قائد الطوفان قائد الطوفان

(عبر الخط الساخن)

نعتوها بـ "القبيحة" منذ صغرها فباتت تعاني "الشيزوفرينيا"

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

غزة–مها شهوان

مذ أن كانت "سمية" في مدرستها الابتدائية وصديقاتها ينادونها بـ "البشعة" فقد كانت ملامحها جاحظة إلى حد كبير، وشعرها مجعد ودوما "منكوش"، الأمر الذي كان يجعلها وحيدة تبكي حالها وتتنمى لو كانت بملامح تشبه شقيقاتها اللواتي يتميزن بجمال جذاب.

لقب "البشعة و الغولة" رافق "سمية" – 20 عاما- سواء بجدية أو سخرية فهي تعيش داخل أسرة مستواها الاجتماعي والثقافي ضحل، فغالبيتهم لا يراعون مشاعر غيرهم ويهزئون من أي شيء، عدا عن ذويها الذين كانوا دوما يشعرونها بالنقص لاسيما حينما تتم خطبة أي واحدة من فتيات العائلة فتتوجه الأنظار صوبها مرددين " لو حلوة كان خطبتي".

لم تحتمل الشابة نظرات عائلتها، حاولت كثيرا الهرب والالتحاق بدورات تجميل أو حياكة لكن سريعا ما تتراجع وتعود للبيت، فهي تظن أن نظرات الآخرين تلاحقها وتردد "بشعة"، وذلك كما أخبرت الاختصاصية النفسية.

معاناة "سمية" كانت بصمت، لكن مع مرور السنوات لم تحتمل النظرات والألفاظ التي تلاحقها، فأصبحت لا تعتني بنفسها وترفض الاستحمام لمدة طويلة بحجة أن هناك أشباحا تطاردها وتريد التخلص منها، وكذلك تتلفظ بكلمات نابية توجهها إلى كل من يحاول الحديث معها، عدا عن محاولاتها عدة مرات خنق الأطفال انتقاما من ذويهم الذين يستفزونها، وكذلك الهروب من البيت وتكسير أثاثه.

حالة الشابة التي بدأت تزداد سوءا يوما بعد آخر، دفعت ذويها إلى اصطحابها إلى المشايخ لاعتقادهم بأنها "مركوبة" فقد كانت تتلقى أشد أنواع الضرب على يد "المشعوذين" بحجة اخراج "الجن" حتى كادت أن تفارق الحياة.

وفي إحدى المرات تجرأ أحد المشعوذين الذي يدعي أنه "شيخ" ويريد معالجتها، بالتحرش فيها، الأمر الذي جعلها تصرخ بشدة وتهرب من بين يديه.

وحينما عجز المشعوذون عن علاجها، لجأ ذويها إلى عيادات الطب النفسي، خاصة وأن "سمية" كان وضعها يزداد سوءا لاسيما وأنها حاولت الانتحار.

وعند وصول "سمية" إلى عيادة الطب النفسي تبين أنها بحاجة إلى المستشفى للاهتمام فيها أكثر، وهناك تبين أنها تعاني "شيزوفرينيا" انفصام شخصية وتكلم نفسها كثيرا، عدا عن أن والدها كان يعاني المرض ذاته.

تتنكر لمرضها

وتعقب أمل أبو دية الاختصاصية النفسية في مستشفى الطب النفسي على هذه القضية بالقول:" أغلب المريضات يصبن بأمراض نفسية بسبب سوء معاملة ذويهن والوسط المحيط (..) وكذلك نتيجة عدم الوعي الكافي لطبيعة المرض الذي لحق بهن نتيجة الضغوط الحياتية".

وأوضحت أبو دية، أن أغلب النزيلات يعانين "الشيزوفرينا" – انفصام الشخصية- فتتقمص المريضة شخصيات عدة وتتنكر لمرضها، عدا عن سوء أحوالهن نتيجة إهمال الأهالي وعدم زيارتهن للاطمئنان عليهن.

وأشارت إلى أن، كثيرا من العائلات يرفضون الاعتراف بأن ابنتهم مريضة نفسيا، فيأخذونها إلى شيوخ لمعالجتها ظانين بأنها ممسوسة، مشيرة إلى أنه حينما لم يجدوا نفعا يعيدونها إلى المستشفى لأخذ العلاج وتستقر حالتها.

وبينت أن حالات كثيرة يكون علاجها فقط دوائيا وتتحسن، لكن الأهالي لا يكترثون لذلك ويضعن بناتهن إما في المستشفى، أو يحبسهن في البيت خشية الفضيحة بدلا من معالجتهن، مؤكدة أن تراجع الوضع النفسي لكثير من المريضات يعود إلى قلة الاهتمام والرعاية الأسرية.

البث المباشر