دق مراقبون محليون ناقوس الخطر من إمكانية إفشال الانتخابات البلدية المرتقبة مطلع شهر أكتوبر المقبل، وذلك نتيجة خلافات حركة فتح الداخلية، مشيرين إلى قرار حركة حماس المفاجئ بالمشاركة في الانتخابات بخلاف توقعات قيادة السلطة.
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، فإن الشكوك بشأن إمكانية تأجيل الانتخابات، تتزايد، مضيفاً أن "الشكوك عملياً تصدر من فتح، لأن المنطق يشير إلى أن الحركة بما هي عليه، غير مؤهّلة لخوض المنافسة وضمان النتائج".
وأضاف عوكل في مقال نشره في صحيفة الأيام المحلية بعنوان "المأساة مستمرة": "بالنسبة لفتح فإن خسارة هذه الانتخابات لو حصلت، من شأنها أن تؤدي إلى انقلاب في توازنات القوى ما ينجم عنه تداعيات واسعة على السلطة والمنظمة والمجتمع".
وأوضح أنه في الواقع فإن فتح، لم تشهد منذ المؤتمر السادس للحركة أي تغييرات في اتجاه ترميم أوضاعها، بل إن أوضاعها شهدت تراجعاً كبيراً، وجملة من الاختلالات الداخلية، التي تؤثر سلبياً على وحدة ومكانة ودور الحركة.
وبيَّن عوكل أن ثمة ما يدعو للتفكير القلق بشأن الدور القيادي للحركة إزاء السلطة ومكوّناتها، حيث يبدو أن هذا الدور يتراجع لصالح الأجهزة الأمنية حتى أصبحت الرتبة العسكرية المتقدمة أكثر أهمية من الوزير ومن قيادات الحركة.
وأضاف أن أحداث طولكرم التي تمت تسويتها، ليست معزولة، فلقد شهدت نابلس وجنين والخليل توترات بين أعضاء وكوادر الحركة والأجهزة الأمنية، ما أدى إلى إضعاف فتح، وتراجع دورها وبالتالي السياسة لحساب الأمن".
بيّن أنه "وبالرغم من هذا التقييم، الذي يوفر الذريعة لتأجيل الانتخابات إلاّ أنني أعتقد أن الجهة التي اتخذت القرار وهي تعلم بكل ذلك، لديها حساباتها السياسية بالدرجة الأولى غير أن التساؤل والشك سيظل قائماً".
ورأى عوكل أن العامل الوحيد الذي يمكن أن يحسن فرص فتح في الانتخابات القادمة، هو التحدي الذي تواجهه في ضوء قرار حماس بخوض الانتخابات، ذلك "أنها أي الحركة لا تبحث عن تحالفات أو قوائم مشتركة لترجيح احتمالات الفوز".
نهج عباس
بدوره، رأى الكاتب سميح خلف أن قرار الانتخابات جاء في توقيت "غير صحيح وفي ظرف غير صحيح سواء كان جاداً أو مناورة"، وقال في مقال نشره على موقع أمد الإلكتروني، بعنوان "الانتخابات تفضح نهج عباس": "إن حدثت الانتخابات لتدخل فتح المهلهلة بمفردها فلن تحصد ما يؤمل وطنياً إلا إذا كان هناك ائتلاف مع حماس، في افتتاح لمحطة ثانية من مشروع عباس من خلال معادلات إقليمية دولية لتسليم الأمر للإسلام السياسي ولتتحول الضفة كشبيه لحكم البلديات أو روابط القرى، والأمور جاهزة ومعدة من أجهزة أمنية قد تعلن بيعتها لبرنامج الاحتلال"، وفق قوله.
وأضاف: "أزعجهم بل أخافهم وفضحهم كلام محمد دحلان وسمير المشهراوي حول الخيار الذي لا بديل عنه بدعم قوائم فتح في الانتخابات، هذا الطرح الوحدوي قوبل بمزيد من الهستيريا والاضطرابات السيكولوجية لدى الرئيس وجمال محيسن الذي أفاد بأن الرئيس قد أصدر قرار بفصل نجاة أبو بكر ونعيمة الشيخ علي وعدلي صادق وأبو خوصة ولكل من هؤلاء التجربة الغنية عن التعريف".
وأوضح خلف أن مثل تلك القرارات والسلوكيات التي اقترنت بقرار الانتخابات من حملات ضد كوادر فتح وقياداتها سواء في طولكرم أو غزة أو جنين أو نابلس تكشف الوجه الحقيقي لهذا السيناريو الذي يسعى لتدمير فتح.
فتح غير جاهزة
في حين، قال سفيان أبو زايدة القيادي الفتحاوي المقرب من دحلان في مقال نشره عبر موقع معا الإلكتروني، بعنوان "الزمن لا ينتظر فتح": إن موافقة حماس غير المحسوبة فتحاوياً شكلت صدمة لقيادة فتح التي تعرف أنها غير جاهزة في الوقت الحالي للدخول في معركة من هذا النوع قبل أن ترتب وضعها الداخلي".
وأكد أبو زايدة أن الزمن لا ينتظر فتح إلى أن تفيق من غفوتها الطويلة في ظل وجود حماس التي تشكل منافس حقيقي لفتح في كل الميادين، بل تتفوق عليها في بعض الأحيان بحكم اختلاف التركيبة التنظيمية والفكرية والأيديولوجية.
وأوضح أن الشعور بالخطر الحقيقي على فتح ومكانتها ومستقبلها، هو الذي دعا كوادر وقيادات فتح، والذين يطلق على تسميتهم ظلما (بالمتجنحين) أو بكلمات أخرى المقربين من القيادي محمد دحلان؛ للإعلان بشكل فوري وسريع بأنهم سيضعون خلافاتهم جانباً، وسيكونون جنود في هذه الحركة جنباً إلى جنب مع أخوتهم المختلفين معهم من أجل إنجاح القوائم التي سترشحها أو تدعمها قيادة حركة فتح.
وأضاف زايدة: "أن هؤلاء لم يكترثوا لبعض التصريحات لبعض المسؤولين بأنه سيكون هناك تحالف بين حماس و(جماعة دحلان) ضد قوائم فتح، كان بالإمكان أن تجد هذه الكذبة مكانة لها في الجدل الفلسطيني الداخلي لولا الموقف الحاسم والقاطع الذي عبر عنه دحلان والمشهرواي، بأنه لن يكون هناك تحالف مع حماس سواء في هذه الانتخابات أو في انتخابات مستقبلية، ليس لأننا نعتبر حماس عدو، بل حماس هي خصم سياسي عنيد لها حضورها الواسع في الشارع الفلسطيني".