قائد الطوفان قائد الطوفان

الغصين: الحملة هدفها التثقيف والوقاي

الحملة الوطنية لمعالجة "التخابر" تفكك شبكات تجسس

الرسالة نت - فادي الحسني

بعد أن طبقت وزارة الداخلية الفلسطينية حكم الإعدام بحق عميلين في قطاع غزة، أطلقت الحملة الوطنية لمحاربة ظاهرة التخابر مع الاحتلال، مستعينة بخطوات عدة، في مجملها كانت وقائية وتوعوية سلمية.

لكن عددا من الأسئلة يطرح نفسه في هذا السياق: هل تؤتي هذه الحملة أكلها لاسيما أن ظاهرة "العملاء" تؤرق المجتمع وقلوب أبطالها وضمائرهم ميتة؟ وإلى أي حد الحل السلمي يمثل رادعاً لهذه الظاهرة؟ وهل ربط الحملة بسقف زمني، أمر صائب؟

لم يحاكموا

وتعتبر حملة مكافحة التخابر مع الاحتلال هي الأولى من نوعها في المجتمع الفلسطيني، الذي يعاني الأمرين من ظاهرة "العمالة" منذ سنوات، خاصة أن معظم الذين ثبت تورطهم في هذه القضية لم تجر محاكمتهم خلال الأعوام الماضية.

ومثل إعدام وزارة الداخلية الفلسطينية لعميلين في قطاع غزة، سابقة حيث لم تجرؤ أي من الحكومات السابقة على تطبيق مثل تلك الأحكام، حتى على صعيد الجناة. 

وزارة الداخلية والأمن الوطني بدورها أكدت أنها وضعت قضية "العملاء" على سلم أولوياتها، لذلك عمدت إلى معالجة ظاهرة التخابر مع الاحتلال التي استشرت في المجتمع الفلسطيني.

وقال إيهاب الغصين المتحدث باسم الداخلية: "وضعنا ظاهرة التخابر مع الاحتلال على سلم أولوياتنا لاسيما أنها استشرت في ظل السلطة السابقة..قمنا بمتابعتها امنيا خلال السنوات الماضية، وضربنا عددا من شبكات التجسس وقدمناها للمحاكمة ونفذنا حكم الإعدام أيضا".

وأكد أن الحملة الوطنية لمكافحة التخابر مع الاحتلال، هدفها التثقيف والوقاية من مخاطر الوقوع في فخ العمالة، قبل الوصول للعلاج الأمني، مبينا أن الحملة تقوم على التوعية النفسية والاجتماعية والأمنية.

ولفت إلى أن فتح باب التوبة للعملاء يعتبر أسلوباً جديدا من أساليب الحملة، وقال: "كثيرا من العملاء سقطوا عبر الابتزاز، لذلك نعطيهم فرصة للعودة، ولابد لكل عاقل استغلال الفرصة التي لن تتكرر".

وبين أن العمل الأمني ضد قضية التخابر مع الاحتلال، لن يتوقف في ظل الحملة، وأن المحكومون بالإعدام سينفذ الحكم بحقهم، لافتا إلى أن هناك من استجاب مع للتوبة وقام بتسليم نفسه للجهات الأمنية.

ولم تلمس وزارة الداخلية نتائج بعد مرور أسبوعين على إطلاق الحملة، ويقول الغصين :"نحن نتحدث عن مرور أسبوعين على بدء الحملة، ونتائجها لم تظهر عمليا. مستوى النجاح يقاس من خلال فهم الجمهور أن هناك عدوا يتربص به ويحاول استغلال الثغرات لابتزازه".

للإعلام دور

ويرى الغصين أن وسائل الإعلام تلعب دوراً هاماً في هذا الإطار، إضافة إلى استخدام وسائل التكنولوجيا كالانترنت والرسائل القصيرة وغيرها، كأساليب توعية.

وبثت الإذاعات المحلية الأسبوع الماضي موجة إذاعية موحدة، وذلك بدعوة من وزارة الداخلية والأمن الوطني، لمناقشة ظاهرة التخابر مع الاحتلال وآليات الوقاية منها.

وسبق الموجة الإذاعية، إعلان وزارة الداخلية عن فتح باب التوبة للعملاء والمتعاونين مع الاحتلال ابتداء من 8 مايو 2010م وحتى نهاية يوم السبت الموافق 10 يوليو.

وأكدت الوزارة أن المراكز الأمنية مفتوحة على مدار الساعة لاستقبال كل من أراد التوبة، كما يمكن التوجه لمخاتير العائلات أو للشخصيات الاعتبارية ليعلن العملاء توبتهم وبالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة.

وبين إيهاب الغصين المتحدث باسم وزارة الداخلية، أن الإجراء الذي اتخذته وزارته نابع من حرص الحكومة الفلسطينية على المواطنين، داعيا كل من سوّلت له نفسه بالخروج عن الصف الوطني بالعودة إلى طريق الصواب".

وأشار إلى أنهم سيحافظون على عوامل السرية والأمان كافة، لكل من يتقدم للتوبة في الفترة المحددة، محذرا من تخلف عن التوبة خلال الفترة المحددة، من تعريض نفسه لأقصى العقوبة القانونية والقضائية.

ونفذت وزارة الداخلية منتصف ابريل الماضي حكماً بإعدام اثنين من المتعاونين مع الاحتلال واللذان ثبت تورطهما في تصفية مجاهدين فلسطينيين، في خطوة لاقت ترحيبا واسعا في الشارع الفلسطيني، فيما أدان تنفيذها عدد من المراكز الحقوقية.

معالجة الظاهرة

ويؤكد مراقب عام وزارة الداخلية د.حسن الصيفي، أن عملاء يسلمون أنفسهم باستمرار لوزارة الداخلية، مبينا أن هذه المبادرة جاءت لمعالجة هذه ظاهرة العملاء.

ورفض الصيفي الإفصاح عن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة بحق من سلموا أنفسهم، قائلا: "هذا الموضوع لا نريد أن نخوض حديث فيه، لكننا سنراعي الحالة الإنسانية والاجتماعية. غرضنا في نهاية الأمر هو معالجة الظاهرة".

وأشار إلى أن معالجة مثل هذه القضايا بحاجة إلى حكمة بالغة، لاسيما أنها قضايا شائكة وخطيرة.

وعن استنكار المؤسسات الحقوقية، قال: "هذه هي فلسفة هذه المنظمة التي لا تقبل تطبيق حكم الإعدام، ولكن عليها إعادة النظر في هذه الفلسفة..الولايات الأمريكية التي يزعم أنها أساس الديمقراطية، كانت قد نفذت في بعض مقاطعاتها أحكام إعدام".

وأضاف مراقب عام وزارة الداخلية: "لا يمكن رهن مجتمع بحياة شخص".

وفي الوقت الذي أكد فيه الغصين على أن حملة مكافحة التخابر مع الاحتلال، ستستمر لفترة زمنية معينة، رأى مختصين نفسيين واجتماعيين أنه من الضرورة أن تبقى مستمرة دون رهنها بسقف زمني معين، مشددين على أهمية هذه الحملة.

محاولات مضادة

من ناحيته أكد القائد الأمني محمد لافي، أن الدوائر الأمنية تلاحق العملاء وتكتشف سبل التجنيد وتضبط المشتبه بهم، مشيرا إلى أنهم يقوموا بمحاولات هجومية مضادة ضد أساليب الإسقاط التي يعتمدها العدو.

وشدد لافي على أهمية أن يجتهد المجلس التشريعي في طرح قوانين خاصة تناسب الحالة الراهنة من حيث قوة الردع، وسبل العلاج لتوائم بين الشدة واللين، مؤكدا على أهمية الأعلام ودوره البارز في "محاربة العملاء والخونة".

كما لفت إلى دور مؤسسات المجتمع المدني الذي وصفه بالمهم، في محاربة ظاهرة التخابر مع الاحتلال.

وأشار القائد الأمني إلى أن الاحتلال اجتهد في زرع العملاء على مدار 62 عاماً، وقال متسائلاً: هل يمكننا على أقل تقدير أن نبدأ نحن اليوم في صد الهجوم لنصل إلى موقع الهجوم المضاد؟".

على نحو متصل رأى أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى درداح الشاعر، أن فتح باب التوبة أمام العملاء، ينعكس ايجابيا على العميل والمجتمع أيضا.

وقال الشاعر: "الحملة طيبة ومباركة وتعطي فرصة لؤلئك العملاء لأن يحيوا حياة كريمة"، مشيرا إلى أن إثارة القضية في المجتمع يمثل في حد ذاته مستوى من مستويات الوعي للجمهور بأن هناك مشكلة ومحاولة لحلها.

وشدد على دور وسائل الإعلام، لما لها من تأثير كبير على الجمهور، قائلا: "الإعلام له دور هام في التوعية من مخاطر الوقوع في وحل العمالة، ويجب إبراز مخاطرها عبر البرامج المختلفة التي تقدم الحلول الموضوعية وترشيد المجتمع، كما أنه من المهم استضافة أصحاب القرار والعملاء أيضا ليتحدثوا عن تجاربهم".

وأضاف الشاعر "الظاهرة بحاجة لعلاج على كل الأصعدة..هناك حاجة للتوعية والتثقيف الديني والأخلاقي والوطني".

تأثير كبير

ويتوقع جميل الطهراوي أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الإسلامية، أن يكون للحملة الوطنية لمواجهة التخابر مع الاحتلال، تأثيرا إيجابيا كبيرا على المجتمع من خلال "التنبيه والتذكير بمخاطرها".

وأشار الطهراوي إلى أن نجاح معالجة ظاهرة التخابر مع الاحتلال بحاجة إلى توسيع دائرتها بحيث تحدث النتائج المرجوة، وقال:"وسائل الإعلام من المهم أن تلعب دورا بارزا وأساسيا، عبر عرض الفقرات الدرامية التلفزيونية وتقديم القصص للأطفال، إضافة إلى التعبيرات المختلفة كرسم الكاريكاتير وغيرها".

وأضاف "يجب مخاطبة الناس على قدر عقولهم..سواء من خلال منابر المساجد أو المدارس والجامعات"، مشددا على ضرورة استمرار الحملة.

وقال الطهراوي :"طالما أن الوزارة مستمرة في عملها وأن الظاهرة مستمرة، فيجب أن تستمر الحملة".

البث المباشر