قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: حماس والانتخابات

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

مع كل دورة انتخابية تنشغل وسائل الاعلام في الحديث عن الانتخابات، ومن يكون ومن لا يكون؟ وهل زيد أو عمر هو من سيكون على رأس حماس؟ كم هنا وكم هناك؟ ومن يختار من وكيف يكون الاختيار؟ ومن الذي يتم اختياره ومن يختاره، المنافسة والدعاية والاستقطاب والترشح والترشيح كيف وممن ومتى؟ أسئلة كبيرة وكثيرة ولا إجابة.
 وهنا تكثر التحليلات والفبركات والمصادر المقربة والخاصة والرافضة عن كشف اسمها في وسائل الاعلام، وتناسى هؤلاء جميعا أن هناك بعض أمور في حماس مازالت سرية وغير معلن عنها ومحكومة بضوابط ولوائح معدة من قبل حماس، وهذه الامور لا يتم الحديث عنها في الاعلام وتبقى خاصة بالتنظيم ومتفق مع الجميع عليها، وهناك قضايا ومسميات ومؤسسات لا احد يعرف عنها الكثير، لأن حماس تؤمن أنها في مرحلة تحرر وأن هناك عدوا بل أعداء يتربصون بها الدوائر ويريدون معرفة كل التفاصيل حتى يسهل الانقضاض عليها وإيجاد منفذ لاختراقها من داخلها، ووسط هذا الصراع يخرج علينا أخرق مهووس بالإعلام ليتحدث عن امر متعلق بالانتخابات حتى يقال إنه العارف والشجاع.
حماس قالت في العلن أن هناك انتخابات ستجري مطلع العام الجاري وهي استحقاق دوري، وهذا يكفي أن يعرفه الاعلام في هذه المرحلة بعيدا عن التفاصيل متى وأين وكيف ومن ولماذا، لأن هذا الامر شأن داخلي، ولو أرادت حماس البوح بالتفاصيل لفعلت؛ ولكنها غير معنية بالمكاشفة التامة لأنها تمزج بين العلنية والسرية ولها مبرراتها لذلك، فمحاولة البعض وحتى كل وسائل الاعلام لمعرفة التفاصيل هي محاولة فاشلة بل ربما تكون مضللة، فقد يصل البعض إلى بعض المعلومات من أخرق لا يقدر المسئولية؛ ولكن هذا البعض من المعلومات لن يوصله لبناء تصور سليم عن العملية الانتخابية فيبني تصوره بطريقة خاطئة فتكون النتيجة تشويها لوسيلته الاعلامية ويظهر أمام جمهوره بالمضلل عندما تنكشف الحقائق، وهنا اضرب مثالا في سفر نائب رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية في رحلته الاخيرة والتي شغلت وسائل الاعلام بتكهنات وتحليلات بعضها اغرب من الخيال وكان هناك شبه إجماع لدى الاعلام على أن اسماعيل هنية لن يعود إلى قطاع غزة وسيبقى في الخارج، وتوقعات وتحليلات وتكهنات حتى اللحظات الاخيرة، وكانت الحقيقة وهي عودة هنية إلى قطاع غزة، فأين ذهبت كل هذه الصرعة التي كانت عليها وسائل الاعلام؟
الانتخابات في عرف حماس مسألة خاصة بالتنظيم ككل وليست مادة للنشر، وقد يقول قائل إن من حق الجمهور معرفة ما يدور في حركة حماس والانتخابات فيها حتى يراقبها أو يعرف تفاصيلها ونتائجها، نقول هذا صحيح؛ ولكن ليس بالتفاصيل التي لا يعلمها جزء كبير من قواعد حماس وعندما تتم الانتخابات ستعلن حماس عن المسموح الإعلان عنه، ويكفي أن يعلم الجمهور أن هناك انتخابات تجري كل اربعة سنوات لكل مؤسسات الحركة وفق قانون تنظيمي ولوائح داخلية متعارف عليها ومتفق على تفاصيلها.
الانتخابات ستجري كما اعلنت حماس عن ذلك دون تفاصيل، وأنا هنا انصح وسائل الاعلام أن تكتفي بما ترسله حماس وتبينه للإعلام حتى لو وصلها من أي مصدر كان مقربا وقيادي رفض الكشف عن اسمه لجبنه وهو يعلم أن هذا الأمر ليس لوسائل الاعلام خشية المساءلة؛ ألا ينشر عنه شيء لأن ما يقوله ليس كل الحقيقة والحقيقة ما تقوله حماس بشكل معلن ورسمي، لأن هذا الامر لن يخدش مصداقية، وكما يقول المثل (يا خبر اليوم بفلوس بكره يكون ببلاش).

 

البث المباشر