لم يكن مجرد قبلة للشعراء العرب أو محطة ثقافية للمفكرين بل تعدى ذلك بكثير حيث يعد حي الشيخ جراح بالقدس من أكثر البلدات ارتباطًا بالتاريخ الاسلامي والهوية الفلسطينية لمكانته ومن مروا به أو سكنوه.
هو بوابة القدس كما وصفه "للرسالة نت" يعقوب عودة مراقب حقوق الانسان والسكن بجمعية الدراسات العربية في القدس كون الحي يقع وسط الأحياء العربية التي تشكل الدائرة الأولى حول البلدة القديمة للقدس منبهًا بأنه إذا اقاموا البؤرة الاستيطانية والمخططات في الشيخ جراح سيتم اغلاق القدس بذلك.
تضييق وتهويد
سنوات طويلة من خوض المعارك القضائية في المحاكم الاسرائيلية تعرضت خلالها العائلات هناك لكافة أشكال التضييق، ولخص عودة أبرز التحديات التي واجهت السكان هي الإخلاء من بيوتهم ومضايقتهم باعتداء أفراد الشرطة عليهم وحماية المستوطنين خلال الاستيلاء على منازل المقدسيين مؤكدًا بأنه لا وجود اثبات لملكية الاحتلال للأراضي.
وأشار المراقب بجمعية الدراسات العربية بالقدس الى أن (إسرائيل) تسعى دوماً لتزوير الحقائق للسيطرة على منازل المقدسيين بالشيخ جراح فهي القاضي والجلاد على حد تعبيره.
قلبنا صفحات التاريخ مع عودة حيث بين بأن عدد العائلات في الحي كان 28 عائلة أخرجوا حوالي 13 عائلة منها كالكرد، وحنون، والغاوي، استقر المستوطنين في بيوتهم ولا يزال هناك آخرون مهددين بالطرد ونزع الملكية.
وفي السياق يقول عودة:" اليوم القضية قضيتين الأولى هي لـ 63 عائلة تقيم بما يسمى إسكان الشيخ جراح والثانية لأم هارون في الجزء الغربي الشيخ جراح وهي عبارة عن 34 وحدة سكنية وقف إسلامي أخرجوا منها عائلتين، هذا عنق الزجاجة بالنسبة للحي".
مشروع إسكان أهالي حي الشيخ جراح بدأ عام 1954 عندما قامت الحكومة الأردنية في ذلك الوقت بتقديم الأرض لوكالة الغوث التي عملت على بناء ثمانية وعشرين وحدة سكنية مقابل أن يقوم المهجرون بتسليمهم كروت المؤن التي يملكونها للوكالة كما نبه الى ذلك عودة.
أيقونة للثقافة وعبق التاريخ
شكلت تلك البقعة الواسعة من القدس أيقونة للأدب ومحطة للثقافة العربية حيث كتب الشاعر العراقي معروف الرصافي عنها "وكان فيها النشاشيبي يسعفني وكنت فيها خليلا للسكاكيني" عندما نزل ضيفًا في قصر أديب العربية اسعاف النشاشيبي بالشيخ جراح، كما حط الشاعر بشارة الخوري (الأخطل الصغير)، وحافظ إبراهيم (شاعر النيل) رحالهما هناك.
"الحي يمثل العمارة المقدسية والإسلامية والتراث الشرقي" وفيه بيت الحاج أمين الحسيني الذي استولى عليه المستوطنين وأقاموا فيه مستعمرة سكانية لهم.
لم نغفل السؤال عن سبب تسمية الحي بالشيخ جراح والتي علمنا بأنها نسبة الى الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، طبيب صلاح الدين الأيوبي بحسب سامر صيام مدرس علوم مقدسية.
ويقول صيام في حديثه "للرسالة": "الحي الواقع الى الشمال من البلدة القديمة في القدس الشرقية، يسكن فيه حوالي 2,800 فلسطيني، ويضم مقار العديد من البعثات الدبلوماسية ومعالم معروفة، مثل بيت الشرق، وفندق الأمريكان كولوني والمسرح الوطني الفلسطيني.
جهود حثيثة ما فتئت تبذلها جماعات المستوطنين الإسرائيليين في السنوات الأخيرة من أجل السيطرة على الأراضي والممتلكات لإقامة مستوطنات جديدة لموقع حي الشيخ جراح الاستراتيجي، الا أنه يحاول ضمد جراحها في ظل انتفاضة القدس بعد اشتداد حدة المواجهات والاشتباكات لدعم ومساندة أهالي الحي والتي وصلت احداها على عملية طعن نهاية أكتوبر الماضي أسفرت عن إصابة مستوطنين وروى الشهيد دماء أرض الشيخ جراح معلنًا بذلك رفضه التهويد وحالة القهر لسنين.