قائد الطوفان قائد الطوفان

تيارات في السلطة و"فتح" تتزعم فوضى السلاح بالضفة

مسلحون يطلقون النار بالضفة
مسلحون يطلقون النار بالضفة

الرسالة نت - محمود فودة

بلغت الفوضى في الضفة ذروتها، بمقتل خمسة مواطنين في شجارات عائلة في مدينتي جنين ونابلس نهاية الأسبوع الماضي؛ لتوجه أصابع الاتهام مجددا لتقصير السلطة في متابعة السلاح المتوافر لدى أفرادها والمقربين منها، وأبناء حركة فتح.

"فوضى السلاح" ظاهرة يعرفها كل فلسطيني بالضفة، بحيث يتوافر بين يدي المحسوبين على التيارات الفتحاوية ورموز السلطة، يبث الرعب في صفوف المواطنين، لإمكانية استخدامه ضدهم عند حدوث أي شجار، ودون رادع، فيما لا تلقي إسرائيل له بالا؛ لعدم استخدامه ضد قواتها ومستوطنيها.

وتتركز العربدة التي يقوم بها حملة هذه الأسلحة في إطلاق النار على منازل المواطنين أو حتى المسؤولين وسلب السيارات، والتعرض للمراكز الحكومية في حال وقوع خلافات بين المسؤولين، عدا عن زخات الرصاص التي تطلق في الأعراس والجنازات.

وتعد ظاهرة فوضى السلاح في الضفة قديمة، منذ عقد من الزمن -على الأقل- إلا أنها ازدادت حدة منذ بداية 2015، إذ شهدت مخيمات جنين ونابلس اشتباكات متلاحقة بين هؤلاء الأفراد الحاملين للسلاح والأجهزة الأمنية، التي حاولت جمع أسلحة بعض الأفراد، وفق ما أكدت مصادر محلية من مدينة نابلس لـ"الرسالة"، مما أوقع مصادمات متكررة بينهما.

وتؤكد المصادر -طلبت عدم الكشف عن اسمها-أن أهل المدن والمخيمات في نابلس وجنين يعرفون تماماً منْ هم حملة الأسلحة في الضفة، وهم منقسمون إلى ثلاثة أقسام إما أفراد في الأجهزة الأمنية خصوصا الوقائي والمخابرات، أو محسوبين على مسؤولين حكوميين وأمنيين، أو محسوبين على حركة فتح، وفي الثلاث حالات السابقة لا يستطع أحد التعرض لهم.

وأوضحت أن العشائر والعائلات الكبيرة تملك أسلحة بما يكفي لإحداث فوضى في مدينة كاملة، إلا أن السلطة تغض الطرف عنها، فيما تبحث عن أي رصاصة تعود ملكيتها للمقاومة، وذلك نظرا للمصالح التي قد تربط قادة الأجهزة الأمنية بهذه العائلات، أو تخوفها من تبعات ملاحقة هذه الأسلحة.

وتشير إحصائيات محلية إلى أن "مظاهر الفلتان الأمنيّ في الضفّة الغربيّة المحتلة" حصدت خلال عام 2015 فقط، حوالى 26 فلسطينيّاً، فيما كانت حصّة مدينة نابلس لوحدها 7 قتلى، وغالبيّة المتورّطين في أحداث الفوضى الأمنيّة هم عناصر الأجهزة الأمنيّة.

من جهته، حمل النائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس في الضفة المحتلة باسم الزعارير السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن انعدام الأمن، وانتشار الفوضى الأمنية التي تعصف بالعديد من المناطق في الضفة المحتلة، والتي أدت مؤخرا إلى إزهاق أرواح عدد من المواطنين وإصابة العشرات.

وقال الزعارير في اتصال هاتفي مع "الرسالة" "من أهم أسباب ما يجري من فوضى أمنية هو محاولة السلطة تغيير العقيدة الأمنية والاهتمامات الرئيسة للشعب الفلسطيني،  بمعنى أنه من الممكن أن نكون أعداء بيننا لكننا لسنا على عداء مع المحتل".

وألمح إلى وجود مخطط للسلطة يقضي بأن تجعل التعامل بالقانون "متراخيا وركيكا جداً"، مشيراً إلى أن من يمارس العربدة والتغول على المواطنين، هم أفراد ينتمون للأجهزة الأمنية سواء موظفين أو مندوبين، ولا تتم محاسبتهم.

ووصف الزعارير ما يجري في بعض محافظات الضفة بـ "الكارثة الكبرى"، لافتاً إلى أن أجهزة السلطة التي تفشل في وقت الاقتتال الداخلي، لا تزال تلاحق الشباب المقاومين، والأسرى المحررين، وكل من يقف في وجه الاحتلال وغطرسته.

وهذا ما أكده الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين بقوله إن كل السلاح المستخدم في الشجارات إما يعود للأجهزة الأمنية أو بحمايتها -على الأقل، مشيرا إلى أن أي قطعة سلاح تعلم بها السلطة أو الاحتلال ليست من هذه الدائرة يتم اعتقال صاحبها فورًا ودون أي تأخير؛ لذا فالمقاومون أو غير المحسوبين على فتح حريصون على إخفاء سلاحهم ولا يخرجونه مطلقًا إلا سرًا وضمن إجراءات معقدة.

وأكد في حديث لـ "الرسالة" أن الفوضى الأمنية هي فوضى السلطة وحركة فتح الذين يرون أنفسهم فوق القانون وأنهم غير محكومين لأي قواعد اجتماعية أو قانونية ولهذا السبب السلطة عاجزة عن وضع حد لهذه الظاهرة.

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح البروفيسور عبد الستار قاسم فقد رأى أن الانفلات الأمني متجذر في المدن الفلسطينية، خصوصا شمال الضفة، في ظل غياب سياسات أمنية واضحة للتعامل مع فوضى السلاح التي يقوم عليها أفراد ومجموعات محسوبة على السلطة وحركة فتح.

وأوضح في حديث لـ "الرسالة" أن ما جرى مؤخرا في جنين ونابلس من شجارات عائلية راح ضحيتها عدد من المواطنين نقطة في بحر من أحداث الفوضى اليومية التي يتابعها المواطن الفلسطيني، إذ أصبح من المعتاد حوادث إطلاق النار والعربدة وتصفية الحسابات بين التيارات والجماعات التابعة للسلطة وفتح.

وأكد أن عدم الاهتمام لما يجري في هذه الآونة قد يفتح الباب أمام نتائج صعبة، تعود بالسلب على المواطن الذي لا ناقة له ولا جمل في مثل هذه الصراعات، في حين تتوجه أعين الأمن صوب متابعة سلاح المقاومة فقط.

على أي حال، يبدو أن الصفيح الساخن من الفوضى الذي تعيش عليه الضفة آخذٌ في الاشتعال أكثر، في ظل غياب سياسات المتابعة للسلاح المستخدم في غير موضعه، مما يفتح الساحة على كل الاحتمالات، خصوصا في ظل ضعف قيادة السلطة والأجهزة الأمنية في مواجهة هذا السلاح.

البث المباشر