قائد الطوفان قائد الطوفان

الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال يعتقلون بتهم مفبركة

الرسالة نت - أمينة زيارة           

صغار ارتسمت البراءة على وجوههم، يلعبون بالكرة ويلهون بالحجارة، يشاهدون بأعينهم كم العذاب وسرقة الأراضي وقتل المدنيين، صدورهم تغلي أسوة بالكبار فيحملون الحجارة المسموح لهم التعامل بها ويردون على هذه العذابات، إلا أنهم يواجهون بسلاسل حديدية، وبنادق تدق عظامهم للتوقف عن هذه المقاومة ، يريدونهم جيلا جبانا لا يقوى على الدفاع عن حقوقه، "الرسالة" ناقشت ملف الأسرى الأطفال مع المختصين.

جهاد أبو تركي

براءة جميلة كانت تطل من عيني الطفلة جهاد أبو تركي "15عاما" من مدينة الخليل والتي خرجت في صفقة الحرائر 2/10/2009، وتقول عن ظروف اعتقالها: كنت عائدة إلى منزلي في منطقة الفحص بعد أن كنت في زيارة لشقيقتي في إحدى مستشفيات الخليل وقبل وصولي إلى المنزل اعترضت طريقي دورية عسكرية صهيونية ومنعني أحد الجنود من الدخول، وعندما اعترضت انهال علي الجندي بالضرب وركلني في مختلف أنحاء جسمي بعقب البندقية وركز بشكل متعمد على مؤخرة الرأس.

وتضيف: نُقلت إلى مستشفى الأهلي في مدينة الخليل مغمى علي لمدة ثماني ساعات وبقيت أعاني من الصداع المستمر لمدة خمسة أيام وهي الفترة التي مكثتها في المستشفى ثم أصبحت حالة الصداع تنتابني على فترات كما أصابني ضعف البصر لمدة أيام فكنت لا استطيع القراءة وأبكي من شدة الصداع.

وتقول الطفلة أبو تركي: اتهمت بمحاولة طعن جندي صهيوني في شارع السهلة في البلدة القديمة في الخليل عندما تم القبض علي وأنا احمل سكيناً، حيث نقلت إلى معتقل أبو كبير ومن ثم إلى الرملة، وقتها تعرضت لكافة أنواع التعذيب النفسي والجسدي ولم يرحموا طفولتي، سلاسل حديدية وأيد مقيدة وعيون معصوبة، وشبح، وجلوس على كرسي خشبي صغير لساعات طويلة، على أثر التحقيق القاسي اعترفت بمحاولة الطعن بسبب ما عانيته من جنود الاحتلال وثأراً لما فعلوه معي وإصابتي بالصداع المستمر.

حسن المحتسب

لم يرمش لقاضي محكمة عوفر العسكرية جفن وهو يحاكم الطفل "حسن المحتسب" الذي لم يتجاوز الـ12 عاما، حيث كان يقف أمامه في قفص الاتهام مكبل اليدين، بتهمة إلقاء حجارة على الجنود في مدينة الخليل، أثناء المظاهرات التي خرجت في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، احتجاجا على ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم إلى قائمة التراث اليهودي.

بدأت معاناة حسن عندما اعتقله الجنود وشقيقه الأصغر أمير، 9 سنوات، من أمام منزلهما في الخليل بتهمة إلقاء الحجارة، وبعد 10 ساعات أطلق الجنود سراح أمير الذي ما زال يعاني من اضطرابات نفسية بسبب خوفه الشديد من الطريقة الوحشية التي انتزع فيها من الشارع.

ويقول فضل المحتسب والد الطفلين أن ابنه أمير يستيقظ كل ليلة مفزوعاً من نومه، مؤكداً أن ابنه احتجز إلى جانب كلاب بوليسية عدة ساعات وعاد متبولاً على نفسه، وما زال يفعل ذلك لا إرادياً.

أما حسن فقد قدم للمحكمة مكبل اليدين والقدمين بسلاسل أثقل من وزنه، وذكر والده قصة طريفة حدثت أثناء المحاكمة حيث تصادف وجود محامية إسرائيلية ، لمتابعة قضية أخرى، لكنها صدمت عندما شاهدت حسن واقفاً في قفص حديدي ومحاطا بالجنود، فأخرجت بالونا أحمرا من حقيبتها وذهبت أمام الجميع إلى القفص وأعطته لحسن، مما أشعر القاضي بالخجل.

إحصائيات

ويذكر رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأسرى أن عدد الأطفال في سجون الاحتلال وصل إلى 336 طفلا منهم 50 تقل أعمارهم عن 15 عاما و35 محتجزون في مراكز التوقيف تحت التحقيق وتمارس بحقهم كافة أشكال التعذيب المخالفة للقانون الدولي الإنساني التي نصت على حماية الطفل من هذه الأساليب وعدم استخدام وسائل التحقيق القاسية وتوفير الحياة الآمنة والكريمة.

ويضيف: في الفترة الأخيرة لوحظ استهداف الأطفال ما دون 12 عاما والشواهد كثيرة، حيث يستخدم بحق الأطفال كافة أساليب التنكيل وهم عرضة لأخطر عملية ضغط لابتزازهم، لنقل معلومات عن المقاومة والقبول بهذا المحتل الغاصب، وخلق جيل جبان خائف لا يقدر على مقاومة الاحتلال والدفاع عن حقوقه.

وينوه الأشقر إلى أن الاحتلال ينتزع هؤلاء الأطفال من أحضان ذويهم ومدارسهم ويرمي بهم في مراكز التحقيق ويعانون الآلام النفسية والظروف القاسية والكوابيس وعدم التكيف مع المجتمع خاصة بعد الإفراج عنهم، مؤكداً أن العديد من الأطفال يعانون مشاكل نفسية قاسية نقلا عن أطباء علم النفس الذين عاينوا الأطفال المفرج عنهم.

الدمج مع البالغين

وبين الأشقر أن الاحتلال لم يتوقف عند الذكور حيث تعرضت أربع زهرات أسيرات لظروف مشابهة قبل خروجن في صفقة الحرائر والآن لا توجد أي أسيرة في سجون الاحتلال.

وينوه إلى أن الاحتلال بعد التحقيق يحول الأطفال إلى السجون ودمجهم مع البالغين وهذا مخالف للقانون حيث يجب أن يكون لهم مكان خاص يتناسب مع وضعهم وسنهم في حال إدانتهم.

ويضيف أن هؤلاء الأسرى الأطفال يُحرمون من كافة حقوقهم الإنسانية كوسائل الترفيه واللعب والتعليم والعلاج المناسب، ويستدرك: يعاني ما يقارب من 60 طفل من أمراض جلدية حيث تحرمهم سلطات الاحتلال من العلاج، كما يعانون من سوء الطعام المقدم لهم والاكتظاظ في غرف السجون، ومشاكل صحية كالآم العظام والروماتيزم بسبب رطوبة الغرف.

وعن محكمة الأطفال يقول مدير الدائرة الإعلامية: محكمة الأطفال أنشأها الاحتلال قبل ثماني شهور حسب نص القانون الدولي ولكن الاحتلال أقام هذه المحكمة ليس اعترافا بالقانون الدولي بل محاولة لتسويق نفسه بأنه حارس لحقوق الإنسان ويطبق نصوصه، ويضيف: هذه المحكمة أباحت استخدام كافة أساليب التعذيب النفسي والجسدي بحق الأطفال، حيث يخضع الأسير الطفل للحرمان من النوم والشبح والجلوس على كرسي صغير مقيد اليدين ومعصوب العينين أسوة بالأسرى البالغين.

إجبار على الاعتراف

ويشير الأشقر إلى أن الأطفال الأسرى يعتقلون على مقاومتهم للاحتلال وتهمتهم إلقاء الحجارة أو محاولة طعن جنود وقد يجبرهم على الاعتراف بتنفيذ عمليات استشهادية ويتعرضون للاختطاف أثناء المواجهات مع الاحتلال ليزج بهم في سجون الاحتلال.

وينوه إلى أن الاحتلال يضغط على هؤلاء الأطفال للاعتراف بأنهم نفذوا عمليات استشهادية على الحواجز وتفجير أنفسهم بتحريض من فصائل المقاومة، أو قضايا جنائية وغير أخلاقية لتبرير موقف الاحتلال أمام العالم من اعتقال هؤلاء الأطفال، وهذه القضايا أثارت ضجة أثناء الانتفاضة الأولى.

كما يعمد الاحتلال إلى وضع هؤلاء الأطفال مع جنائيين يهود متهمين بالاتجار بالمخدرات أو السرقة والقتل فهؤلاء يؤذون الأطفال بالشتم وسب الذات الإلهية مما يؤثر على نفسيات الأطفال وهذا ما يحدث في سجن هشارون والرملة.

البث المباشر