يعيش المواطن الفلسطيني غير المُؤطّر حزبياً خصوصاً في قطاع غزة حيرة من أمره تجاه من ينتخب في الانتخابات المحلية المقبلة، حيث تدور في رأسه قصتين، القصة الأولى هي واقع وحقيقة عاشها، فصولها بدأت بالانتخابات التشريعية عام 2006، وما جرى بعدها من عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، ومقاطعة كتلة فتح البرلمانية والقوائم وحتى المستقلين للمجلس التشريعي والجلوس في البيوت مع الحفاظ على تقاضي الراتب الخاص والامتيازات كنائب تشريعي انتخبه شعبه كي يقدم له الخدمة، بل وإصدار أوامر صارمة باستنكاف الموظفين وعدم تقديم أي خدمة صحية أو تعليمية أو شرطية للمواطن عقاباً له على خياره الديمقراطي، وقطع راتب كل من يعمل لخدمة الناس، وإحداث المشاكل في قطاع غزة فبدأ فرض ضريبة البلو على كل شيء يدخل قطاع غزة بدءاً من الكهرباء ووصولاً إلى المساعدات التركية إلى القطاع، وانتهاج المثل الشعبي القائل (كامل لا تكسر ومكسر لا تأكل وكل حتى تشبع)، ومشاركة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة يداً بيد في محاولات شل عمل المجلس التشريعي المُنتخب باعتقال النواب وملاحقتهم ومن ثم إغلاقه في وجه رئيس المجلس التشريعي ونواب كتلة التغيير والاصلاح، ومشاركته في فرض المزيد من الحصار على أبناء غزة، هذه قصة عذاب الهدف منها خنق الشعب ومحاولة إفشال المنافس السياسي الذي فاز في الانتخابات التي شهد العالم بنزاهتها، وتصويره أمام الناس أنه المسئول عن كل هذه المشاكل، ولأن الشي بالشيء يذكر، وفي مقارنة بسيطة لما قام به النائب التركي المعارض والنائب الفلسطيني المعارض، رأينا كيف تكاتف النواب الأتراك من كل الكتل والقوائم البرلمانية وعلى رأسها المعارضة لحزب العدالة والتنمية وجلسوا في البرلمان تحت نيران القصف الانقلابي في منتصف الليل حفاظاً على خيار الشعب، وكيف ترك النواب الفلسطينيون في المعارضة الشعب يغرق في وحل الحصار والانقسام تفريطاً بخيار الشعب، هذه القصة الواقعية التي عاشها ورآها المواطن الفلسطيني لا تكاد تفارقه، فالتاريخ لا ينسى والمواطن لا ينسى، ولكن في المقابل عندما يسمع الناخب الفلسطيني خلال الدعاية الانتخابية الجديدة عن وعود كسر الحصار وإضافة على جدول ال8 ساعات للكهرباء ووظائف فورية للعاطلين عن العمل و .... (سينغافورا غزة)، يطرق في البال قصة الملك الذي تأثر وبكى العبرات من حالة مواطن أطفاله مرضى ويحتاجون للمساعدة قرأ عنه في إحدى صفحات الجريدة فقرر المساعدة المالية العاجلة له، ولكن هذه المساعدة (الأمانة) عندما انتقلت من مدير مكتبه إلى رئيس الحرس إلى رئيس الوزراء إلى الوزير المختص عبر رئيس المجلس البلدي وصل لا شيء سوى سلامات الملك لك أيها المواطن، وطبعاً بعد ذلك عليك أيها المواطن أن تنتخبه، وهنا يظل الناخب الفلسطيني يعيش هاتين القصتين بين الحقيقة والسراب، ولكن حسبه من ذلك بأن التاريخ يعيد نفسه.