تبذل أطراف دولية وعربية جهوداً حثيثة لتحريك عملية التسوية المتعثرة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال "الاسرائيلي"، ومن ذلك المبادرة التي قدمتها فرنسا ورفضتها حكومة الاحتلال.
وتسعى تلك الأطراف لإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي والوصول لحل يضمن أمن الاحتلال ويحفظ بقاء السلطة ولو على حساب القضية الفلسطينية والتفريط بالمقدسات والاعتراف بيهودية الدولة العبرية.
وتستضيف باريس في الأيام القليلة المقبلة اجتماعاً تحضيرياً لمؤتمر السلام الدولي الذي سيحدد موعده في وقت لاحق من صيف العام الحالي. وبحسب المشروع الفرنسي فإن المؤتمر المزمع انعقاده يوم 30 أيار الحالي، سيتم بحضور 20 دولة عربية وأجنبية، وهي الهند واليابان وجنوب إفريقيا وأعضاء مجلس الأمن الدائمين، واللجنة الرباعية، والرباعية العربية، فيما لن يتم دعوة أي من فلسطين أو (إسرائيل).
وتحاول فرنسا ومصر والأردن، بمباركة الإدارة الأمريكية، تشجيع وإغراء (إسرائيل) للقبول بالمبادرة الفرنسية والعودة لمفاوضة السلطة وفق جدول زمني يُنهي الاحتلال، بعد إجرائها تعديلات على المبادرة تتضمن اعتراف السلطة بيهودية الدولة والتخلي عن جزء من المقدسات.
كخطة مارشال
وتحدث ديبلوماسي غربي في مجلس الأمن ومُطلع على التحضيرات الفرنسية للمؤتمر عن وجود "حزمة حوافز" تسعى باريس إلى تسويقها ووضعها أمام (إسرائيل) والفلسطينيين لتشجيعهم على العودة إلى التفاوض ضمن إطار زمني.
وأشار إلى أن الحوافز تشمل "ضمانات أمنية، وإعادة إحياء مبادرة السلام العربية" بما يفتح أبواب العلاقة المباشرة بين (إسرائيل) والدول العربية، بالإضافة إلى تعزيز ودعم علاقة اقتصادية مميزة مع الاتحاد الأوروبي والاحتلال.
وتتلخص فكرة "الحوافز" بأنها ستتضمن "القليل من الضغط مع الكثير من الدعم "لـ(إسرائيل) والفلسطينيين" بما يشبه خطة مارشال التنموية، بحيث يكون للاتحاد الأوروبي دور محوري فيها مع الفلسطينيين والإسرائيليين".
لن تُغير المواقف
ويستبعد مراقبون في الشأن السياسي أن تغيير تسهيلات فرنسا المحتملة في موقف الاحتلال اتجاه مبادرات تحريك التسوية مجدداً، مرجعين ذلك إلى أن تلك الحوافز لن تضيف لـ(إسرائيل) أي جديد في ظل علاقتها القوية مع الدول العربية الأوروبية.
في حين رأى آخرون أن فرنسا لا تملك أي أوراق ضغط على الاحتلال، إلى جانب أن الوضع في الضفة المحتلة لا يشكل ضغطاً على المستوطنين، بالإضافة إلى أن حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة ترفض إعطاء أي إنجاز للسلطة.
وتحظى دولة الاحتلال بعلاقات مميزة مع دول الاتحاد الأوروبي، والعديد من الدول العربية وعلى رأسها مصر والأردن، الأمر الذي يقلل من أهمية تلك الحوافز بالنسبة لها، إلى جانب أنها تُصر بأن تكون مفاوضاتها مع السلطة ثنائية دون أي شروط مُسبقة أو تدخل من أحد، وهو ما أكده رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عند إعلان موقفه من المبادرة الفرنسية في السابق.
ويمكن القول إن مؤتمر باريس المرتقب حال نجح في دفع عجلة المفاوضات فلن تكون نتائجها أفضل مما آلت إليه الجولات السابقة، لاسيما في ظل مراوغة الاحتلال ورفضه إعادة الحقوق للفلسطينيين تزامناً مع ضعف السلطة وعدم امتلاكها أوراق قوة، وتمزق القضية الفلسطينية بفعل استمرار الانقسام الداخلي.