لم تفلح محاولات الاحتلال الإسرائيلي قمع المنتفضين في احتواء انتفاضة القدس، التي استمرت أكثر في تقديم الشهداء والجرحى، وخرجت عن المألوف في عملياتها النوعية والتي بدأت بالسكين واستمرت.
ورغم سعي الاحتلال إلى إنهائها ووقف عملياتها بشتى الوسائل والطرق مستخدما العقوبات الجماعية، وحصار المدن، والإعدامات الميدانية ولم تنته ممارساته بهدم المنازل وترحيل سكانها، إلا أن استمرار الانتفاضة أثبت فشله في ذلك.
آخر عمليات الثائرين كانت أمس الأربعاء حين أقدم شاب مقدسي على طعن جنديين في حارة "باب الواد" في البلدة القديمة من القدس، قرب باب الأسباط قبل أن يرتقي شهيدا.
وأظهر فيديو متداول شابًا ملقىً على الأرض، وقد منع جنود الاحتلال المواطنين من الاقتراب منه.
في حين اعتقلت قوات الاحتلال فتاة عصر يوم الثلاثاء الماضي بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن في القدس.
ورغم تتذبذب قوة الانتفاضة خلال العام إلا أنها كانت دائما ما تثبت استمراريتها بعمليات وإن كانت فردية إلا أنها تسببت بحسب إحصائيات "إسرائيلية" بارتفاع عدد القتلى من الجيش والمستوطنين بنسبة وصلت إلى أكثر من 300% مقارنة بالسنوات التي أعقبت انتهاء "انتفاضة الأقصى".
ولأن العنف لا يولد إلا عنفا فإن ممارسات الاحتلال على الأرض والتي يتوعد بها الفلسطينيين لن تفلح في وقف الانتفاضة بل ستشعل لهيبها من جديد، خاصة في حال حاول الثائرون في الضفة تقليد الشهداء والسير على دربهم وقرروا الثأر للمسجد الأقصى الذي يدنس يوميا على يد المستوطنين.
وبحسب المصادر الصحفية فإن مستوطنين اقتحموا صباح الإثنين الماضي، باحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة بحماية من جنود الاحتلال بعد أن قررت زيادة ساعة صباحية لاقتحامات المستوطنين والسياح الأجانب للأقصى، حيث تصبح من الساعة الـ7:30 صباحاً حتى الـ11 قبل الظهر.
ويؤكد مراقبون أن قلة العمليات هي مجرد "استراحة للمحاربين" انطلاقاً نحو أساليب جديدة تبقي على زخم الانتفاضة التي فشل الاحتلال في وقف تناميها بعد أن لاحق الفشل الاستخباري المستويين العسكري والسياسي في (إسرائيل).
محلل الشؤون العسكرية يوسف الشرقاوي رأى أن شباب الانتفاضة كفروا بالوضع القائم، وأحيوا قضية كانت منسية، مشيرا إلى أنهم قاموا بعمليات نوعية أشعلت شمعة في الظلام الفلسطيني الدامس.
وذكر "للرسالة" أن غياب الحاضنة لضعف إدارة التنظيمات تسبب بضعف الانتفاضة، خاصة أن السلطة الفلسطينية كانت ضدها، مبينا أن المنتفضين وقعوا بين مطرقة الاحتلال وسندان السلطة.
ويرى الشرقاوي أن شباب الانتفاضة كسبوا شرف محاولة التغيير.
وفي ذات السياق أوضحت دراسة احصائية أعدها مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني، صدرت الأسبوع الماضي أن عدد شهداء انتفاضة القدس التي انطلقت في الأول من شهر أكتوبر/ تشرين أول عام 2015، بلغ 267 شهيداً، بعد استشهاد الطفل محمد جهاد حرب (18 عاماً) من قلقيلية، على حاجز زعترة جنوب نابلس، بدعوى محاولته تنفيذ عملية طعن.
وأشارت الدراسة إلى أن محافظة الخليل تصدرت قائمة المحافظات التي قدمت شهداء خلال الانتفاضة، حيث ارتقى على أرضها 78 شهيداً، تليها القدس بـ58 شهيداً، ثم رام الله حيث ارتقى منها 24 شهيداً، ثم جنين بـ 21 شهيداً، ثم نابلس بـ 19 شهيداً، ثم بيت لحم التي سجلت ارتقاء 15 شهيداً، ثم طولكرم التي سجلت 5 شهداء، تليها محافظة سلفيت بـ 4 شهيداً، وقلقيلية بـ 4 شهداء، والداخل المحتل بشهيدين وآخريْن يحملان جنسية عربية، فيما سجلت محافظات قطاع غزة ارتقاء 34 شهيداً. ومن بين الشهداء 121 استشهدوا منذ بداية العام الجاري 2016.