تعيش دولة الكيان (الإسرائيلي) حالة أمنية أشبه بـ"الطوق" بسبب كثرة عمليات الطعن والدهس التي ينفذها الفلسطينيون وخصوصا في مدينة القدس.
ولم تشهد المدينة المقدسة اغلاقا للمحال التجارية ومعدلات سياحة متدنية كما يحدث حاليا، منذ احتلالها عام 1967، حيث يخشى التجار (الاسرائيليين) فتح محالهم كما يمتنع السياح عن القدوم للقدس في ظل تصاعد عمليات الطعن.
اقتصاديون أكدوا لـ"الرسالة" أن معدلات السياح تسجل أرقاما سلبية لم تشهدها مسبقا، في حين تعيش دولة الاحتلال في ظل ركود تجاري بسبب تخوّف التجار من الذهاب لعملهم.
تراجع التجارة والسياحة
بدوره، أكد المختص في الشأن الاقتصادي نصر عبد الكريم أن التراجع في الحركة التجارية (الاسرائيلية) بدأت منذ اليوم الأول للأحداث، مشيراً إلى أن كثيرا من الأفواج السياحية ألغت رحلاتها إلى (إسرائيل).
وعن القطاعات المتضررة بشأن انتفاضة القدس، ذكر عبد الكريم أن القطاع السياحي أكثر المتضررين ومن ثم التجاري فالخدماتي، مبيّناً أن حجم الضرر في اقتصاد الاحتلال يعتمد على تطوّر الانتفاضة واستمراريتها، "فالوقت مؤثر على الاقتصاد".
وقال: "في حال انتقلت الانتفاضة للداخل المحتل بشكل أكبر، فإن الضرر متضاعف والحركة ستنعدم، فالاقتصاد الاسرائيلي يدفع حاليا ثمنا لا يقل عن الثمن الذي دفعه في عدوانه الأخير على غزة".
وأوضح عبد الكريم أن الاحتلال يخشى انسحاب الشركات الكبرى من (إسرائيل) بسبب انعدام الأمن، لافتاً إلى أن هذه النقطة تمثل القلق الأكبر لها.
وأضاف: "لا ننسى الدور الذي تلعبه عملية مقاطعة الاقتصاد الاسرائيلي، الذي يقوم بشكل أساسي على التصدير، فإذا أمعن الاحتلال في القمع والاعدامات وبدا للعالم أنه يتعامل بوحشية مع الفلسطيني فسيكون تحرك دولي أكبر للمقاطعة".
وأفاد أن إسرائيل تبحث حاليا عن أسواق غير أوروبا لتصدير منتجاتها، مثل شرق آسيا حتى لا يتضرر اقتصادها بشكل كبير.
ويرى عبد الكريم أنه في حال استمرت الانتفاضة على حدتها القوية لمدة شهرين تقريبا، فإن معدلات النمو في دولة الاحتلال ستسجل أرقاما غير مسبوقة في الربع الأخير من العام الجاري، مما يكون له الضرر الكبير على عملة الشيكل (الإسرائيلي).
وتابع: "الضغط على الميزانية من خلال الانفاق العسكري الكبير سيؤدي لإضعاف أكبر لقيمة الشيكل، فالاحتلال بحاجة لأموال ضخمة لتغطية تكاليف تصديها لعمليات الفلسطينيين".
معدلات نمو سالبة!
وكسابقه، قال الباحث في الشأن الاقتصادي حسن الرضيع، إن استمرار الاحتجاجات الفلسطينية بهذه الوتيرة المتسارعة سيترتب عليه تأثيرات سلبية على الاقتصاد الإسرائيلي".
وأكد الرضيع أن حجم الخسائر (الاسرائيلية) حال استمرار انتفاضة القدس، ستفوق خسائرها المرافقة لاندلاع الأزمات المالية والاقتصادية العالمية وتحديدا أزمتي العام (1997 و2008).
وأضاف: "مجمل الخسارة الاقتصادية التي مُني بها الاحتلال في عامي 2001-2002 تفوق أضعاف خسارتها من الأزمة المالية العالمية عام 2008 رغم تأثيراتها الكبيرة على الاقتصاد العالمي كونها أزمة مالية تحولت لأزمة اقتصادية لا زالت آثارها مستمرة حتى الوقت الراهن".
ولفت إلى أن ما يُحدث في الأراضي الفلسطينية بالوقت الراهن من هبات واحتجاجات ذات طابع ثوري وشعبي سينعكس سلباً على الاقتصاد (الإسرائيلي)؛ مشيراً إلى أن استمرار أحداث الانتفاضة في الضفة القدس والداخل المحتل ستُلقي بظلالها على اقتصاد الاحتلال ككل.
وأوضح الباحث الاقتصادي أن زيادة عدد جنود الاحتياط وارتفاع موازنة الأمن وإعلان حالة الطوارئ سيؤثر على أداء الاقتصاد من حيث استمرار حالة الركود الاقتصادي وتراجع الأسواق وإغلاق العديد من المحلات التجارية وتحديدا في مدينة القدس.
وأشار إلى أن الناتج الاجمالي لـ(إسرائيل) يشهد تباطؤاً خلال الأسبوعين الماضيين بسبب تراجع مستويات السياحة وانخفاض أداء بورصة تل أبيب, وبالتالي فإن تأثيرات الانتفاضة الراهنة على اقتصاد الاحتلال تفوق بأضعاف مضاعفة لخسائره أثناء العمليات العسكرية في قطاع غزة ولبنان، وفق الرضيع.
ويتفق الباحث الاقتصادي مع سابقه، في أن تفاقم الأوضاع الأمنية في الضفة والقدس واتساع بقعة الزيت سيؤدي لمعدلات نمو اقتصادي سالبة للربع الأخير من العام 2015 .
وتعيش القدس والضفة والداخل المحتل أوضاعا متوترة منذ أكثر من أسبوعين بسبب اقتحامات قطعان المستوطنين المتكررة، والاعتداءات على الضفيين، ما حذا للشبان الفلسطينيين لتنفيذ عمليات طعن ودهس.