قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: حول الهجمة على المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج

صورة
صورة

ياسر الزعاترة

بالغ السيد تيسر خالد؛ رئيس دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير في هجائه للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج الذي يعقد اليوم السبت وغدًا الأحد في اسطنبول بحضور حشد كبير من رموز وأبناء الشتات الفلسطيني.

أقسم أنني، ورغم انتمائي إلى فئة الشتات الفلسطيني الذين يقعون نظريًا وعمليًا تحت ولاية السيد تيسير خالد، ورغم أنني منشغل بالهمّ الفلسطيني بتفاصيله اليومية منذ ما يقرب من أربعة عقود، إلا أنني لم أعرف بهذا المسمى للسيد تيسر خالد إلا بسبب هجائه للمؤتمر المذكور، وما أعرفه هو أنه أحد قادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين التي يعرف الجميع وزنها في الساحة الفلسطينية، كما عكست ذلك جولات الانتخابات المختلفة على مختلف الأصعدة خلال العقود الثلاثة الأخيرة.

واضح أن السيد خالد قد استهدف المؤتمر بالهجاء؛ أولًا بصفته الوظيفية في منظمة التحرير، لا سيما أن قائدها يريد ذلك، الأمر الذي ينطبق على حركة فتح، وثانيًا بصفته الحزبية والأيديولوجية، بدليل تحميله "الإخوان المسلمين" مسؤولية المؤتمر (وليس حماس)، بقوله إن "انتماء قادة المؤتمر لتنظيم الإخوان المسلمين يدعونا إلى أن نقف بشكل حازم ضد هذه المهزلة، ولن نسمح بانعقاد المؤتمر مهما كلفنا ذلك من خطوات تصعيدية"!!

نفتح قوسًا لنشير إلى دلالة المصطلح (المغتربين)، ولا أدري هل تعني مواطني الضفة الغربية وغزة الذين يعملون في الخارج وبوسعهم العودة، أم ملايين اللاجئين الذين هُجّروا من ديارهم، وهل ينتمي المصطلح إلى زمن أوسلو أم هو سابق عليه؟!

بعيدًا عن الخطابة والتهديد (المؤتمر يُعقد الآن!!)، فما يعنينا هو السؤال حول جدواه، ودوافع الهجمة عليه، وقضية الشتات برمتها، ودورها في القضية الفلسطينية.

بالنسبة للهجوم عليه، لا غرابة أبدًا، فالقبلية الحزبية والعُقد الأيديولوجية تدفع البعض إلى تمني بقاء فلسطين تحت الاحتلال؛ على أن يحررها خصم سياسي أو أيديولوجي، الأمر الذي ينطبق على ما دون ذلك من أعمال تصب في خدمة القضية.

لا نضيف جديدًا إذا قلنا إن مسار أوسلو قد همّش الشتات الفلسطيني بعد أن كان محوريًا في حركة النضال الفلسطيني. ولا يتعلق الأمر بالانتفاضة الأولى أو الثانية، بل يتعلق باحتواء السلطة الناتجة عن أوسلو لمنظمة التحرير، وجعل تلك السلطة بمثابة عنوان وحيد للقضية، وصولًا إلى لغة سياسية ترى أن اللاجئين مرتاحون في أماكن تواجدهم، بحسب تعبير الرئيس الفلسطيني، وحتى قبول المبادرة العربية التي دفنت عمليًا قضية اللاجئين، وإن بلغة مواربة، فيما يعلم الجميع أن قضية "حق العودة"، لم تكن هي التي أفشلت قمة كامب ديفيد صيف العام 2000، ولا مفاوضات عباس أولمرت الشهيرة التي كشفت وثائقها أن ليفني قالت لعريقات إن رقم اللاجئين الذين سيعودون إلى مناطق 48 هو (صفر)، وذلك حين قال لها إن أولمرت قد وافق على إعادة عشرة آلاف منهم على عشر سنوات (من بين حوالي 10 ملايين بالطبع)!!

منذ نشوء السلطة، لم نعد نسمع عن أي فعاليات تخص الشتات الفلسطيني، فلا نقابات ولا اتحادات، ولم يعد هناك سوى مؤتمرات تعقدها دوائر ذات صلة بحركة حماس.

الآن، وفيما تجري ترتيبات على قدم وساق من أجل دفن الحلم الفلسطيني استغلالًا لوجود ترامب في واشنطن؛ ولحريق أشعله خامنئي ويستنزف الجميع، ولأنظمة تتقرب إلى نتنياهو زلفى بوصفه مفتاح قلب ترامب.. الآن يأتي مؤتمر فلسطينيو الخارج محاولة للتذكير بقضيتهم التي هي أصل القضية، إلى جانب احتلال الأرض.

المؤتمر المذكور ليس بديلًا لمنظمة التحرير، بقدر ما هو تذكير لمن يديرون الظهر لفكرة إعادة تشكيلها كي تكون ممثلة لكل الفلسطينيين في الداخل والخارج.. تذكير لهم بأن يعيدوا النظر في مسارهم كي يجعلوا تلك المنظمة بعد إعادة تشكيلها على أسس ديمقراطية عنوانًا حقيقيًا للقضية، وأن تكون انتخاباتها هي الأصل، وفي كل المناطق، وليس انتخابات سلطة صُممت لخدمة الاحتلال.

لو كانت القضية هي البوصلة، لكان على منظمة التحرير وحركة فتح وسواهما توجيه التحية للمؤتمر، والمشاركة فيه، لكن القبلية الحزبية قاتلة مع الأسف، ويبقى أن كل ذلك الهجاء لن يقلل من قيمة المؤتمر، على أن تكون له خطوات تالية تواصل المسيرة، لا أن يكون مؤتمرًا عابرًا والسلام.

الدستور الأردنية

البث المباشر