بعد تنصيب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترمب، هل سيتمكن من تنفيذ وعوده الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية في (إسرائيل) من مدينة تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة؟، سؤال تباينت بشأنه آراء المحللين السياسيين.
فمن جانبه، يرى المحلل السياسي نعيم بارود، أن ترمب عمل خلال الحملة الانتخابية على إحداث ضجة إعلامية كبيرة، للفت الانتباه لشخصيته، وحشد عدد كبير من الجمهور (الإسرائيلي) لصالحه، وقال في حديث لـ"الرسالة نت": "إن شأن ترمب مثل الرؤساء السابقين للولايات المتحدة الأمريكية، الذي توعدوا خلال حملاتهم الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس".
وأضاف:" " الرئيس الأمريكي ترامب هو نسخة مصورة عن رؤساء أمريكا السابقون، لم يستطيعوا تنفيذ وعودهم الانتخابية، كون أن الرئيس لا يستطيع اتخاذ قرار دون الرجوع إلى الكونجرس والمؤسسة الأمنية".
وأوضح بارود أن أي رئيس أمريكي جديد لا يعمل لوحده، بل يعمل وفق منظومة مؤسساتية تتخذ قرارا موحدا، منوها إلى أن لهجة الرئيس الأمريكي ترامب ستتغير خلال الأيام القادمة بعد الخضوع لقرارات الكونجرس والمؤسسة الأمنية الأمريكية، مشيرا إلى أنه لن يستطيع نقل السفارة إلى مدينة القدس إلا بالرجوع إلى المؤسسة الأمنية والكونجرس الأمريكي.
وحول السيناريوهات التي قد يقدم عليها ترمب، ذكر بارود أن أولها: نقل السفارة من تل أبيب إلى مدينة القدس خلال الأيام الأولى من توليه الحكم، وهذا السيناريو الأخطر والدموي على (إسرائيل) والمنطقة.
والسيناريو الثاني: تحويل أحد مكاتب خدمات السفارة إلى القدس، أو تبقى السفارة في تل أبيب وينتقل السفير إلى القدس، وهذا السيناريو سيسبب ردات فعل فلسطينية عربية لكن أقل دموية وخطورة من الأول، وفق بارود.
في حين يكون السيناريو الثالث: أن يقوم ترامب بخطوة مزدوجة بنقل السفارة للقدس مع الإعلان في المقابل عن الاعتراف بدولة فلسطين لامتصاص ردات الفعل، وربما يلجأ إلى هذا السيناريو،
ومضى يقول" في كل الأحوال فإن ترمب سيأخذ خطوة متقدمة في هذا الموضوع، مما يستدعي تحركاً فلسطينياً وعربياً وإسلامياً استباقياً ومكثفاً، لإفشال أو تعويق هذه الخطوة".
ويعد قرار نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس من أبرز الوعود الانتخابية التي تعهد بها أكثر من رئيس أمريكي دون أن يطبقها على أرض الواقع لتفادي المحاذير المترتبة عليها، غير أن المخاوف قائمة في ظل الرئيس الأمريكي الجديد.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر في وزارة الخارجية (الإسرائيلية)، أن السفير الأمريكي الجديد ديفيد فريدمان، معني بمزاولة مهامه من مدينة القدس، غير أن اتصالات جارية حاليا للخروج من مأزق نقل السفارة الأمريكية في ظل المناشدات الفلسطينية بعدم القيام بذلك وما قد يترتب على هذا الإجراء.
معيقات تواجه ترمب
أما المحلل السياسي محسن أبو رمضان، فقال: "من الواضح أن ترامب ينتمي لليمين المتطرف (الإسرائيلي) من خلال تأكيده بتنفيذ وعوده بنقل السفارة الأمريكية إلى قلب مدينة القدس".
وأوضح أبو رمضان في حديث لـ"الرسالة نت"، أنه ستواجه ترمب معيقات في تنفيذ وعوده بنقل السفارة، من ضمنها الرأي العالم العالمي، ومواقف أوروبا وروسيا، وكذلك قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بوضع القدس.
وبين أن من ضمن المعيقات التي ستواجه ترامب هي المؤسسة الأمنية الأمريكية التي ستعترض على طريقة نقل السفارة بهذا الشكل كونها ستسبب مشاكل لها تؤدي إلى استهدافها بكافة الأشكال، وتابع قوله: " سيقوم بنقل السفارة بصورة مموهة وبشكل تدريجي، تمكنه من إنشاء مكتب للسفير في القدس وأن يمتص الغضب الفلسطيني".
ولفت إلى أن ترامب يختلف كليا عن رؤساء أمريكا السباقين، كونه لا يتملك خبرة في السياسة مثل غيره، ويريد أن يرضى اللوبي الصهيوني الذي دعمه في الانتخابات، إضافة إلى أنه غير متمرس على مستوى العلاقات الدولية.
ورأي المحلل السياسي أن ترامب سيقدم على خيار فتح مكتب للسفير الأمريكي في القدس، ونقل السفارة تدريجا ومموهه، كونه قطع وعدا للوبي الصهيوني في أمريكا، ولا يريد أن يفقد هيبته أمامهم من خلال عدم تنفيذ هذا الوعد.
جدير بالذكر أن الرئيس محمود عباس، طالب للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعدم نقل سفارة بلاده في "إسرائيل"، من تل أبيب إلى القدس، محذرا من أن هذا الإجراء، سيقضي على عملية السلام في المنطقة.