قائد الطوفان قائد الطوفان

التضخم الوظيفي..هل يكرر أخطاء سابقة؟

ديوان الموظفين: نعلن عن شواغر والأزمة ستتفاقم بعودة المستنكفين

دراسة: يجب السعي لتقليص أعداد الموظفين وتدويرهم من العسكري للمدني

اقتصاديون: المشكلة قديمة وعودة المستنكفين توجب عدم التوسع في التوظيف

غزة-لميس الهمص-الرسالة نت

شكل التضخم الوظيفي في الوزارات الحكومية عبئا على كاهل السلطة على مدار السنوات الماضية ، ومثل الاستنكاف بداية العام الماضي مفصلا في ذلك التضخم حيث اضطرت الحكومة لسد شواغرها ، وعلى ما يبدو أنه في حال عودة المستنكفين ستكتظ الوزارات بأعداد هائلة من الموظفين يجب إيجاد حل لقضيتهم.

وكبد استنكاف الموظفين القطاع الحكومي خسائر مالية قدرت بخمسمائة وخمسة وتسعين مليون دولار سنويا.

فاتورة باهظة

كشفت دراسة فلسطينية, عن حجم الخسائر المالية التي تعرض لها القطاع الحكومي, نتيجة استنكاف الموظفين في قطاع غزة, والتي قدرت بـ " 595 " مليون دولار سنوياً.

وكانت الدراسة التي أعدها ديوان الموظفين بعنوان " الخسائر المالية الناتجة عن استنكاف الموظفين في القطاع الحكومي أوضحت أن عمليات التعيين جاءت في مجملها لاعتبارات بعيدة عن المهنية, خاصة مع نهاية العام 2006م, وما ترتب عليه من توظيف " 29325 " موظف بنسبة زيادة " 10% " وبواقع " 4327 " موظف على الكادر المدني, و " 24998 " على الكادر العسكري, والتي تقدر نسبتهم المئوية " 3.6%, 40.6% " على التوالي.

وذكرت أن الخسائر المالية التي تتعرض لها السلطة الوطنية الفلسطينية, جراء عملية الاستنكاف تتمثل في قيام حكومة رام الله بدفع الأجور للموظفين المستنكفين والتي تصل إلى " 382 " مليون دولار سنوياً, وما يترتب عليه من دفع الحكومة في غزة أجور الموظفين في القطاع والتي تبلغ نحو " 180 " مليون دولار سنوياً , إضافة إلى الخسائر الضريبية المباشرة والتي تصل إلى " 33 " مليون دولار سنوياًَ.

وناقش د. عماد لبد في دراسته تطور أعداد الموظفين لدى مؤسسات السلطة, عقب تنفيذ قرار الاستنكاف, وما ترتب عليه من تكلفة في الأجور والرواتب الخاصة بهم, إضافة إلى الإيرادات المحلية للسلطة, والتي تم التوقف عن تحصيلها نتيجة للاستنكاف.

وحذر من افتقار مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة, لقاعدة بيانات حديثة تخدم عملية التخطيط وعزز من فرص اتخاذ القرار, منتقدة استناد عمليات التعيين على أسس غير موضوعية.

الحاجة تحكم

الدراسة التي دعت إلى الاهتمام بمجال التخطيط المالي, وبناء قاعدة بيانات عصرية في قطاع غزة تمثل جزءاً من قاعدة البيانات الوطنية العامة, مع إيقاف حركة التوظيف بشكل كامل في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية, ودعم القطاع الخاص مما يساهم في استيعابه للعمالة الفلسطينية.

علق د. محمد المدهون رئيس ديوان الموظفين على الدراسة بقوله: غالبية الإعلانات التي أعلن عنها ديوان الموظفين مؤخرا هي لمستويات إدارية مرتفعه كرؤساء أقسام ومدراء، مبينا أن الديوان لا يعلن عن وظائف إلى في حال وجود شواغر لضمان سير العمل.

""

وأوضح أن المشكلة الحقيقة ستكون في حال الوصول للاتفاق وعودة المستنكفين هنا ستصبح مشكلة التضخم، مشيرا إلى عرض بعض الحلول لتلك القضية بالتقاعد المبكر وبعض الأفكار الإضافة، معتبرا أن القضية تحتاج لحل سياسي.

وتحدث المدهون أنهم وللتغلب على مشكلة التضخم يعملون على توجيه الخرجين للقطاع الخاص عن طريق دورات وتدريبات يقوم بها الديوان لكن المشكلة تكمن في الحصار الذي عطل فرص استمرارا المشاريع الصغيرة لاحتياجاتها للمواد الخام المفقودة في القطاع.

وحول شكوى موظفين قطاع التعليم عن تدني رواتبهم فبحسب المدهون فإن الديوان قدم مقترح لرئاسة الوزراء لرفع رواتب المعلمين، نافيا أن تكون رواتب الموظفين في الضفة الغربية أعلى من غزة كون الرواتب يحكمها كادر واحد في غزة والضفة ، منوها إلى أن معلمي غزة حصلوا على مكرمة من رئيس الوزراء بإضافة 5% إلى رواتبهم.

وذكر المدهون أنهم ومن خلال الدراسة يضعون أيديهم على مواطن الداء ليتم مناقشته بشكل علني ومفتوح ويقدم له النقد والتعديل، منوها إلى إن الدراسة هي إضاءات يراد تحويلها إلى واقع العمل والتنفيذ، مشددا على أن المطلوب هو ترجمة التوصيات التي خرجت بها الدراسة إلى واقع العمل وإسقاطها على أرض الواقع كي توضع الحلول للمشكلات الناجمة عن الاستنكاف.

وشدد على أن أهم العراقيل التي واجهت الأداء الحكومي خلال الفترة الماضية موضوع «استنكاف الموظفين» الذي اعتبره بأنه معادلة غريبة وعجيبة قلبت المعايير والقيم في مجتمعنا وأثرت على الاقتصاد والنفقات بشكل كبير جدا، مشيرا إلى أن قضية الاستنكاف حملت أبعاداً سياسية لها علاقة بأمريكا وإسرائيل.

مراعاة المستنكفين

أما د. معين رجب الخبير الاقتصادي فقد ذكر أن هذه المشكلة تظهر بين فترة وأخرى بسبب حجم البطالة المرتفع وقدرة السوق المحدودة على استيعاب الخرجين فيتجهون للجهاز الحكومي على أمل الحصول على وظائف حيث يتمتع بقدرة أكبر على الاستيعاب.

""

وأكد رجب أن القضية تكمن في الحاجة الفعلية للموظفين في  القطاع الحكومي كون البطالة المقنعة الموجودة داخل الوزارات تؤثر سلبا على الأداء وتضعفه ، مشيرا إلى أنه لم يتم التعامل مع قضية التضخم الوظيفي بشكل شامل بدراستها من كافة جوانبها والبحث عن الأماكن التي يوجد بها تضخم والأماكن التي تعاني من قلة الموظفين.

وبحسب رجب فإن هناك خلل عام فيجب بحث القضية من كافة جوانبها والاستفادة من الموظفين المكدسين في أماكن أخرى فارغة.

وهذا ما توافق مع الدراسة حيث طالب الباحث بتدوير الموظفين من الكادر العسكري إلى نظيره المدني عقب تأهيلهم, ونقلهم إلى وزارتي الصحة والتربية والتعليم, مع إعادة النظر في سلم الرواتب, وإعطاء الأولوية لمنظومة التعليم من حيث سلم الرواتب والتي تعد أكثر الفئات تدنياً في مرتباتها.

وأكدت الدراسة على ضرورة إعادة التقييم الشامل لكافة ملفات الموظفين في السلطة الوطنية الفلسطينية, والبحث عن البدائل المناسبة سعياً وراء تقليص عدد الموظفين كإطلاق برنامج التقاعد المبكر دون المس بالحقوق الوظيفية.

وشدد رجب على ضرورة أن يتضمن الإعلان عن وظائف شاغرة على مهام محددة في الوصف الوظيفي ويكون لها مبرر واعتماد مالي، مطالبا الجهاز الحكومي باستيعاب الباحثين عن العمل الحر كون القطاع الخاص له دوره في تشجيع النشاط الاقتصادي لذلك يجب منحه التراخيص اللازمة وإقامة مشاريع جديدة توظف أعداد إضافية من العاطلين.

وقال :"لاشك أننا نعيش في القطاع بوضع استثنائي ونشهد حالة استنكاف وموظفين يحصلون على رواتب بدون عمل وهذا يزيد من الأعباء الاقتصادية لكن يجب مراعاة أماكينة الحل وعودة الموظفين في طلبات التوظيف الجديدة ووضع هذه القضية في الحسبان وعدم التوسع في توظيف العاملين.

دعوة للتنظيم

من جهته قال المحلل الاقتصادي نبيه النونو: إن مشكلة التضخم الوظيفي كانت أمر ملحوظ مع بدايات السلطة فكان التعين بطريقة أكبر من الاحتياجات والتضخم كان يزداد عام بعد عام لكن التوجه للقطاع الخاص هو أمر غير منطقي في المرحلة الحالية بسبب الحصار ونقص المواد الخام فمعظم الشركات توقفت مما ذاد البطالة والإقبال على الوظيفة الحكومية .

ويتابع هناك محاولات من أكثر من طرف سواء فردية أو مؤسساتية لتشجيع المواطنين على العمل الحر من خلال بعض المشاريع الصغيرة  التي تعتمد على المواد الأولية الموجودة داخل القطاع ما يدفع عجلة الاقتصاد ويؤدي للاستغناء عن الوظيفة الحكومية .

وحث النونو على الإطلاع على مدى الاحتياجات الفعلية قبل الإعلان عن وظائف شاغرة وأن تكون ضمن نطاق الموازنة ، مبنيا أن من أهم الحلول التي أتخذها ديوان الموظفين لعدم إحداث تضخم حال عودة المستنكفين هو بند العقود المؤقتة بالرغم من أنها لا تشعر الموظف بالاستقرار .

أما الدراسة فقد أوضحت أن نسبة الأجور التي تدفعها السلطة لموظفي الوزارات الذين ما زالوا على رأس عملهم تصل إلى (14.2%) من إجمالي الأجور, وهو ما يعني تلقي (43250) موظفا من أصل " 78000 " موظف يتلقون أجورهم دون مزاولة أي عمل, وذلك طبقاَ لإحصائيات العام 2007, وهو ما يوضح أن السلطة تقوم بدفع رواتب تقدر بـ " 368 " مليون دولار دون إنتاجية في العمل.

وأضافت أن الأجور التي تدفعها الحكومة في غزة, طبقاً لفاتورة شهر 12/2008 تصل إلى " 15 " مليون دولار شهرياًَ وهو ما يعني أن المعدل السنوي الذي تدفعه يصل إلى (180) مليون دولار سنوياً.

وشدد الباحث على أهمية تطبيق قانون الخدمة المدنية فيما يتعلق بمنع ازدواجية العمل الرسمي, والعمل على تواصل عملية الإصلاح الإداري والمالي في مؤسسات السلطة والتأكيد على أهميته, وإعادة التنظيم الإداري والمالي بين هذه المؤسسات في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ودعت إلى إعادة التنظيم الإداري والمالي بين مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية, مع التأكد على دفع الأجور لمستحقيها فقط, بما يعود بالنفع على المصلحة العامة.

من جانبه تحدث النائب يحيى العبادسة مسئول لجنة الرقابة في المجلس التشريعي أن من مهامهم مراقبة الوظائف العامة لكن الواقع الفلسطيني والانقسام الحاصل يفرض نفسه فيجب تسير الوظيفة العامة لقضاء حاجات المواطنين ومن هنا جاء التوظيف بدلا عن المستنكفين  .

""

وذكر أن أعداد الشرطة الحالية هي أقل من المطلوبة وأقل بكثير مما كانت عليه سابقا فالحصار عطل كل المحاولات لتسير القطاع كما دمر القطاع الخاص فلم يتبقى أمام المواطنين سوى القطاع العام.

وأوضح العبادسة أن وضع غزة استثنائي فلا يوجد موازنات ولا يسير وضعها بحسب القانون لعدم تعاون البنوك وعدم معرفة موارد ثابتة يمكن من خلالها تدوير الأموال كل تلك إشكالات تقف عائقا في القطاع.

ويبقى السؤال مطروحا, في حال عودة الكم الهائل من المستنكفين الى عملهم .. كيف ستحل حكومة الوفاق –اذا حدثت مصالحة- مشكلة الازدواجية بين الموظفين العائدين والجدد , مع التضخم الوظيفي.

 

 

البث المباشر