رامي خريس
ارتقى إلى العلا ضحية جديدة جراء الممارسات التي تنتهجها أجهزة الأمن المصرية في تعاملها مع المواطنين الغزيين المحاصرين ، فانتقلت روح الصياد محمد البردويل إلى بارئها بعد أن داس زورق للبحرية المصرية قارباً صغيراً يبحث عن رزقه من أسماك البحر فأغرقه وأغرق صاحبه أمام أعين نجل الضحية الذي سمع بأذنيه صرخات والده قبل أن تمعن أجهزة الأمن في جريمتها وتتأكد من إجهازها على الضحية .
المعتقلون يتحدثون
هذه كانت آخر الجرائم المرتكبة ضد الغزيين المحاصرين ، وقبلها نفذت أجهزة الأمن المصرية جرائم تفوق ما ارتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي ، سرد بعضها قبل أيام ستة أشخاص أطلقت السلطات المصرية سراحهم بعد عدة أسابيع من الاعتقال والتعذيب في أقبيتها.
كان أحدهم درويش الغرابلي من خان يونس الذي تحدث باستفاضة عن الأيام المرعبة والليالي التي كانت سوداء أمام عينيه اللتان لم تريا النور لما يزيد عن الخمسين يوماً.
صعق بالكهرباء وضرب وشبح وسب وشتم وغيرها من وسائل التعذيب لاقاها الغرابلي وزملائه في السجن المصري ، بل قال ان المحققين كان يتجرؤون على الله وأسهل شيء كان عندهم هو سب "الذات الإلهية" .
واستنتج الغرابلي أن المعلومات التي حاول محققو جهاز أمن الدولة المصري انتزاعها منه هي لصالح المخابرات الإسرائيلية ، لاسيما انه لاحظ أن أقواله كان يجري إدخالها مباشرة إلى جهاز الحاسوب .
الكثير الكثير الذي تحدث به الغرابلي حول ما رأوه من لحظات قاسية لم يتوقعوها منذ وطأت أقدامهم ارض القاهرة في طريق عودتهم إلى غزة ، والنتيجة التي خرج بها أنه من الأسهل له اجتياز حاجز ايرز من عبور مصر.
ويعد الغرابلي واحداً من مئات عشرات الفلسطينيين الذين اعتقلتهم أجهزة الأمن المصرية خلال الفترة الماضية وأطلقت سراح عدد كبير منهم بعد التحقيق معهم وتعذيبهم ، ومنهم استشهد أثناء تعذيبه وصعقه بالكهرباء كيوسف أبو زهري ، وآخرين لا يزالون يقبعون في أقبية تحقيق وسجون الأمن المصري مثل معتصم القوقا وأيمن نوفل.
الشقيقة الكبرى
وإذا كان التعذيب الجسدي يطال بعضاً من الفلسطينيين في السجون المصرية فإن السلطات في القاهرة تعذب آلاف الفلسطينيين عبر إغلاق المنفذ الوحيد الذي يربطهم بالعالم "معبر رفح" ، وتصر على استمرار إغلاقه برغم كل المناشدات الدولية التي طالبت بفتحه وتخفيف معاناة الغزيين.
ومع كل الممارسات الصادرة من أجهزة الأمن المصرية يحاول الفلسطينيون البعض على جراحهم في إصرار منهم على المحافظة على علاقاتهم مع "الشقيقة الكبرى" ولكن الإجراءات والممارسات تزداد شراسةً يوماً بعد يوم ، وهو ما قد يفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات كثيرة لاسيما بعد المعلومات التي تؤكد أن علاقات وطيدة تربط أجهزة الأمن المصرية بالمخابرات الإسرائيلية ، والاستخبارات الأمريكية .
فردود الفعل التي قد تصدر عن المواطنين الذين يشعرون بالظلم الكبير قد تكون مخيفة وغير متوقعة للكثيرين وهو ما يتطلب مراجعة للمواقف والممارسات التي تتجاوز كل التوقعات