رغم بدء تكشف خيوط الجريمة شيئا فشيئا، إلا أن سلطات الاحتلال لا تزال تتكتم على جريمة عائلة دوابشة وتفاصيلها والمتهمين في ارتكابها.
وكان مجموعة من المستوطنين الصهاينة أقدموا على حرق منزل عائلة دوابشة في بلدة دوما بنابلس قبل أربعة أشهر تقريبا، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة من أفراد العائلة (الأب والأم والطفل على)، وبقي من العائلة الطفل أحمد فقط، الذي ما زال يرقد في مستشفى "تل هاشومير" يتلقى الرعاية الصحية والنفسية إلى حين شفائه التام.
وتحدثت القناة العبرية الثانية، عن تطورات جدية طرأت على "قضية أمنية" عصفت مؤخرا بإسرائيل، فيما رجحت مصادر أن تكون القضية متعلقة باعتقال منفذي جريمة قتل عائلة دوابشة.
وعقب تلك المعلومات الواردة، تقدم نواب عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة العربية المشتركة في الكنيست (الإسرائيلي)، د. باسل غطاس ود. جمال زحالقة وحنين زعبي، التماسا ضد وزير الأمن (الإسرائيلي) موشيه يعالون والمستشار القضائي للحكومة، يطلب من المحكمة إجبارهم على تقديم مرتكبي جريمة عائلة دوابشة للمحاكمة فورًا، دون أي تأخير.
ويأتي ذلك في أعقاب الكشف عن احتجازهم لدى سلطات الأمن إثر تسريبات نسبت ليعالون بهذا الصدد، حيث أدلى بتصريحات متعلقة بالقضية حول ما وصفه بـ "الصعوبات القانونية والاستخباراتية"، التي تحول دون تقديم المسؤولين عن العملية للمحاكمة.
وهنا يقول النائب العربي في الكنيست د. باسل غطاس، إن الأمن (الإسرائيلي) يقدم حججا واهية بخصوص الكشف عن مرتكبي جريمة دوابشة، لعدم تقديمهم للمحاكمة.
ويضيف غطاس في حديثه "للرسالة"، إننا طالبنا بتحقيق مبادئ العدل الاساسية وتقديم المجرمين للمحكمة، وجلبهم لنيل العقاب.
مهلة 20 يوما
وثاني يوم من تقديم الالتماس، أصدرت محكمة العدل العليا (الإسرائيلية) قرارًا بشأنه، حيث أمهلت كلا من المستشار القضائي للحكومة ويعالون، الرد على الادعاءات التي جاءت في الالتماس، حتى موعد أقصاه 20/12/2015، من تاريخ صدور القرار 1/12/2015.
وأشار غطاس إلى أن تقديم الالتماس يضع الاحتلال في موقف محرج، ما دفعهم للتحرك السريع، والكشف خلال أيام عن ملابسات الجريمة.
ويؤكد غطاس أن كل قضايا قتل الفلسطينيين بأيدي المستوطنين يحدث تلكؤ من سلطات الاحتلال في الكشف عن مرتكبيها وتتصرف بتسامح تجاههم على عكس التعامل مع الفلسطينيين الذين ينفذون العمليات ضد المستوطنين.
وتابع: "نعمل على فضح جرائم الاستيطان والمستوطنين بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وهذا الالتماس يأتي ضمن هذه الجهود، التي بالرغم من محدودية تأثيرها السياسي، إلا أنها ستساهم في الضغط على المؤسسة (الإسرائيلية)، وقد تثبت تواطؤ (إسرائيل) الرسمي مع جرائم المستوطنين وتسترها عليهم، بغض النظر عن الاعتبارات الاستخباراتية التي تطرق إليها يعالون، كذريعة تحول دون استنفاد المسار القضائي".
وفي جريمة (إسرائيلية) أخرى مشابهة لعائلة دوابشة، أدانت محكمة الاحتلال المركزية في القدس متهمين قاصرين، بتهمة قتل الفتى محمد أبو خضير بالحرق والتعذيب، بعد مماطلة لعام كامل، فيما لم تدن يوسف حاييم بن دافيد -المتهم الرئيسي في القضية- بالقتل بسبب حالته النفسية، مع التأكيد على اشتراكه في الجريمة، لكن التقييم النفسي الذي قدمه محاموه منع إدانته ووضعه في السجن.
وبيّن الالتماس الذي تقدم به النواب، أن ادعاءات يعالون الأخيرة حول عدم وجود بيّنات كافية لتقديم الجناة للمحاكمة تتعارض مع أقواله السابقة، حول اعتقال المنفذين وعدم قدرة السلطات على محاكمتهم والكشف عن هويتهم، خوفًا من المس بالمعلومات الاستخباراتية، حيث جاء في الالتماس أن الأجهزة الأمنية وجهاز الشاباك على علم ودراية كافية بحيثيات القضية وملابساتها، ما يدحض ادعاء عدم وجود أدلة كافية.
تعطيل قضائي
وقُدم الالتماس استنادًا إلى عدة ادعاءات قانونية، أهمها المساواة أمام القانون وضرورة تدخل المحكمة بقرار المستشار القضائي والنيابة بعدم تقديم لوائح اتهام ضد المشتبهين أو المحتجزين، والذي يعتبر قرارًا غير منطقي بشكل سافر.
إضافة إلى أهمية اللجوء إلى المسار القانوني الجنائي، عبر تقديم لوائح اتهام عوضًا عن تنفيذ اعتقالات إدارية بشكل احترازي وسري.
ومن الناحية القانونية، شدّد المحامي علاء محاجنة -المطلع على حيثيات القضية والمشارك في تقديم الالتماس- أنه لا يعقل ألا يتم تقديم الجناة للقضاء بعد انقضاء 4 أشهر كاملة على تنفيذ الجريمة، وأن هذه الوضعية حتمًا ما كانت لتحدث لو أن المجني عليهم كانوا يهودًا.
في حين أضاف المحامي خالد تيتي أنه من غير المعقول أن تتم "معالجة" هذه القضية بالذات، في سراديب الأجهزة الأمنية (الإسرائيلية)، بعيدًا عن الأنظار والإعلام، والمس بحق الجمهور في معرفة تقدم التحقيق في الجريمة.