يحاصر الحرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكتبه بالقدس المحتلة، بعد أسبوع حافل بالأحداث الساخنة شهد عملية تفجير الحافلة الإسرائيلية واكتشاف نفق المقاومة جنوب قطاع غزة.
فبينما لم تمض ساعات على اكتشاف النفق، الذي أرجع نتنياهو الفضل في اكتشافه إلى التكنولوجيا الحديثة، أنهى تفجير الحافلة بالقدس حالة الزهو التي عاشها للحظات رئيس الوزراء، بل أعادته أيضا إلى هاجس العمليات التفجيرية في الانتفاضة الثانية.
ورغم أن اكتشاف النفق ينظر إليه على أنه إنجاز أمني، إلا أن رد الفعل الإسرائيلي وضع نتنياهو في قفص الاتهام والمساءلة حول دواعي "الخروج الاضطراري لمعركة الجرف الصامد" عام 2014، الذي برره سابقاً بأنه يهدف إلى "تدمير البنية التحتية لحماس واستئناف الردع"، في حين أن النفق الجديد يفنّد ذلك.
كذلك طالت سهام النقد منظومة الجيش الذي وعد الجمهور الإسرائيلي بأن حماس بعد 51 يوما خرجت ضعيفة ومردوعة، فتساءل أحدهم: إذا ما خرجت (إسرائيل) وادعت بأنها دمّرت كل أنفاق حماس، فكيف تبقى النفق الذي انكشف الأسبوع الماضي؟
وفيما يبدو بأنه ردّ على سؤال الإسرائيلي اليائس، كتب صحفي إسرائيلي في يديعوت تعليقا على كشف النفق: "فقط الله ومحمد ضيف يعرفان كم نفقا لم ينكشف بعد".
وجاءت عملية تفجير الحافلة بالقدس التي أصيب على إثرها 20 إسرائيليا، لتزيد حلقات النقد اللاذع ضد سياسة نتنياهو الأمنية في التعامل مع انتفاضة القدس.
ورغم أن عملية التفجير التي وقعت في خط 12 بالقدس كانت أقل خطورة من عمليات المقاومة في التسعينات وما بعدها، من ناحية قوة التفجير وعدد الضحايا، إلا أن الانفجار برأي الكاتب بصحيفة يديعوت رونين بيرغمان، جاء ليصفع المحافل السياسية والأمنية في (إسرائيل) التي تفاخرت مؤخراً بانخفاض العمليات الفدائية.
ويسرد المعلق العسكري بصحيفة هآرتس عاموس هرئيل عدة أسباب لقلق الأجهزة الأمنية من تفجيرات مشابهة لعملية القدس، أولها النجاح الرمزي في تقليد الانتفاضة الثانية، والثاني يتعلق بالتوقيت، في وقت اعتبرها آخرون "تفويتا يشير إلى تراخي في عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وعدم عمق التعاون المتبادل".
فيما حذر عضو الكنيست عن حزب البيت اليهودي (بيتسلئيل سموتريتش) من أن عملية القدس تأتي لتذكر الجيش بأنه ما لم ينفذ عملياته العسكرية في قلب المدن الفلسطينية بالضفة، فإنه سيتلقى مثلها "في قلب إسرائيل".
وقد استحضر مراقبون أمنيون، ضمن متابعتهم لعملية الحافلة، أن ما بين عامي 1994 و2004 نجحت المقاومة الفلسطينية في تفجير 25 حافلة إسرائيلية أوقعت 300 قتيل، الأمر الذي دفع كاتبا إسرائيليا للتعليق على هذه الأرقام قائلاً: "25 حافلة أغلقت الطريق على حل الدولتين".
وعلى ما يبدو فإن نتنياهو أصاب في توقعه باندلاع هجمات فلسطينية صعبة وأكثر قسوة من السابق، بعد فترة الهدوء النسبي التي شهدتها الانتفاضة الأيام الأخيرة، مستندا في ذلك على أرقام جهاز الشاباك حول محاولات المقاومة في الضفة وتحديدا حماس، تنفيذ عمليات فدائية قاسية ضد الاحتلال.
فقد نشرت صحيفة معاريف أن "الأشهر الأخيرة شهدت قفزة في تخطيط حماس لهجمات ضد الإسرائيليين، حيث خططت لتنفيذ 25 عملية أسر، و15 عملية تفجيرية". ونقلت عن جهاز الشاباك قوله إنه أحبط أكثر من 290 عملية حيوية منذ أوائل 2015.
ويتزامن ذلك مع مزاعم أمنية إسرائيلية بالكشف أيضا عن منشأة لتصنيع وسائل قتالية وعبوات ناسفة وذخائر، في بلدة أبو ديس شرقي القدس، الأسبوع الماضي.
وتمثل هذه الأخطار عراقيل ومطبات كبيرة على الطريق السياسي لنتنياهو، فالخيار في الانتخابات المقبلة، وفق الكاتب الإسرائيلي آري شبيط، "سيكون بين اليمين وبين الأمن، بين المستوطنة وبين الصهيونية، بين أرض إسرائيل كاملة مليئة بالدماء والنار والدخان، وبين إسرائيل قوية وسيادية".