قائد الطوفان قائد الطوفان

عامان على أسر الجندي "شاؤول".. جدار الصمت يتهاوى

عائلتا شاؤول وهدار غولدين
عائلتا شاؤول وهدار غولدين

الرسالة نت- محمد عطا الله

شيئًا فشيئا يتهاوى جدار الصمت الذي تفرضه الحكومة "الإسرائيلية" على قضية جنودها المفقودين في الحرب على قطاع غزة بداية تموز لعام 2014.

تهاوٍ بدا واضحا مع قرار جيش الاحتلال تغيير توصيف جنوده الذي أعلن عن مقتلهم في حرب غزة الأخيرة بأنهم "مفقودين"، وهو ما أوصت به شعبة القوى البشرية في الجيش اعتبار جولدين وشاؤول كقتلى بمكانة "أسرى حرب مفقودين"، وليس "قتلى لا يعرف مكان دفنهم"، وذلك في 10 يونيو الماضي.

تبع ذلك قرار رئيس هيئة الأركان بجيش الاحتلال غادي آيزنكوت بإلغاء قانون "هنيبعل" من أوامر الجيش، الذي يسمح بقتل الجندي عند أسره في المعركة، بعد الفشل في منع سقوط الجندي هدار جولدن بالأسر لدى المقاومة.

عبقرية المقاومة

وعلى ضوء ما سبق يبدو أن العقول المدبرة في كتائب القسام تمسك بزمام الأمور جيداً وسط حالة الصمت القاتل الذي تتخذه في هذه القضية، لكن ثمة إشارات تصدرها الكتائب بين الفينة والأخرى بعبقرية كبيرة لتحريك الجمود الذي يحيط بهذا الملف.

وكانت القسام قد أكدت في الأول من إبريل الماضي أن رئيس حكومة الاحتلال يكذب على "الإسرائيليين" ويضللهم، فيما وضعت على خلفية ناطقها العسكري صورة لأربعة جنود قالت إنها: "لن تقدم معلوماتٍ حولهم دون ثمن".

ومؤخراً تساءلت الكتائب في حديث مع الجزيرة القطرية عن انكار الاحتلال الاعتراف بجنوده أحياء، قائلة: أين ذهب شاؤول آرون إذا لم يوجد لأشلائه أو دمائه أو سلاحه أي أثر، أم أن العبوة التي فجرت الناقلة كانت ذات قوة تدميرية تصل إلى حد أن يتبخر الجندي فلم يبق له أثر؟ وإذا كان صحيحاً فلماذا هو الوحيد الذي تبخر بين زملائه؟

ومعلوم أن الجندي شاؤول وقع في أسر المقاومة خلال الحرب الأخيرة على غزة، ومنذ ذلك الحين تتخذ حكومة الاحتلال موقفا صارما ضد إبرام صفقة مع الفلسطينيين لكيلا تقدم على خطوات كانت قد تعهدت بعدم تكرارها مثل صفقة شاليط، مستخدمة في ذلك حرب النفس الطويل، ومستغلة صمت عائلات الجنديين وثلاثة مستوطنين آخرين (أحدهما من أصل إثيوبي واثنان عربيان من النقب)، على أمل رضوخ القسام.

تحريك المياه الراكدة

لكن عائلة الجندي "الإسرائيلي" شاؤول أعادت تحريك المياه الراكدة بعد تصريح والدته بامتلاكها أدلة وإثباتات تفيد أن ابنها لا يزال على قيد الحياة، بعكس ما تروج له حكومة بنيامين نتنياهو.

وقالت "زهافا شاؤول" خلال لقائها مع صحيفة معاريف العبرية في الذكرى السنوية الثانية لأسر ابنها: "إن الدلائل التي سلمت للعائلة من الجيش لا تثبت أن ابنها قُتل بتلك المعركة.

وتابعت حديثها" أنا كأم أشعر بأن ابني حي، ولكنني ملزمة للقول بأنني لا اعتمد على الشعور فقط، فلدي أدلة بأنه حي وهي أدلة قاطعة، والآن لن أعطي شيئا، ولكنني سأقدم الأدلة بالوقت المناسب".

ومن المهم ذكره أن عائلة شاؤول بدأت في الأيام الأخيرة بممارسة ضغط على حكومة الاحتلال بدأ بإغلاق معبر كرم أبو سالم ومحاولة منع زيارة أهالي الأسرى الفلسطينيين وصولا إلى الاعتصام أمام مكتب نتنياهو.

تهاوي الصمت

كل ما سبق يعزز رواية المقاومة ويفضح رواية جيش الاحتلال "الإسرائيلي" الذي يصر على التكتم والمراوغة في هذه القضية، الأمر الذي ينذر بتهاوي جدار الصمت والخضوع تحت صلابة المقاومة.

وهو ما يؤكده الكاتب والمختص في الشأن "الإسرائيلي" أكرم عطا الله، الذي بين أن صمت المقاومة أحدث تفاعلات داخل المجتمع "الاسرائيلي" تجاه هذا الملف، لاسيما وأن الأولى صاحبة تجربة كبيرة استفادت منها عقب إبرام صفقة تبادل الأسرى مقابل الافراج عن الجندي جلعاد شاليط.

وأوضح عطا الله في حديثه لـ "الرسالة" أن المقاومة الفلسطينية تدير ملف جنود الاحتلال المفقودين باقتدار أكبر من السابق، أمام تخبط حكومة الاحتلال التي تصدر القرارات دون يقين ومعلومات في هذه القضية.

وأشار إلى أن حديث والدة الجندي شاؤول بداية لكسر صمت الشارع الاسرائيلي الذي تخشاه حكومة الاحتلال، وهو ذاته الذي شكل عامل الضغط الأبرز على نتنياهو وأجبره على إبرام "صفقة شاليط" مع حركة حماس.

وفي هذه النقطة يتفق الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل مع سابقه، مبيناً أن عائلة شاؤول تحاول إثارة القضية من جديد والضغط على حكومة الاحتلال لمعالجة الملف في ظل صمتها، أكثر من امتلاكها أي أدلة توضح أن ابنها على قيد الحياة، "كون أن من يملك تلك المعلومة هي كتائب القسام فقط" على حد قوله.

وأكد عوكل لـ"الرسالة نت" أن حديث والدة الجندي شاؤول سيحرك جزءًا من القضية، منوها إلى أن القدر الأكبر من تحريك الحكومة "الإسرائيلية" يقع على عاتق الشارع "الإسرائيلي"، كما جرى قبيل إنجاز "صفقة شاليط".

وتشير الوقائع إلى أن المجتمع "الاسرائيلي" وعائلة الجندي جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة عام 2006، مارست ضغطاً كبيراً على حكومة الاحتلال، الأمر الذي أجبرها على الخضوع لشروط المقاومة وإبرام صفقة تبادل جرى بموجبها الافراج عن 1200 أسير فلسطيني آن ذاك.

وفي نهاية المطاف يبقى القول الفصل للمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام التي تقف على تربة صلبة وتبقي سلاح الصمت مشرعاً في معركة يمكن تسميتها بـ"صراع الأدمغة".

 

 

 

 

 

 

البث المباشر