دومًا ما تصوّر السينما العالمية شخصيات كرتونية خارقة القوى مثل "باتمان، وسوبر مان" بأنّها تحارب الشر وتناصر الحق، لكنّ انتفاضة القدس أرسلت اشعاراتٍ للشاب الفلسطيني بلال أبو ظاهر، ليجسد واقعًا ينطبق على أرض فلسطين.
في إحدى الأيام؛ جلس أبو ظاهر (20 عامًا) أمام شاشة التلفاز يشاهد أبشع المجازر (الإسرائيلية) بحق أبناء شعبه، "طفلٌ يعدم بدمٍ بارد، وآخر يقنص من برج مراقبة، وعجوزٌ يفترض الأرض مختنقًا بالغازات السامة، وفتاة تُضرب ويخلع حجابها..الخ"، وفي ركنٍ آخر انتفاضة شبابٍ يقاومون بأبسط الإمكانيات متمثلة بالحجارة.
عاد أبو ظاهر أدراجه إلى صديقٍ مقرب منه، واحتدم النقاش في المواجهات الدائرة بالأراضي الفلسطينية، ومدى مقدرة الحجر على بث الرعب في قلوب "الجيش الذي لا يقهر"، حتّى لمعت في ذهنه فكرة، "وكأنّ الحجر من يد الطفل الفلسطيني تحمله قوى خارقة فترعبهم". وفق قوله.
أسرع متجهًا نحو جهازه المحمول، وشاهد ألبومًا من المواجهات مع الاحتلال، حتى تملّك صورة شابٍ ملقيًا حمم حجارته نحو جنود الاحتلال، وكأنّه طائرٌ من شدّة غضبه الذي نقل شحناته إلى الحجر.
"شاهدت صورة الشاب وهو طائرٌ أثناء إلقاء الحجارة، فتذكرت المسلسل الكرتوني سوبر مان حينما يساعد أصحاب الحق على هدفهم، وفورًا باشرت بعملية المونتاج"، يقول أبو ظاهر، ويوضح لنا أنّه خرج بأوّل تصميمٍ يعبّر عما دار في خلده.
كانت أولى إنجازات أبو ظاهر صورة لسوبر مان يحمل شابًا فلسطينيًا، ويساعده على توصيل حجره إلى جنود الاحتلال لتوقع الأذى "نفسيًا ومعنويًا" في صفوفهم، وعقب انتهائه، طلب من أصدقائه تعقيبًا، فما كان جوابهم إلّا "إنّك تخدم الانتفاضة بما تملك، استمر.. فمن يمينك ينهمر الرعب".
واصل العشريني رسوماته مجسدًا رعب الاحتلال من "حجر طفل "، وإصرار الفلسطيني بانتزاع حقّه بأبسط الإمكانيات المتاحة.
وفي حديثه مع "الرسالة" عقّب على رسوماته بالقول: "نحن الحقيقة الجارحة في صميم المتجبر اللئيم.. ورسوماتي تجسد واقعًا لا خيال، وهذا ما نراه في عيون الاحتلال من رعب".
تعرّض أبو ظاهر للنقد نتيجة تشبيه الفلسطينيين بقوى خارقة، شارحًا: "من انتقدني اعتقد بأنني أقلل من قوّة الفلسطيني، ولكن لو لم يحرم ربي تشبيههم بالأنبياء لما توانيت في تجسيدهم بهذه الصورة".
ويتعهّد العشريني أن ينقل صورة الفلسطيني بقوّته، لا سيما أبناء مدينته رام الله بالضفة المحتلة، خاتمًا حديثه: "سوبرمان وباتمان والشخصيات الخارقة الأخرى، هُم خيال وليسوا حقيقة، أما نحنُ الحقيقة التي تدغدغ الخيال بأبطال يفخر بهم التاريخ والضمير الثوري".