عبر الخط الساخن.. لمرضها النفسي طلقها زوجها ونبذها أولادها

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

الرسالة نت – مها شهوان

 

بعدما كانت "سميرة" – 39 عاما-من المتفوقات بمدرستها الثانوية، قرر والدها انهاء تعليمها فهو يرى أن الفتاة بمجرد اتقانها القراءة والكتابة لا داعي لاستكمال دراستها، لاسيما وإن تقدم لخطبتها شاب كامل المواصفات.

تزوجت "سميرة" من أول شاب تقدم لخطبتها، ويكبرها بخمسة عشر عاما حينها، فكانت بداية حياة جديدة بالنسبة لها، فهي لم تعتد الاستيقاظ باكرا والدخول إلى المطبخ لإعالة اسرة كاملة، فقد كانت تجبرها حماتها على القيام بأعباء البيت كافة بحجة "انتِ الكنة"، وفي حال لم تستجب سريعا تتعرض للاعتداء من عائلة زوجها.

لم تشتك لذويها ما يحدث معها بداية الأمر، لكن حينما تعرض لها شقيق زوجها بالضرب، ذهبت باكية حالها لوالدها الذي سرعان ما اعادها لزوجها وبيتها بحجة "معلش لازم تعيشي وتتحملي".

بعد مرور سنوات قليلة وانجابها عددا من الاطفال، حاولت "سميرة" جاهدة تلبية احتياجات جميع افراد الاسرة، فلم تعد تجد وقتا كافيا للاهتمام بنفسها أو الراحة ولو قليلا، مما أدخلها في نوبة عصبية كانت بعد انجابها طفلها الرابع دون أن يكترث أحد لها أو يرعاها.

ازداد حال أم الأولاد سوءا، وبقيت تتحدث كثيرا وتفتعل المشاكل وتتعرض للضرب من زوجها ردا على أفعالها، لكن بعد مرور الوقت سقطت مغشيا عليها من شدة التعب، فنقلت إلى المستشفى وهناك أكد الأطباء أن مرضها نفسي، لاسيما بعد تتبع حالتها حيث تم تحويلها إلى اختصاصية نفسية.

بقيت تتواصل الضحية مع الاختصاصية عبر الخط الساخن، لتبوح ما تمر به من مواقف عصيبة، فقد أخبرتها أنها بمجرد شعورها بالتعب يقوم زوجها بضربها وسحبها إلى ذويها، كونه غير قادر على تحملها، في حين يقوم ذووها بطردها فتعود ذليلة لزوجها كما تصف.

بعد تدهور وضعها النفسي، قرر زوجها تطليقها، والزواج بأخرى تمنحه حقوقه الزوجية، بدلا من "مجنونة" كما يصفها، في حين عادت إلى ذويها ولاقت العذاب على أيديهم مما دفعها للهرب لمستشفى الأمراض النفسية للإقامة فيها.

ونظرا لحالتها النفسية، فإن وزارة الشئون الاجتماعية تمنح ممن هم مثل حالتها راتبا شهريا كون لا معيل لها، وقبل استلامها إياه بأيام قليلة تبدأ معاملتهم تتحسن معها فيتوددون إليها ويأتون لاصطحابها للبيت بحجة الاهتمام بها لكن فعليا يريدون أخذ الراتب كما تقول.

أما أبناؤها يأتون لزيارتها من حين لآخر، وفي بعض الأحيان يتأخرون خشية أن تتشبث بهم وتلح عليهم بالرحيل برفقتهم، فهم لا يريدون أن تكون معهم لما تفتعله من مشاكل مع عائلتهم، وكذلك معايرة أقاربهم لهم ونعتهم بـ "أولاد المجنونة".

"سميرة" تعاني من اكتئاب شديد، وتبدأ بالحديث دون توقف، في حين تهدأ نفسيتها عند التزامها بأخذ العلاج، واستيعابها من قبل عائلتها.

الاكتئاب والهوس

تعقب هبه نصار الاختصاصية النفسية على الحالة السابقة بالقول:" تأتي إلى المستشفى حالات كثيرة تشبهها، فنتعامل معهم وفق الشخصية، فسميرة مثلا كونها لحوحة نكون جادين معها كي لا تتمادى وتسوء حالتها"، مشيرة إلى أن حالتها لا تؤذي أحدا فيمكن الاعتماد عليها بالخروج لوحدها في حال التزامها بالعلاج.

ولفتت الى أن طبيعة المرض النفسي الذي تعانيه السيدات الملتحقات بالمستشفى هو اكتئاب لاسيما في فصل الشتاء، بينما يعانين من الهوس في الصيف.

وعن الاهالي الذين يرفضون استيعاب مرضاهم، تشير نصار إلى أنه يتم التواصل مع الشرطة في حال لم يستجيبوا باستقبال ابنائهم، وفي الوقت ذاته تؤكد على أن هناك أهالي يهتمون كثيرا ببناتهم اللواتي يقمن في المستشفى فتشعر الاخريات بالغيرة من زميلاتهن "الأمر الذي يضطرنا للتواصل مع عائلاتهن للاهتمام بهن".

لم نسرد تفاصيل الحكاية من أجل الشفقة على الضحية أو تسلية القارئ، بل من أجل الاهتمام بالمرأة التي تقع ضحية مجتمع غير واع، فيجب احتواؤها وتفهم مرضها حتى ولو كان نفسيا دون نبذها والتعامل معها وكأنها شاذة اجتماعيا.

البث المباشر