مع شروق شمس اليوم السابع من يوليو يكون قد مضى عامان على حرب الكيان الإسرائيلي الأخيرة على قطاع غزة، والتي وصفت بالأكثر عداونية وشراسة على مدار 51 يومًا.
وكانت وكالة الصحافة الفلسطينية قد نشرت ملفًا خاصًا يفرد تفاصيل الحرب وتبعاتها في الذكرى الأولى للحرب، وتجدونه هنا.
تسلسل الأحداث
بدأ العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وكأنه رد فعل على قصف متبادل مع المقاومة الفلسطينية في غزة إثر تفجر الأوضاع في الضفة الغربية بعد خطف مستوطنين الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير في القدس المحتلة يوم 2 يوليو/تموز 2014 وتعذيبه وحرقه.
لكن إعادة اعتقال قوات الاحتلال لعشرات من محرري صفقة "شاليط"، ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني من حركة حماس، كشف أن قرار الاحتلال العدوان على قطاع غزة للمرة الثالثة يهدف إلى تدمير قدرات فصائل المقاومة الفلسطينية.
كما يهدف لتدمير بنية القطاع التحتية ومنازل المواطنين وممتلكاتهم لتحريضهم ضد فصائل المقاومة، خاصة بعد اندلاع احتجاجات في القدس والأراضي المحتلة وأراضي عام 1948، بعد دعس مواطن إسرائيلي عاملين فلسطينيين قرب مدينة حيفا داخل فلسطين المحتلة.
وأعلن الاحتلال انطلاق حملته العسكرية باسم "الجرف الصامد"، وردّت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقامة الإسلامية (حماس) بإطلاقها اسم "العصف المأكول" على تصديها للهجوم، بينما اختارت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي اسم "البنيان المرصوص" لعملياتها.
ارتكاب مجازر
في اليوم الأول من الحرب استدعى الجيش الإسرائيلي 40 ألفًا من قوات الاحتياط، وارتكب مجزرة في مدينة خان يونس بالقطاع راح ضحيتها 11 شهيدًا و28 جريحًا فلسطينيًا، ثم توالت المجازر، وقصفت المباني والمساجد والبنية التحتية في غارات جوية مكثفة.
المقاومة الفلسطينية
أبدت الفصائل الفلسطينية مقاومة شرسة على مدى أيام العدوان الإسرائيلي، وردت بقصف مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، قبل أن يتوسع قصفها ليطال عشرات المدن الرئيسية والقرى والمستوطنات داخل فلسطين المحتلة، مثل القدس وتل أبيب ومطار بن غوريون واللد والرملة وهرتزليا وريشون ليتسيون وأسدود وحيفا، وصولا إلى مناطق البحر الميت وحتى بئر السبع.
وأبانت الفصائل قدرة قتالية وتطوير لآلياتها في المقاومة بشكل لم يتوقعه الاحتلال الإسرائيلي الذي لجأ إلى "القبة الحديدية" في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، وأعلن عن تدمير عدد منها.
الخسائر
خلف العدوان على غزة صيف 2014 خسائر كبيرة في قطاع غزة وعند الاحتلال الإسرائيلي:
خسائر غزة
وبعد الحرب على غزة، أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرًا شاملًا عن الخسائر البشرية والمادية بالتعاون مع وكالة الصحافة الفلسطينية.
وأظهر التقرير مقتل 1742 فلسطينيًا 81% منهم من المدنيين، بينهم 530 طفلًا و302 امرأة و64 لم يتم التعرف على جثثهم لما أصابها من حرق وتشويه، ومقتل 340 مقاومًا فلسطينيًا، وجرح 8710 من مواطني القطاع.
كما قتل 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) و23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف و16 صحفيا.
ودمر القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجدًا بالكامل و109 مساجد جزئيا، وكنيسة واحدة جزئيا، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقد نحو مائة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزلا، وأصبحوا بلا مأوى.
في المقابل، قال المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان إن أكثر من 2147 فلسطينيًا لقوا حتفهم خلال العدوان.
خسائر الاحتلال
على صعيد خسائر "إسرائيل"، قُتل 64 جنديا وستة مدنيين بينهم امرأة؛ ومن بين الجنود القتلى من يحملون أيضا جنسيات أخرى كالأميركية والبلجيكية والفرنسية وغيرها.
أما الجرحى فقد بلغ عددهم 720 جريحا. فضلا عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي وصلت إلى 560 مليون دولار في قطاع السياحة، و370 مليون دولار وغيرها.
وانشغل الرأي العام الإسرائيلي منذ أيام بقضية تسريب مسودة تقرير أعده مراقب الدولة "يوسف شبيرا" حول إخفاقات "حرب غزة" صيف 2014، والتي هددت بالإطاحة برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير جيشه موشي يعلون على الأقل، ويمكن أن الإطلاع على تقرير أعده مراسل "صفا" حول التقرير هنا.
وكانت كتائب القسام أعلنت في يوليو 2014 أسر الجندي أورون شاؤول أثناء تصديها للاجتياح البري شرق مدينة غزة، فيما اختفت آثار الضابط هدار جولدن في الأول من أوغسطس 2014 شرق مدينة رفح بعد عملية للقسام.
ولا يقتصر المفقودين في قطاع غزة على "هدار وشاؤول"، فقد سمحت الرقابة الإسرائيلية في يوليو 2015 بنشر نبأ اختفاء الإسرائيلي "أبراهام منغستو" من ذوي الأصول الأثيوبية بقطاع غزة قبل 11 أشهر (سبتمبر 2014)، بعد تسلله من السياج الأمني شمال القطاع.
وكانت كتائب عز الدين القسام بينت في الأول من إبريل العام الجاري أن رئيس حكومة الاحتلال يكذب على الإسرائيليين ويضللهم، فيما وضعت على خلفية ناطقها العسكري صورة لأربعة جنود قالت إنها: "لن تقدم معلوماتٍ حولهم دون ثمن".
غزة تنتصر
رغم الخسارة الكبيرة في الأرواح وحجم الدمار الكبير الذي لحق بغزة لكن مقاومتها انتصرت على الاحتلال الإسرائيلي، ولم تمكنه من تحقيق أهدافه، وجعلته يستعجل وقف القتال ويسعى لاتفاق، بعدما بدأت صحف ومراكز بحثية إسرائيلية تنشر خسائر الاحتلال وصواريخ المقاومة التي أوقفت حركة مطار بن غوريون.
مبادرة
توقف العدوان بموجب المبادرة المصرية، وقد وضعت القاهرة على حماس التي أصرت على فتح معبر رفح ورفع الحصار عن غزة شروطًا من بينها تولي أمن السلطة الفلسطينية في رام الله شؤون معبر رفح عند فتحه، وألا يكون مفتوحا طوال الوقت.
وجاء وقف العدوان في 12 أكتوبر 2014 بعد مفاوضات مع المقاومة، وإدانة دول عديدة ومنظمات إنسانية وحقوقية للعدوان، فيما أعلنت بعض الدول كألمانيا تأييدها للاحتلال بحجة "الدفاع عن النفس" وأدانت الرد الصاروخي الفلسطيني.
وبعد وقف العدوان الإسرائيلي، عقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومشاركة 50 منظمة وحكومة، حيث تعهدت الدول المشاركة بتقديم 5.4 مليارات دولار للفلسطينيين، نصفها لإعادة إعمار القطاع الذي لحق به دمار واسع.
تقرير أممي
وخلص تقرير للجنة تقصي الحقائق حول العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014، نشر في نهاية يونيو 2015 وعرف بـتقرير ديفيس، إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة "يرقى إلى جرائم الحرب"، وأن 142 عائلة على الأقل فقدت ثلاثة أفراد أو أكثر في الهجوم على المباني السكنية أثناء الحرب حيث شنت "إسرائيل" أكثر من ستة آلاف غارة جوية، وأطلقت نحو 50 ألف قذيفة مدفعية على مدى 51 يومًا.
وكالة صفا