قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الرسالة معنى وعنوانا

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

كانت الارض عطشى لصيب السماء بعد أن جفت عروقها وسيطر عليها داء الاقصاء، وحرمها من تلاوين النبات، وفرض عليها لونا لا يطاق خصه لنفسه وأراد أن يفرضه رداء لكل الناس؛ ولكن في ساعة فكر تجلت فيه انوار الصباح قرر فيه صاحب عطاء أن لا يبقى الناس حبيسي قناع موشح بالسواد محكوم عليها أن لا تغادره، فكان المخاض ثم الميلاد منذ عشرين عاما فجاء مولود الحرية، مشعل النور ليخفف عتمة السواد، ليؤكد أن الدنيا تراكيب وألوان، ففتحت الأعين من جديد على قول ليس ببعيد عما تريد، فأنتظر الكل يوم الخميس فإذا به يحمل الرسالة عنوانا لمرحلة جديدة ومعنى تذوق فيه الناس حرية القول وجزالة التعبير وتنوع الفكر، فكانت مع كل خميس تبلل العروق وتكشف عن المستور وتفضح الفساد وتصدح بالصوت العالي في شوارع الوطن لتؤكد على أن الدنيا ألوان والنفس تأبى قانون فرعون لا أريكم إلا ما ارى.

هذه هي صحيفة الرسالة التي احتفلت الاثنين الماضي بمرور عشرين عاما على الصدور لترسخ مبدأ الرأي مقابل الرأي والفكر ميدانه واسع وفيه من الرحابة ما يتسع الجميع، فكان الانطلاق المبارك كصحيفة أسبوعية سعت جاهدة لدق جدران الحق والحقيقة فكانت ملاذ الباحثين عن الحقيقة الرافضين سياسة الخداع وتزوير التاريخ وكشفت عورات السياسة وضحالة فكر ومنطق أدعياء الثورة وفضحت مشاريع التصفية لحقوق الشعب، وبينت عورة تجار القضية فنالها ما نال من ملاحقة ومصادرة ومنع من الصدور وحجب المعلومة واعتقال من يدير وملاحقة من يعمل ومنع للبيع في الشوارع، وكان الطرف الآخر لها بالمرصاد فمنعها من الوصول للعطشى في بقية الوطن وارتكب بحقها الارهاب بقصف مقرها بالصواريخ أكثر من مرة، والحر يأبى أن يستكين فيعيد البناء والترميم ويخرج من بين الركام كعنقاء فلسطين، لتعود من جديد أكثر قوة وتصميما لمواصلة الطريق.

كانت الرسالة صديقة المواطن وكشافا للحق وصديقة المقاومة، آمنت بحرية الرأي والتعبير وفتحت أوراقها وكتبت أقلامها بـألوان الوطن فكانت جذابة ودسمة وكاشفة ومكشفة للعابثين والمخادعين ممن كانوا يريدون بيع الوطن من سماسرة الثورة والسياسة، فحملت الوعي ووضعت الناس أمام الواقع رغم مرارته حتى لا يبقوا مخدوعين بوهم السلام وزيف الدولة، وعيشة الرفاهية التي نادوا بها، وأكد الواقع صدق ما قالته الرسالة ولا زالت تؤكد عليه.

في السياسة أبدعت الرسالة، وفي التحليل السياسي أوفت، وفي الأدب جادت، وفي الرياضة لعبت بحياد، أما في الدين فكانت عنوانا للهدى وملاذا للسائلين، وكان كاريكاتير أمية نابضا بالحياة معبرا بلغة عالمية.

فتحت الرسالة ابوابا متعددة، الاقتصاد كان له مكان والقضايا الاجتماعية ومشاكلها وحلولها كانت حاضرة، في التحقيق كان لها باع تميزت به، وفي الحوار وندواته كانت منبرا للجميع، فكانت حريصة على نشر الوعي غير منغلقة على نفسها، أما الرقيب ومقصه فلم يكن له مكان.

إلى الأمام يا صحيفة الرسالة وكوني كما عهدناك دوما ملاذا للباحثين عن الحقيقة الراغبين بالتزود بالمعرفة، سلاما لك وللعاملين فيك والقائمين عليك والقارئين لك.

البث المباشر