قائد الطوفان قائد الطوفان

بابا وماما

مقال: اسأل نفسك

13319696_1753863441564845_2869787348646422388_n
13319696_1753863441564845_2869787348646422388_n

صحيفة الرسالة

رشا فرحات

الأطفال، أجمل النعم، الرابط الذي يجعلك تحس بقيمتك في بعض الأحيان، قطعة اللحم التي تتحول لنقطة قوة، وأحيانا نقطة ضعف، تلك النفس التي تتحكم في مصائرنا بعد ذلك، وحتى آخر العمر.

 

أولًا وقبل كل شيء، أحب أن أقول لكما أيها الزوجان، أننا نتزوج لنتشارك ونكمل مسيرة الحياة بإنجاب الأطفال، والمزيد من الأطفال، لكن لم يطلب منا العالم أن ننجب جيشًا من الأطفال، وكأننا في سباق للإنجاب، أرجوكم، وكأن كل أب وأم يعتقدان أن مهمة الإنجاب مهمتهما وحدهما في هذه الدنيا، أرجوكم، "أنتو فاهمين غلط"، أنتم مسؤولون عن هذه الرؤوس التي تنام ممددة على أرض الغرفة المجاورة، ستحاسبون على كل ما خصهم وهذا ما يجب أن تسألوه لأنفسكم: هل أنتم قادرون على تحمل هذا الحساب؟!

قبل أن تنجبوا، أجيبوا على سؤال مهم جدًا، هل تريدون الإنجاب الآن، هل لديكم القدرة على ذلك، هل أنتم مستعدون نفسيًا لدخول تلك التجربة، هل لديكم ما يكفي من الخبرة للتعامل مع طفل؟ أسئلة مهمة، وليست مبالغًا فيها، فأنا التي أدَّعي الخبرة أقر وأعترف بأن التعامل مع المركبة الفضائية، أسهل كثيرًا من التعامل مع مزاجية ابنتي حبيبة ذات الأربعة أعوام، فهي في كل يوم بحال، وكل حال يدفعني لتعلم طريقة جديدة للتعامل، والخلاصة أن أصعب معاملة في الدنيا هي معاملة طفل، وتربيته تربية جيدة، مهمة أصعب من اكتشاف الذرة!

لذلك أرجوكم، قبل أن تفرحوا بخبر الحمل، اسألوا أنفسكم، سؤالا يشمل كل شيء، هل أنتم مستعدون لذلك؟!

مشكلتنا الأزلية أننا خلطنا بين أمور كثيرة، لأن الدين طرف أساسي فيها، فحرم البعض تأجيل الحمل من الأساس، وحرموا تحديد عدد المواليد، لأنه تحديد للنسل، وسألت الكثير من الشيوخ عن هذا الأمر، لأني أعي تمامًا، أن هناك قدرة محتملة - نفسية وليست مادية في الغالب- للأم والأب على تحمل عدد معين من الأطفال، فمن غير المعقول أن يحاسبني الله لأني أنجبت أربعة أطفال فقط ثم اتخذت القرار في تربيتهم تربية صالحة بكل ما لدي من مال وعلم ومعرفة وأخلاق، ووزعت عليهم الحب والاهتمام بالعدل.

هل سيعاقبني الله على ذلك الاكتفاء، بينما أرى ابن جارتي الذي لا يتعدى سنتين يركض حافيًا تحت المطر لأن أمه مشغولة بثمانية أخوة غيره، فلم تنتبه لغيابه وخروجه خلسة، ولأنها تعاني من سوء التغذية بسبب – البلشة التي تعيشها- والتي لا تستطيع ادارتها الآن، تنام معظم وقتها مرتخية الأطراف مرهقة، وتترك نصف دستة من الأطفال لأخوتهم الكبار حتى يدرسوهم ويطعموهم ويلبسوهم وفي أغلب الأوقات يتركوهم في الشارع يسرحون على كيفهم!

هل يعقل أن يفتح الله حكم الإنجاب على الغارب ليمتلئ الحي بأطفال بدون تربية، بدون أخلاق، بدون علم، لأن الأمهات ليس لديهن القدرة على العناية بهذا الكم الهائل من الأجيال المتعاقبة؟!

أنا بصراحة سأستجيب لفتوى أحد الشيوخ الذي قال لي: إن شعرت المرأة أن لديها القدرة العقلية والبدنية والنفسية فلتنجب، وإن لم تشعر فلا تنجب لأن الله سيحاسبها على كل شيء، طريقة التربية، الاهتمام، الدين، التعليم، الصحة، التغذية، الكساء وحتى توزيع الحب بينهم.

احذروا أيها الأبوين، كل ذلك سلف ودين، بقدر ما ستقدمونه لهم اليوم، ستأخذونه غدا، فاحذروا.

البث المباشر