لمع عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، كواحد من نجوم مسلسل "المصالحة" الذي يدخل جزأه العاشر في المشهد السياسي الفلسطيني، بوصفه رئيسًا لوفد فتح في المصالحة، دونما أن يكل أو يمل عن المتابعة في التمثيل.
ورغم تغير عديد الوجوه خلال مراحل تصوير مشاهد أجزاء المسلسل، والتي انتقلت بين عدد من العواصم العربية، بقي الأحمد متمسكًا بدور البطولة حتى لو كان الدور أكبر منه أو أقل، أو كان خارج رغبة الأطراف، سوى انه مرحب به من المخرج الذي أولاه الدور "وهو رئيس السلطة محمود عباس"، بسخرية المراقبين.
ورغم جدية الأحداث التي تدور فيها قضية المصالحة بين الحركتين، إلّا أن واقع التمثيل انعكس على أداء الأحمد بحسب مقربين منه وأصدقاء له في اللجنة المركزية، اتهموه بـ"التلاعب في نقل الأحداث والجمل لرئيسه محمود عباس، إلى درجة وصلت إلى حد الخلاف والتراشق بينهما، ودفع بالأخير إلى تشكيل فريق مكون من أربعة أعضاء بتنفيذية فتح ليكونوا معه".
وبنوع من السخط، قال عضو باللجنة المركزية لفتح -فضل عدم الكشف عن هويته- إن الأحمد يمارس التدليس والكذب، ويغير الوقائع، " فتصطدم المركزية بمعلومات ومعطيات مختلفة عما اتفق عليها الاحمد مع حماس".
وأكدّ المسؤول بأن المصالحة لن تتحقق طالما عزام الأحمد رئيس وفد فتح"، مشيرًا إلى أن الأحمد يرى في نفسه بأنه الأجدر بالتفاهم مع حماس، ويراهن على أنه لن يخفق في اللقاءات معها". وأضاف القيادي الفتحاوي البارز أن "عزام ومن معه فشلوا مراراً وتكراراً وكلما اتفقوا مع حماس على نصوص معينة يذهبوا ويحرفوها للرئيس كي يظهروا أنهم لم يخسروا أمامها"، مشيرا إلى الأحمد فاقد لصلاحية التحاور مع حماس، على حد تعبيره . وأوضح المسؤول أن الحوار على مبدأ التذاكي والمبارزة لن يفضي لنتيجة حقيقية لإنهاء الانقسام.
قيادي في حركة حماس، أكدّ بدوره ما تناوله القيادي الفتحاوي بحق الأحمد، وقال إن الأخير كان يحرف في نقل المعلومات لعباس، لكنه يستبعد أن يكون هذا السبب الأساسي خلف رفض عباس لمنطق المصالحة. وقال القيادي الذي فضل عدم البوح باسمه، إن الأحمد يورد أحداثا تظهره كبطل لدى عباس وأنه صقر، وذلك ليصل إلى السقف الأعلى الذي يريده عباس من نزع مواقف حركة حماس.
ورغم حرص الأحمد على تجميل صورته لدى عباس، إلّا أن الموقف كان أكبر منه في عدة محطات، أبرزها كان فيما سمي بإعلان صنعاء عام 2008م، عندما وقع عزام الأحمد عليه، وبعدها بساعات قليلة ظهر نمر حماد رئيس ديوان الرئاسة ليعلن أن الأحمد غير مخول أو مفوض بذلك. وبدأت حلقة من الردح لم تنته إلا بإسقاط الإعلان عملياً، وتنصل فتح من توقيع الأحمد.
مجددًا أعيدت الكرة من خلال معلومات قالت إن الاحمد تعرض لتوبيخ شديد من عباس، بعد عودته من لقاءات الدوحة الثانية، وأكدّ له أنه غير مخول أو مفوض بإعلان أي تأييد تجاه القضايا المطروحة. وأفادت المصادر أن الأحمد تعرض لتوبيخ عنيف لأنه أبدى موافقة أولية على دمج الموظفين المدنيين، وقال له عباس " أنت رايح تسمع منهم مش رايح تعطيهم موافقات".
ومع وصول وفد فتح إلى الدوحة مساء الثلاثاء، اجتمع مع حركة حماس، ليفاجئها في ساعات المساء، بإلغاء كل التوافقات السابقة التي تمت خلال اللقاءين الماضيين في الدوحة، وأن يتم إعادة النقاش من جديد.
ويشير مصدر قيادي لـ"الرسالة نت"، "الوفد قال لنا بطلنا عن الي اتفقنا عليه قبل هيك، ومش عيب نبطل ونعيد النقاش مرة ثانية"، في خطوة فسرت بأنها عقابية من عباس بحق الأحمد لأنه تجاوز سقف الحد المسموح به في النقاش مع حماس.
وبقي السؤال الأهم، لماذا أبقى عباس على الأحمد رغم دوره السلبي في تخريب أجواء المصالحة، تبدو الاجابة على هذا السؤال أكثر تعقيدًا في ظل الحالة الفتحاوية الداخلية وبيئتها المعقدة بالتحالفات واستبدال مراكز القوى بشخصيات ضعيفة يضمن عباس ولاءها رغم ما ينخرها من علل.
وتشير مصادر من فتح، أن "الاحمد كثيرا ما تعرض لاهانات من عباس وكان يصمت عليها، ولا يستطيع أن يرد عليه".
لكن تفيد المعطيات، بأن الأحمد كان يسعى لتخفيض مستوى السقف من المطالب، وهي محاولات تضاربت مع إصرار عباس وتعنته بإبقاء سقف مطالبه مرتفعة تجاه ما يطرحه على حركة حماس.
وبدت المعضلة الأكبر متمثلة بفعل عباس وسلوكه تجاه قضية المصالحة، فالأحمد ليس سوى ممثل يقوم بدور أنيط به، ويفعل ما يؤمر به.
وكان النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة، قد دعا حركة حماس إلى مقاطعة الأحمد وعدم حصر النقاش معه؛ لأنه يستأسد عليها بملف المصالحة، ويكذب على الغزيين فيما يتعلق بملف المعابر"، وفق تعبيره.
وشكك خريشة منذ البداية في جدية السلطة تجاه قضية المصالحة، مؤكدًا أن ما يدفعها إليها هي قضايا سياسية تتعلق بتحسين موقعها في عملية التفاوض.