"وكأن تيتي يملك عصا سحرية قلبت الأمور رأسا على عقب"، هذه هي العبارة الأشهر التي يتم تداولها في البرازيل هذه الأيام، بعد نجاح المنتخب في تحقيق أربعة انتصارات متتالية بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم.
ويتصدر نجوم "السامبا" تصفيات أمريكا الجنوبية للمرة الأولى هذا العام برصيد 21 نقطة، تحت قيادة المدير الفني الجديد أدينور ليوناردو باتشي "تيتي", الذي جعل الفريق أفضل كثيرا على مستوى الأداء والنتائج.
وفي التقرير التالي نستعرض لكم أبرز اللحظات التي رافقت تولي المدير الفني مهمة تدريب البرازيل.
المدرب المحلي
من الصعب أن يقود البرازيل رجل غير برازيلي، هكذا تدار الكرة هناك قرب سواحل ريو، لدرجة أن جوسيب غوارديولا عرض نفسه على "السيليساو" في فترة سابقة، لكن الاتحاد البرازيلي خاف من عاقبة الأمور، وفقا لما أكده النجم الشهير دانييل ألفيس في حوار سابق.
وبعيدا عن صحة هذه الحكاية من عدمها، فإن كل المؤشرات تؤكد استمرار "السيلساو" على هذا النهج دون تغيير.
وفقد المنتخب البرازيلي جانبا كبيرا من قيمته خلال حقبتي فيليبي سكولاري وكارلوس دونغا، ولقد تحول إلى مسخ تكتيكي على جميع المستويات، وتوقع الجميع استمرار السقوط مع "تيتي"، لكن المدرب السابق لكورينثيانز خالف كل التوقعات، وصنع منتخبا قويا أصبح الأنجح في القارة بأكملها، بثبات دفاعي ومرونة بالوسط مع هجوم لا يشق له غبار في تسجيل الأهداف.
أدينور ليوناردو باتشي، درب سابقا عدة أندية برازيلية بالإضافة إلى العين والوحدة في الإمارات، وعرف النجاح الحقيقي كمدرب مع كورينثيانز، إذ قاده لإحراز كأس ليبرتادوريس ومن ثم كأس العالم للأندية خلال سنة 2012.
ولكن الرجل الذي وصف نفسه بالمكتئب مسبقا، بسبب جلوسه في البيت أثناء وجوده كعاطل بلا عمل، قرر أن يعمل بجد عندما تأتي الفرصة، ولا توجد أفضل منها مع منتخب بلاده.
السر
يعشق "تيتي" الحياة العملية، وزاد تعلقه بها بعد ابتعاده عن عالم التدريب لفترة, إذ قال "من الصعب التعايش مع حقيقة ألا تكون مطلوبا، إنها لحظات لم تضعفني بل جعلتني أقوى"، وهو جانب مهم من أسباب تألقه، كونه لا يفكر إلا في النجاح، لأن هذه الفرصة لن تصل إليه مرة أخرى.
كما لا يجد المدرب أي حرج حينما يتذكر هجومه القاسي قديما على نيمار دا سيلفا، ويؤكد دون خوف أن النجم الأول لفريقه تغيّر كثيرا، وأصبح يلعب من أجل الفريق، خصوصا بعد تضاعف خبراته نتيجة تواجده في برشلونة وأوروبا.
وأثبت الرجل العجوز أنه صاحب مبدأ في الكرة، لأنه يضع كامل ثقته في اللاعب الجاهز فقط، لذلك يجلس ويليان دا سيلفا على الدكة ويبدأ فيليب كوتينهو، الذي وصفته الصحافة مسبقا بأنه غير مسؤول، لكن في الوقت الحالي يقدم الجناح الشاب مستوى استثنائيا في إنجلترا، ويستثمر المنتخب البرازيلي هذه الحالة جيدا، لينتقل التألق سريعا إلى التصفيات, والأمر ينطبق على عدد آخر من اللاعبين.
طريقة اللعب
يلعب المدرب "تيتي" بطريقة 4-3-3، بتواجد لاعب ارتكاز دفاعي صريح هو فرناندينيو لويز دا روزا، بعد تطور مستواه كثيرا مع المدرب جوسيب غوارديولا في السيتي، برفقة ثنائي الريشة على اليمين واليسار، ريناتو أوغستو هو اللاعب الذي يربط لاعب الارتكاز بالجناح، بينما دخل باولينيو جونيور الأجواء أمام فنزويلا، ليصبح خط الوسط بمثابة المثلث المقلوب.
وبينما يتحسن الدفاع بعض الشيء بثنائية جواو ميراندا وماركينيوس، مع الظهيرين دانييل ألفيس وفيليبي لويس، فإن الهجوم يضرب بقوة بعد المعادلة الجديدة بقيادة نيمار, وبجواره غابرييل خيسوس مهاجم السيتي المنتظر في يناير المقبل, ثم يكمل كوتينهو المنظومة بتحوله من الجناح الهجومي إلى منطقة الوسط، وقلبه الخطة إلى 4-4-2 في الحالة الدفاعية، مما يعني زوايا تمرير أقل أمام الفريق المنافس.
ختاما أثبت تيتي في هذه الأيام أن المدرب "المخضرم" يستطيع إنقاذ المنتخبات الكبيرة، حتى وإن غاب الحل الفردي في بعض الأحيان.