خمسة أسباب لتزاحم مبادرات التسوية خلال 2016

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الرسالة نت-شيماء مرزوق

التفت المزاج العالمي فجأة نحو القضية الفلسطينية التي أدار لها ظهره خلال السنوات الأخيرة، متجاهلاً الملفات والأحداث والإجراءات الخطيرة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي والتي تجعل من إمكانية حل الصراع او إقامة دولة فلسطينية أمرًا أقرب إلى المستحيل.

وكان لافتاً في الاجتماع الصاخب لدورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الواحد والسبعين، الذي حضرته قوى العالم أن القضية الفلسطينية نالت قدرًا كبيرًا من الاهتمام وحظيت بمساحة في جل خطابات الزعماء وكأن المزاج العالمي عاد ليتجه نحو هذا الملف المهمل، بعدما أدرك أنه البوابة لحل كل القضايا في المنطقة.

لكن الحديث الأقوى خرج من الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي خاطب الاحتلال الإسرائيلي بالقول "عليكم أن تدركوا أنه لا يمكنكم مواصلة الاحتلال والاستيطان في الأراضي الفلسطينية إلى الأبد".

ويبدو أن المبادرة التي تحدثت وسائل الإعلام الأميركية عنها باحتمال دفع أوباما نحو عملية تسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل قبل نهاية ولايته يوم 20 كانون الثاني 2017 المقبل واستلام الرئيس الأميركي الجديد مقاليد البيت الأبيض، تهدف بالدرجة الأولى إلى إبعاد إسرائيل عن حد السيف وتأمينها.

محاولة الرئيس الأمريكي إنهاء الصراع تأتي في الوقت الضائع قبيل أشهر من مغادرته البيت الأبيض، فيما بدا أشبه بتقليد للرؤساء الأمريكيين أن يلتفتوا إلى القضية الفلسطينية في أواخر عهدهم، وعلى خطى الرئيس الأسبق رونالد ريغان (خريف عام 1988)، والرئيس بيل كلينتون (ما عرف بـ "نقاط كلينتون" في نهاية عهده)، وكذلك الرئيس جورج دبليو بوش أثناء زيارته الأخيرة للقدس المحتلة عام 2008، حيث حاول هؤلاء ترك بصمة لهم في تحقيق سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل على أساس قيام دولة فلسطينية.

 لذا فمن غير المستبعد أن يسير أوباما على ذات الدرب في محاولة لترك بصمة على هذا الملف المهم بعدما فشلت سياسته في عديد من دول المنطقة.

صحيفة هآرتس العبرية اعتبرت محاولات أوباما "إحلال السلام" فاشلة، ووصفت اللقاء الـ 17 لأوباما وبنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الأمم المتحدة فشلين مدويين في تاريخ المحاولات لإحلال السلام في الشرق الأوسط.

وقالت الصحيفة "التوقعات من نتنياهو في أن يعمل على إنهاء الاحتلال ويحقق تسوية كانت أدنى مما هي عليه في أي وقت مضى، بحيث إن أساس خيبة الأمل التاريخية جرفه أوباما".

وتابعت "عندما انتخب بعث اوباما أملاً عظيما، ليس فقط في أوساط الأمريكيين بل وأيضا في قلوب الإسرائيليين والفلسطينيين، الذين ملت نفسهم من سفك الدماء المتبادل. بعد نحو ثماني سنوات من ذلك، لا يمكن لأوباما أن يسجل في صالحه حتى ولا إنجاز متواضع واحد في المجال. ولعله سيذكر كرئيس عظيم لبلاده، ولكن في الشرق الاوسط سيذكرونه كأحد أكثر الرؤساء فشلًا، رئيس وريح – بلا مطر".

ويمكن اعتبار العام 2016 عام المبادرات التي سعت إلى إنهاء القضية الفلسطينية فقد طرح خلال هذا العام عدة مبادرات, فإلى جانب الأميركية المنوي طرحها " المبادرة الفرنسية أواخر العام 2015، المبادرة المصرية مايو 2016، المبادرة الروسية أغسطس 2016، كما طرح تعديل وتفعيل مبادرة السلام العربية التي طرحت في العام 2002".

حمى المبادرات التي تغاضت عن أولويات المنطقة المتمثلة في الأزمة "السورية والليبية واليمنية" تعكس حقيقة مهمة وهي أن إنهاء النزاعات المفتوحة في منطقة الشرق الأوسط تتطلب أن يغلق النزاع الأعمق والأقدم وهو القضية الفلسطينية التي يحاول العالم إنهاءها من خلال مبادرات التسوية التي تجمدت لسنوات ليكتشف العالم فجأة أن إنهاء الصراع على أرض فلسطين أحد أهم عوامل الاستقرار في المنطقة وربما العالم.

ويمكن تفسير تحريك هذه المبادرات خلال العام الجاري بعدة أسباب أبرزها:

أولاً: محاولة تسكين القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع خاصة بعد أحداث انتفاضة القدس التي أقلقت الأطراف الدولية، والتي تسعى إلى منع أي انفجار فلسطينيي خاصة أنه لن تتوقف تداعياته عند حدود الأراضي الفلسطينية.

ثانياً: محاولة إنهاء قضية امتدت لقرن من الزمان لتأمين وجود إسرائيل وضمان بقائها قوية لتحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها وخدمة المصالح الغربية, وهو مبدأ تعمل عليه الدول الغربية وربما

لخصه نائب الرئيس الأميركي جو بايدن عندما زار "إسرائيل" قبل أشهر بقوله "لا يمكنكم مواصلة العيش على حد السيف".

ثالثاً: تأتي هذه المبادرات ضمن المساعي الدولية إلى إجراء عملية تسوية تشمل المنطقة العربية ككل وتقسيم مناطق النفوذ بين القوى الكبرى، وتسوية القضية الفلسطينية الأقدم والأعقد هي مدخل مهم للتسوية الشاملة.

رابعاً: تحاول كل الأطراف المعنية بوجود موطئ قدم ونفوذ لها في منطقة الشرق الأوسط أن تتدخل وتكون لاعب في الملف الفلسطيني كونها المدخل المهم والورقة التي تمنح القوة لمن يمسك بها, لذا فإن أطرافًا عربية مثل مصر والسعودية رغم أنها أسقطت فلسطين من أولوياتها إلا أنها ترفض أن تتخلى بالمطلق عن الملف وتبقي هذه الورقة في يدها لتكون جزءًا من أي حل أو تسوية قادمة.

خامساً: مبادرات التسوية تأتي ضمن التنافس والصراع بين القوى الكبرى على منطقة الشرق الأوسط وتحديداً بين روسيا وأميركا، حيث تحاول الأولى أن تكسر احتكار أميركا للوساطة في الملف الفلسطيني من خلال المبادرة التي أطلقتها ودعت من خلالها رئيس السلطة محمود عباس ورئيس حكومة الاحتلال نتانياهو لعقد لقاء في موسكو، فيما بدا أنه محاولة لسحب الملف من يد أميركا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

البث المباشر