسالة"، إن الاتصالات عادت مجددًا ضمن هذه القوى منذ شهرين، الا ان المشاركة الميدانية والمناطقية الموحدة، تبدو صعبة في ظل الملاحقات الامنية من الاحتلال ورصدهم من قبل السلطة.

أمّا القيادي في الجبهة الشعبية عبد العليم دعنا، فقال إن تشكيل القيادة السياسية  الموحدة، هو امر في غاية الاهمية لو تم الاتفاق على برنامج وطني مشترك ولو في حده الادنى، فيما يتعلق بالمواجهة مع الاحتلال.

ويقول دعنا لـ"الرسالة"، إن هناك تصورات لدى بعض الفصائل حول اعادة تشكيل هذه القيادة، لكن معظم المشاركين في الانتفاضة اغلبهم لا ينتمون لتيارات سياسية، وان الاتفاق على برنامج وطني مشترك امر بحاجة لنقاشات معمقة وطويلة.

وتبدو التناقضات السياسية القائمة في الضفة احدى العوامل التي تحول دون تشكيل هذه القيادة، فالسلطة من جانبها تواصل تنسيقها الامني مع الاحتلال، وهو تحد امني يواجه القيادات الميدانية في المناطق  الثائرة بالضفة وقد يهدد بتسليم معظمهم ، وفق القيادي بحماس حسن يوسف.

ويكشف عن حادثة وقعت حول وجود اجتماع تم عقده بشأن بعض الامور العامة، الا ان جميع المعلومات التي تم طرحها كانت لدى الاحتلال.

ورأى يوسف أنه لا يوجد مواقف مشتركة بين المقاومة والسلطة، لعدم رغبة الاخيرة في تجاوز المربع الأمني، مؤكدًا ضرورة الاتفاق على حالة توافقية قائمة على أساس حماية المقاومة من الاحتلال.

أما حركة فتح، فرأيها منشطر بين قسمين الأول يتمثل في قاعدة تنظيمية ترى ضرورة استثمار الموقف الميداني للضغط على اسرائيل، وتدعو لتوسيع نطاق المواجهة في اكثر من منطقة، وهو رأي يميل اليه الشبان وقواعد التنظيم، وفق ما يعتقده القيادي في الحركة حسام خضر.

الا ان المستوى الرسمي فهو ينادي بوحدة وطنية وفق مقاسه، ضمن معطيات ورؤية سياسية يتبناها رئيس السلطة محمود عباس تستند على مناطقية جغرافية ، فهو يرى ان التوافق مع غزة وليس مع قيادة الضفة، ويرغب أن يكون الاتفاق سياسي يتعلق بامور داخلية وليس بامور وطنية تتعلق بالاحتلال، إذ أنه لا يزال يعتقد أن المسار السياسي ومعالجته حكرًا له وللمنظمة، وفق ما يعتقد النائب عن حركة حماس نايف الرجوب.

تحديات سياسية

سياسيًا، يعتقد محللون أن قيادات في السلطة الفلسطينية لا تزال قابعة في مربع الانقسام ويطغى عليها تفكير سياسي متعلق بهذه الاحداث، وهو عائق كبير في التقدم تجاه تشكيل قيادات سياسية.

ويقول عصام شاور المحلل السياسي، إن عدم تحقق الوحدة السياسية يقف حائلا تجاه تحقق هذه القيادة، منبهًا الى انه على مدار ثلاث انتفاضات لم تشكل هذه القيادة.

 ويعتقد شاور في حديثه لـ"الرسالة نت"، أن الخلاف الجوهري بين السلطة والفصائل حول مسار الانتفاضة يشكل عائقًا مهمًا كذلك، حيث أن السلطة لا ترى في الانتفاضة خيارًا بل تكتيكًا على عكس رؤية الفصائل لها.

وقال إن حركة فتح لن تشارك في انتفاضة تأخذ طابعا عسكريًا، وهو ايضًا تحد امني اخر يضاف الى سلسلة التحديات.

ويشاركه التقدير المحلل السياسي سميح حمودة، الذي رأى صعوبة تحقق ذلك في ظل تفكير ابو مازن على مواقفه السياسية، ويرى أن امكانية تحققه قد يكون صعبًا في ظل عدم قدرة حركة فتح مغاردة مربع تفكير عباس او مقدرتها على اجباره بتغير نهجه.

ويعتقد حمودة أن تشكيل القيادة الفلسطينية الموحدة لو تم فعلًا فلن تكون فتح جزءًا منها، ويمكن تشكيل قيادة تجمع الفصائل الاخرى.

غير أن المحلل السياسي عبد الستار قاسم يرى أن عباس لن يملك الكثير من الفرص لادارة المشهد وفق ما يرغب به، وان تشكيل القيادة الموحدة ستكون ممكنة لو اجمعت قوى المقاومة امرها على ذلك.

البث المباشر