اتهم القيادي في حركة فتح بساحة لبنان الحاج طه الحاج، رئيس السلطة محمود عباس بتدمير الحركة واستهداف الوجود الفلسطيني في لبنان، والسعي لتوريط الفلسطينيين في تجاذبات الخلاف اللبناني الداخلي.
وقال الحاج في حديث خاص بـ"الرسالة"، من لبنان، إن عباس هو من دمر البيت الفتحاوي، ومارس العنجهية بحق أبناء الحركة، وضرب كل مبادئها وأضعفها وأفسدها، وجعل من أبناء شعبه أعداء له، ومن "إسرائيل" صديقًا يوفر لها الأمن رغم ما يفعله مستوطنوها بحق أبناء شعبنا.
وأشار إلى أن أفعال عباس ضد أبناء حركة فتح، أوجدت قيادة متمردة عليه وعلى فريقه في رام الله داخل صفوف الحركة، تدافع عن ثوابت ومبادئ أجهضها عباس وحاول الانقضاض عليها.
وأوضح الحاج أن عباس مارس كل أساليب التضييق ضد كل من يرفض نهجه، واتخذ إجراءات عقيمة من قبيل قطع الرواتب ومنع الأفراد من الاقتراب بكل من يتهم بأنه مناهض له. واتهم الحاج عزام الأحمد الذي ترأس ساحة فتح بلبنان قبل عامين، بالمسؤولية عن حالة التردي التي أصابت فتح وأدت لتراجعها في مخيمات لبنان، وتابع أنه "اتخذ مواقف عديدة غير منسجمة مع الساحة اللبنانية وكان سببًا في تدمير الحركة، بل وحاول أن يورط الفلسطينيين بإشكاليات مع الأطراف اللبنانية".
نجلا عباس باشرا بتنفيذ عدة مشاريع استثمارية في لبنان
ولفت إلى رغبة عباس في تغيير قيادة حركة فتح في لبنان خلال الفترة القريبة، بهدف تعزيز عملية الإقصاء داخل الحركة، كاشفًا النقاب عن تفاصيل الأزمة التي تواجه الساحة الفتحاوية بلبنان. وقال الحاج " إن عباس شكل لجنة برئاسة يوسف دخل الله رئيس الإدارة العسكرية في رام الله، ووصلت إلى لبنان، للاطلاع على كشوفات تتعلق بحركة فتح والأعداد الحقيقية على الأرض، وقد وصل إلى نتيجة "بوجود فرق بين ما تضمنته الكشوفات وبين حقيقة ما يحدث على الأرض".
وأوضح أن هذا الأمر أثار بلبلة في صفوف الحركة في لبنان، وتم الحديث عن تغيرات قادمة في القيادة، بعدما وجدوا حجم الرشاوي والسرقات والكشوفات غير الصحيحة في القيادة الحالية، على حد قوله.
ورأى الحاج أن الحديث عن اصلاح عملية الفساد في الجسم الفتحاوي بلبنان، لا يبدأ من القاعدة حتى رأس الهرم كما يريد عباس، بل العكس، أي ينبغي أن تبدأ من اصلاح قيادة الجسم الفتحاوي في الساحة اللبنانية. واستبعد أن تتحقق عملية التغيير في قيادة الساحة، معتبرًا أن هذا الحديث نوع من التهريج وليس واردا أن يحدث "لأن قضية الفساد معروفة منذ وقت ولم يكن عباس بحاجة ليتعرف عليها جديدا عن طريق لجان، ولديه معلومات عن حجم الفساد لكنه تغاضى عن ذلك".
وتابع الحاج " لو كانت هناك قيادة صحيحة لعرفت حقيقة الخلل في ساحة لبنان"، مشيرا إلى وجود خلط خطير في الصلاحيات داخل قيادة الجسم الفتحاوي بلبنان، بين "ممثل منظمة التحرير في لبنان وبين أمين سر فتح وبين السفير الفلسطيني الذي يخلط بين العمل الدبلوماسي والتنظيمي". وشدد على أن قيادة ساحة فتح بلبنان تفتقر إلى الكفاءة، وينبغي أن يتم تغييرها "ولا اعتقد أن يكون هناك رؤية للتغير"، كما يقول.
ورأى الحاج أن سفير السلطة في لبنان "له اليد الطولى في القرار مقارنة بممثلي فتح والمنظمة، وذلك بحكم موقع عمله كسفير وعضويته في المجلس الثوري لفتح، عدا عن امتلاكه المال والقرار". وأوضح أن عباس لديه هاجس كبير من المصالحة مع حماس أو حتى مع خصومه بفتح، ويريد "حكومة تأتمر بأمره ووفقًا لمنهجه السياسي دون أن يراعي إرادة الآخرين، وهو ما يؤكد دكتاتوريته ورفضه لمنطق المشاركة السياسية".
الأحمد متورط في المسؤولية عن حالة التردي في فتح بساحة لبنان
ونوه إلى أن تشكيل أي قيادة جديدة لفتح غير مؤهلة، لا يغير كثيرا على الوضع الراهن، لأن هناك فريقًا اصلاحيًا يمارس أعماله في ظل حالة الفساد الحالية التي تتفشى في الجسد الفتحاوي.
تصفية قضية اللاجئين
وفي السياق، قال الحاج إن أبو مازن لديه مشروع قائم على تصفية قضية اللاجئين، وإنهاء وجود المخيمات في لبنان، معتقدًا "أن سياسة السلطة الراهنة في لبنان، قائمة على إضعاف المخيمات، وجعلها نقطة للصراع والتقاتل، وذلك من أجل التخلص من اللاجئين".
وأضاف "فريق عباس يريد إنهاء فكرة الثورة ورمزية القضية الفلسطينية المتمثلة باللاجئين، وذلك من خلال سياسة التحريض على المخيمات، ووضع شخصيات غير مناسبة في مواقع قيادية تورط من خلالها المخيمات". وأشار الحاج إلى أن من بين السخافات التي تقوم بها قيادة السلطة، هي إعلان انحيازها لفريق في لبنان على حساب فريق آخر، مجاراة للموقف العربي، "ليصب الزيت على النار ويورط الفلسطينيين في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل"، على حد وصفه.
ورغم ذلك، أكدّ الحاج وجود إصرار لدى الفصائل الفلسطينية ومن بينها القيادة المتمردة على عباس وفريقه، للحفاظ على الأمن والسلم في المخيمات، ومنع أي محاولات اختراق لتوريطها في معارك سواء كانت داخلية في المخيمات أو حتى مع الأطراف اللبنانية.
وقال إن العلاقة بين الفلسطينيين واللبنانيين في أفضل أحوالها من حيث التنسيق المستمر، و"القيادة اللبنانية وكافة الأطراف السياسية تعي حقيقة ما تقوم به رئاسة السلطة، و"تتعامل مع القوى الفلسطينية بشفافية وصدق".
وحول اهتمام فتح لبنان في قضية خلافة عباس، يعتقد الحاج عدم وجود أي مؤشرات لدى محمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح ورئيس ما يعرف بـ "التيار الإصلاحي في الحركة"، على رغبته بالترشح للرئاسة، مضيفاً أن مروان البرغوثي شخصية لها احترام ولا مشكلة معها ويمكن دعمها وبقوة.
عباس يرفض التعامل مع الجميع ويتصرف مع القوى على أساس دكتاتوري
ورأى القيادي الفتحاوي أن ما يشاع حول ترشح دحلان للرئاسة مصدره مواقع تدار من قيادات أمنية في السلطة، لإحراق دوره السياسي. وبيّن الحاج أن نجلي عباس طارق وياسر بدأوا بافتتاح المزيد من المشاريع في لبنان "ويعتبرون البلد محطة استراحة"، مؤكدًا أنهما شكلا اخطبوطًا امتد من رام الله لعديد العواصم وأهمها بيروت، لافتتاح مشاريع مشبوهة ومغموسة بالرشوة السياسية، وفق وصفه.
وقال إن عباس " يغرق نفسه بأفعاله، إذ يظهر مخالبه على أبناء شعبه ويرفض أي مصالحة وطنية لا داخل فتح ولا حتى مع حركة حماس". وأكدّ الحاج أن مخيمات لبنان حققت أنموذجًا في التعاون الفصائلي المشترك، "ويجب أن يعترف عباس بحركة حماس والتعامل معها".
ورأى أن عباس يرفض التعامل مع الجميع، ويتصرف مع القوى كافة على أساس دكتاتوري، وأضاف الحاج أن الرجل يفضل المشاركة في "مهرجان سياسي تهريجي"، من خلال تأييده لما تسمى بالمبادرة الفرنسية التي تلغي بشكل كامل حق العودة. وجدد تأكيده على أن رئيس السلطة وفريقه هم أكثر من يسيئوا لغزة وشعبها، ويساهمون في مصاعبها.