لم يعد خفيا أن رئيس السلطة محمود عباس لا يروق له مشاركة أي فصيل أو حزب سياسي فلسطيني في أي قرارات لمواجهة غطرسة الاحتلال الاسرائيلي الممتدة سواء كانت بحق الأسرى أو بحق أراضي الضفة أو غيرها من الممارسات التعسفية.
صمت عباس الطويل على اعتداءات الاحتلال المتواصلة يستفز الشارع الفلسطيني الذي بات يشعر بأنه مكتوف الأيدي على الصعيدين الداخلي والخارجي، حيث تكبل سلطة عباس أيدي الشباب المقاوم في الضفة المحتلة، ولا تسمح لأحد أن يمثل الموقف الفلسطيني أمام جامعة الدول العربية وأمام الدول الكبرى أو حتى أمام المؤسسات الدولية والحقوقية.
ولعل تشبث الرئيس عباس وسلطته باتفاقية أوسلو وحرصه على تطبيق بنودها في الوقت التي يمعن الاحتلال بانتهاك ما نصت عليه هذه الاتفاقية، بأشكالٍ متعددة أبرزها المواصلة الهمجية في بناء البؤر الاستيطانية وإصدار الكنيست قرارات جديدة تنص على شرعنة هذه البؤر، يكشف تقاعس وضعف السلطة ورئيسها بالوقوف بوجه الوحش "الاسرائيلي".
وكان الكنيسيت الاسرائيلي قد صادق يوم الاثنين الماضي بأغلبية 60 عضوا مقابل معارضة 52 عضوا، على القانون، الذي سيسمح لإسرائيل بترخيص 4 آلاف وحدة استيطانية في مناطق الضفة، موزعة على أكثر من 100 بؤرة استيطانية غير قانونية، مقامة على 5014 دونما من أراضي المحتلة.
وفي هذا السياق، يؤكد د. عبد الستار قاسم المحلل السياسي، أن تفرد رئيس السلطة محمود عباس، في القرار الفلسطيني، وحرصه على التطبيع مع الاحتلال وإبقاء أوسلو قيد التنفيذ يجعل الفلسطينيين عاجزين عن مواجهة الاستيطان الاسرائيلي بكافة السبل.
وأوضح قاسم لـ"الرسالة نت" أن السلطة تقيد يد المقاومة في الضفة المحتلة، ما جعل أراضيها بيئة آمنة للمستوطنين كونهم لا يجدون رادعاً يخلق لهم خوفاً من العيش بالقرب من الفلسطينيين.
وحول الخروج من الأزمة وسبل مواجهة الاستيطان، يرى قاسم أن وقف التنسيق الأمني والكف عن ملاحقة المقاومة في الضفة وإلغاء اتفاقية أوسلو التي لم تلزم العدو بوقف الاستيطان بصورة واضحة، وإعادة صياغة قوانين السلطة الفلسطينية المتعلقة بتطويب الأراضي وتسهيل استثمارها والاستفادة منها سبيلاً لمواجهة الاحتلال.
وبحسب إحصائيات سابقة نشرها غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان بالضفة المحتلة فإن الاستيطان قد تضاعف بنسبة 600%، بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993.
ويستبعد المحلل السياسي نعيم بارود إقدام رئيس السلطة محمود عباس على التصعيد مع الاحتلال من أجل مواجهة الاستيطان خصوصاً بالتفكير بإلغاء اتفاقية أوسلو أو إطلاق يد المقاومة.
ويتهم بارود الرئيس عباس بالمحافظة على المستوطنات من خلال منع وصول المقاومين إليها، وتوفير البيئة الأمنية المناسبة لانتشارها، ويؤكد على وجود تناغم بينه وبين رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهوا من أجل تسهيل ملف الاستيطان.
ويبين بارود لـ"الرسالة نت" ان الفترة المقبلة ستشهد المزيد من بناء البؤر والوحدات الاستيطانية بالضفة المحتلة في ظل تفرد عباس بالقرار الفلسطيني حيث تستفيد السلطة والاحتلال من استمرار الانقسام الفلسطيني لتمرير المشاريع الاسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
ويبلغ عدد المستوطنين في الضفة والقدس حوالي 700 ألف مستوطن موزعين على أكثر من 200 مستوطنة و100 بؤرة عشوائية بينها 55 بؤرة مقامة على أراضٍ خاصة والبقية أقيمت على أراض صودرت بأوامر عسكرية.