غزة الصامدة لم تدخر جهدا في انتظار الناشطين والمتضامنين عبر سفينة رفع الحصار النسائية " زيتونة"، والكل يشهد لغزة وشعبها الصبور حبهم للمتضامنين وأحرار العالم.
ونذكر هنا كيف استقبلت غزة أولى سفن كسر الحصار والتضامن معها بالحب والترحاب والورود؛ ولكن الاحتلال الصهيوني استقبل سفن كسر الحصار بالرصاص والقتل والاعتقال والسرقة، والتاريخ يسجل جريمة الاحتلال قبل ست سنوات في مايو عام 2010م عندما تم الاعتداء من قبل الاحتلال على سفينة " ما في مرمرة " التركية وأدى ذلك الى استشهاد 10 متضامنين أتراك واصابة العشرات، حيث أرسل الكيان الصهيوني فرق " الكوماندوز" البحرية لاعتراض السفينة، وأدت الجريمة لقطع العلاقات بين الاحتلال وتركيا، ومنذ ذلك التاريخ لم يدخل العجز واليأس إلى نفوس المتضامنين والأحرار من أجل رفع الحصار عن غزة، ووصل عدد من السفن المحملة بالمواد الغذائية والتموينية للقطاع، سمح لها الصهاينة بالوصول بعد الضجة الدولية والحرج الكبير أمام المجتمع الدولي بعد الاعتداء على سفينة " مرمرة" التركية.
إن عدد سفن كسر الحصار التي وصلت إلى مياه غزة قليلة ولم تتواصل، وذلك للصعوبات والعقبات التي يفرضها الاحتلال الصهيوني ويمنع الوصول إلى غزة عبر البحر.
ومنذ أكثر من شهر قرر عدد من الناشطات النسوية والحرائر: 13 متضامنة أجنبية وعربية حشد الجهود من أجل التجهيز لسفينة جديدة لرفع الحصار عن غزة باسم "زيتونة" لترمز للسلام والمحبة والوئام، وقد جاء هذا الاسم مناسبا مع موسم قطف الزيتون في فلسطين، وهو موسم خير ومثمر لأهل فلسطين ؛ وقد انتظر أهل غزة وصول سفينة "زيتونة" إلى مياه بحر غزة، واستعدوا لاستقبالها على شواطئ غزة، وكان الغزيون على تواصل دائم مع المتضامين والأمل يحدو أن يصلوا بلا متاعب أو عقبات من الاحتلال الصهيوني، إلا أن الاحتلال أفسد فرحة وصول السفينة إلى غزة.
إن المتضامنات يدركن مدى صعوبة الوصول لغزة والعقبات الكبيرة التي قد تنظرهن حال الاقتراب من غزة، وقد يتعرضن للقتل أو السجن من قبل الاحتلال، لذلك هناك مخاطر جمة، ولكن اصرارهن وعزيمتهن أكبر؛ وبالفعل قبل وصول سفينة " زيتونة" الى مياه غزة بقرابة 80 ميل بحري أرسل الكيان الصهيوني فرق البحرية (الإسرائيلية) لمحاصرة السفينة ومنعها من الوصول إلى القطاع، واقتيادهم إلى ميناء أسدود، وبالفعل تم التحقيق مع المتضامنات لعدة ساعات ووضعهم على القائمة السوداء التي تمنعهم من الدخول إلى الكيان الصهيوني.
وفي هذا المقال نبرق بخالص التقدير والتحيات الكبيرة للمتضامنات على جهودهم في الاعداد والتجهيز لسفينة كسر الحصار عن غزة، ودورهم الهام على مدار أيام تجهيز السفينة، وحشد كافة الطاقات لمساندة ودعم هذه السفينة، إضافة إلى الدور الإعلامي الداعم للسفينة ومشاركة طاقم من قناة الجزيرة في هذا الحدث رغم الأحداث الجلل التي تحدث في المنطقة العربية.
ونقول لهؤلاء المتضامنات شكرا لهن وشكرا لجهودهن الجبارة من أجل رفع الحصار عن غزة؛ وإن غزة تسمو بهذه الجهود الطيبة من أجل رفع الحصار عنها ومساعدة أهلها؛ ونشكر لهم تحملهم مشاق وعناء السفر عبر البحر والظروف الصعبة التي عايشوها طيلة أيام السفر عبر البحر.
وأقول لقد وصلت رسالة سفينة " زيتونة" إلى كل غزي وإلى كل بيت في غزة، ووصلت رسائل التضامن والمحبة التي طيروها لها، ووصلت رسائلهم التي تقول " نحن معكم جئنا لنرفع الحصار عنكم ".
وفي المقابل لابد أن يسمع كل العالم عن جرائم حصار غزة وعن موت الأطفال بسبب قطع الكهرباء، وعن موت المرضى بسبب اغلاق المعابر، وعن حالات مرض السرطان والكبد الوبائي في قطاع غزة، ولابد أن تصل رسائل الألم والمعاناة لكافة احرار العالم أن أنقذوا غزة وارفعوا الحصار عنها.
إن الحراك والتضامن الدولي مع غزة لابد أن يتواصل وبقوة، رغم كافة العقبات من الكيان الصهيوني التي تفرضها وتمنع وصول المتضامين إلى غزة، ومن الضروري أن تبقى قضية حصار غزة حاضرة دوما حتى لا يتناسى العالم ما يحدث في غزة، ولا يتناسى العالم الآلام والمعاناة التي يحياها أهل غزة بسبب مواصلة اغلاق المعابر وفرض الحصار على القطاع .
إننا في غزة كلنا أمل أن تستمر الجهود الرامية لرفع الحصار عن غزة، وألا تكون سفينة " زيتونة" هي المحاولة الأخيرة لكسر الحصار عن غزة من خلال البحر، بل يجب أن تكون هناك المحاولات أخرى من أجل الوصول لغزة ورفع الحصار عن غزة، والأمل الأكبر في فتح ممر مائي يصل قطاع غزة بالعالم، ويكون لها المتنفس نحو حرية التنقل والسفر من خلال هذا الممر، خاصة أن معبر رفح يفتح أبوابه في الشهر مرات قليلة وأن الآلاف من الغزيين ينتظرون فتح هذا المعبر.
غزة تشكر كافة المتحابين والمتضامنين معها وكل الداعمين والمساندين لحريتها ورفع الحصار عنها، وتشكوا غزة ظلم الغزاة وأعوانهم والمحاصرين لها الذين يريدونها دوما أسيرة بين قضبان الحصار.
إلى الملتقى،