لا تزال انتفاضة القدس مستمرة للشهر الثاني على التوالي وستدخل في شهرها الثالث، وحتى اللحظة لم يستطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يوقف الشباب الفلسطيني الثائر ضد الاحتلال وجرائمه بحق الفلسطينيين.
ويرى مراقبون أن نجاح مسار انتفاضة القدس حتى اللحظة أثر بشكل كبير على الرأي العام الإسرائيلي، كما أثر على قيادات الاحتلال بشكل خاص وجعلها تتخبط في اتخاذ القرارات -التي تدعي انها رادعة- لتأتي بتأثير عكسي فتزيد من مستوى الانتفاضة.
ولم يقتصر نجاح الانتفاضة على تخبط الاحتلال في قراراته بل دفع عدد منهم إلى انتقاد بعضهم، وتحديدا نتنياهو الذي فتح عليه كبار القيادات الاسرائيلية ومعارضيه النار، واتهموه بالفشل الذريع في التعامل مع الانتفاضة أو حتى التقليل من حدتها.
وجاءت آخر التصريحات المهاجمة لنتنياهو من رئيس حزب اسرائيل بيتنا افيغدور ليبرمان الذي وصف سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي في التعامل مع انتفاضة القدس الحالية بـ"الكارثية".
في حين قال وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينتس إن الحكومة الحالية لم تنجح بعد في اجتثاث ما أسماها "موجة الارهاب" الحالية بشكل مطلق. منوها إلى أنه لا يوجد حلول سحرية للقضاء على العمليات الفردية أو وأد الانتفاضة.
مأزق وخلاف عميق
وتحدث المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور صالح النعامي عن وجود مأزق بين الجيش الإسرائيلي والحكومة بشأن الانتفاضة، بعد حديث الاعلام الإسرائيلي عن خلاف عميق بينهما، حيث أن الجيش يرى أن العقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين لها نتائج عكسية بخلاف ما تراه الحكومة بقيادة نتنياهو.
وفي أول هجوم له على نتنياهو منذ الانتفاضة، وصف رئيس حزب "هناك مستقبل" وعضو الكنيست الإسرائيلي يائير لبيد، نتنياهو بـ "العاجز عن مواجهة فتاة قاصر عمرها 14 عاما تحمل بيدها مقصا".
وقال لبيد حسب ما نقلت صحيفة معاريف العبرية، "انهم يطعنوننا بالسكاكين في الشوارع، وهناك المزيد من حوادث الدهس، ورئيس الوزراء الذي يصف نفسه بسيد الأمن لا يملك أي فكرة لوقف الوضع الحالي المخيف"، على حد تعبيره.
احباط إسرائيلي
ومع اتهام نتنياهو بالفشل في وأد الانتفاضة او التخفيف من حدتها، يتحدث كتاب ومفكرون إسرائيليون عن حالة الإحباط التي تسود الجانب الإسرائيلي. ويقول المفكر الصهيوني يوسي كلين: ماذا لم نفعل لوأد الانتفاضة، قمعنا يعود سلبا علينا نحن كملاكم يسدد ضرباته في الهواء، فيما يرى معلقون صهاينة آخرون أنه لا يمكن ردع مقاوم فلسطيني يعرف أنه لن يعود حياً.
وهنا يعلق المختص في الشأن الإسرائيلي سعيد مضيه في حديث "للرسالة نت" أن الهجوم على نتنياهو جاء نتيجة حالة الاحباط التي وصل إليها عدد كبير من قادة الاحتلال، جراء عدم مقدرة (إسرائيل) على ردع الفلسطينيين أو وأد الانتفاضة كما كان متوقع.
ويتوقع مضيه أن يشتعل الخلاف أكثر في أروقة الاحتلال إذا ما استمرت وتيرة الانتفاضة على حالها أو تطورت إلى أبعد من ذلك.
ولا يستبعد مضيه أن تزداد حدة الخلافات بين نتنياهو تحديدا وأعضاء من الكنيست أو وزراء من حكومته أو حتى معارضيه، الذين انتقدوه في أكثر من مناسبة منذ بدء الانتفاضة، ويشبهون فشله في إدارة الأحداث الحالية بفشله في العدوان الأخير على قطاع غزة، الذي لم ينجح في إثبات نظرية قوة الردع الإسرائيلية في الحالتين.