بعد فشل الاحتلال في استخدام القوة لقمع انتفاضة القدس، واتساع رقتها مع دخولها الشهر السادس، يدفع الاحتلال حاليا باتجاه اعادة بلوة فكرة "السلام الاقتصادي" والتي تبناها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في عهد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض.
وتهدف فكرة "السلام الاقتصادي" لخلق أجواء اقتصادية وحالة من الرفاهية لدى المواطنين بالضفة، علّها تخفّف من حدة الانتفاضة وتعمل على انهائها شيئا فشيئا.
وتجدر الاشارة إلى أن الفكرة سابقة الذكر أثبتت فشلها، لتعود الهبة الجماهيرية مجددا وصولا للانتفاضة الثالثة "انتفاضة القدس".
وكشفت القناة (الإسرائيلية) العاشرة، عن أن حكومة الاحتلال بصدد طرح "تسهيلات" للفلسطينيين، خلال الفترة المقبلة، بعد الحصول على الموافقة الأمريكية عليها.
محاولات فاشلة
من جهته، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي وائل قديح أن التسهيلات الاقتصادية التي تتحدث عنها سلطات الاحتلال تسعى من ورائها للالتفاف على انتفاضة القدس التي دخلت شهرها الخامس.
وقال قديح: "لجوء سلطات الاحتلال إلى تقديم تسهيلات مؤقتة لسكان الضفة، هدفه الخروج من المأزق الذي تعانيه، لذلك تسعى جاهدةً لإجهاض الانتفاضة والالتفاف عليها، سيما بعد التصريحات الإيرانية بإعطاء كل شهيد ارتقى خلال الانتفاضة 7 آلاف دولار، وكل صاحب بيت مهدم 30 ألف دولار".
كما ربط الباحث الخطوة الاقتصادية بالسعي (الإسرائيلي) الرامي إلى التخفيف من وطأة الضغط الدولي الذي تواجهه (اسرائيل) المتمثل بأعمال المقاطعة على مختلف الأصعدة والمستويات.
وأضاف: "لاحظنا في الفترة الأخيرة زيادة الحركة المنادية لمقاطعة الاحتلال أكاديمياً واقتصاديا في الأراضي العربية والأوروبية، وبات هناك تخوفا اسرائيليا، حيث لم تكن تتوقع (تل أبيب) وسم بضائع مستوطناتها في دول أوروبا لأن الاتحاد الأوروبي شريك تجاري للاحتلال إذ أن حجم التبادل التجاري بين الطرفين بلغ 45 مليار دولار".
وأشار إلى ادراك الاحتلال بأن أموال المقاصة تشكل ما نسبته (70-80%) من ايرادات السلطة، وفي الافراج عنها تقديم مزيد من التسهيلات للسلطة لا سيما وأن المستوى الاستخباراتي في لجنة الكنيست ناقش امكانية تقديم تسهيلات في الضفة وغزة خشية تدهور الأوضاع الفلسطينية وانعكاس ذلك بالسلب على الاحتلال.
من ضمن التسهيلات التي طُرحت خلال اجتماع السلطة مع (اسرائيل)، المساهمة في تطوير أعمال شركات تكنولوجيا المعلومات الفلسطينية، وتدريب العاملين فيها.
ويذكر أن العديد من الشركات الفلسطينية، في مجال تكنولوجيا المعلومات، تقدم خدماتها وجهود موظفيها لشركات (إسرائيلية).
ومن ضمن التسهيلات الأخرى، السماح لمقاولين فلسطينيين بالدخول والعمل داخل (إسرائيل) خلال الفترة المقبلة، بعد مقترح الأسبوع الماضي بإدخال نحو 33 ألف عامل فلسطيني للعمل داخل الخط الأخضر.
ويبلغ عدد الفلسطينيين العاملين في (إسرائيل) والمستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، 115 ألف عامل، وفق أرقام رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
كما تشمل التسهيلات زيادة تصاريح الأطباء الفلسطينيين للعمل في مشافي داخل (إسرائيل).
برهنت فشلها
المختص في الشأن (الاسرائيلي) مأمون أبو عامر، أكد أن التسهيلات الاقتصادية احدى محاولات الاحتلال "الخبيثة" ضمن سياسة "السلام الاقتصادي" التي يتبناها رئيس الحكومة (الاسرائيلية) بنيامين نتنياهو كوسيلة ضغط على السلطة إلي جانب العصا التي يضعها الاحتلال في تعامله معها.
وقال أبو عامر: "(إسرائيل) لا تريد أن تقدم للسلطة انجازات سياسية وتحاول تعويض ذلك بتسهيلات اقتصادية، أعتقد ان هذه التسهيلات تأثيرها محدود جدا ولن تكون مقنعة للسلطة من الناحية العملية".
وأوضح أن الحكومة (الاسرائيلية) ليس لديها سوى خيار القمع وتشديد الأمني أو أن تقدم حلا سياسيا، مستبعداً في الوقت ذاته أن تذهب (إسرائيل) للخيار الأخير في ظل الحكومة اليمينية التي تعتبر أكثر الحكومات تطرفاً، على حد وصفه.
وأشار إلى أن (إسرائيل) ستبقى تراوح مكانها بين هذين الحاجزين "التهديد الأمني والسياسي" ضمن سياستها القديمة "سياسة العصا والجزرة" في التعامل مع الانتفاضة.
بدورها، قالت صحيفة "جلوبز" الاقتصادية العبرية: "يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تستخدم قواها الشرائية لتحقيق الهدف المعلن المتمثل في زيادة فرص العرب في العمل".
وأوضحت الصحيفة أن قرار الحكومة (الإسرائيلية) بالعمل على تقليص الفجوات التي تعاني منها المجتمعات العربية بشأن وسائل النقل العام والتعليم العالي والبنية التحتية والصناعة يمكنها أن تقلل من الحواجز والمعيقات أمام عشرات الآلاف من المواطنين بهدف دمجهم في سوق العمل.
وقرر موشيه كحلون وزير المالية (الاسرائيلي) تحويل نصف مليار شيكل من أموال الضرائب الفلسطينية التي كانت محتجزة للسلطة الفلسطينية.