بأقلام عبرية.. إلى أين يقود السنوار العلاقة مع (إسرائيل)؟

السنوار الثاني يمينا
السنوار الثاني يمينا

غزة - الرسالة نت

يحيى السنوار الذي حفر اسمه في كافة السجون (الإسرائيلية)، وعرفه الضباط (الإسرائيليون) كما عرفه القادة العسكريون في قطاع غزة تمام المعرفة، وحسب المونيتور، لم يقد حماس أبدًا شخص معروف لـ(إسرائيل) كقائدها الجديد، يحيى السنوار.

ويقود السنوار حماس، بعد فوزه في الانتخابات الداخلية للحركة، وهو ما جاء فوزًا مُدويًا في الوسط (الإسرائيلي).

ورغم ابتعاده عن وسائل الإعلام الذي جعله مجهولًا إلى حدٍ ما للجمهور (الإسرائيلي) العام، إلا أن صحافة الاحتلال بتسليطها الأضواء عليه منذ إعلان فوزه حولته من علامة استفهام إلى علامة تعجب، فأصبحوا يعرفونه حدّ الخشيّة.

ومنذ انتخابه، عكف الإعلام (الإسرائيلي) على تسليط الضوء على شخصيته، في محاولة سواء لقراءة توجهاته وتأثيره على الصراع أو توظيف انتخابه للتحريض على القطاع.

معظم تلك القراءات اعتمدت بشكل كبير على ثلاثة مصادر أساسية في محاولة حل لغز السنوار: المصدر الأول كان عبر الاعتماد على تقدير وتحليل مسؤولين أمنيين كانوا على معرفة بالسنوار، المصدر الثاني هو تاريخ السنوار وتجربته داخل السجون، والمصدر الثالث تصريحات وأقوال السنوار.

ومن الملفت جدًا هنا أن جميع المحللين توقفوا عند مقابلة قديمة أجراها الصحفي يورام بن نور من "القناة الثانية" مع السنوار من داخل سجنه عام 2006 بعد فوز حركة حماس في الانتخابات، والتي وصفها المعلقون (الإسرائيليون) بأنها تحمل رسائل اعتدال وبرغماتية، حيث قال فيها السنوار: "نحن ندرك أن إسرائيل تمتلك مائتي رأس نووي، وليس في مقدورنا هزيمتها والقضاء عليها، لن نعترف بإسرائيل، لكننا مستعدون للحديث عن هدنة طويلة الأجل تجلب الازدهار والتطور للمنطقة، ينعم بها على الأقل جيلنا وربما الجيل القادم، لكننا مثلما مرمرنا حياة الاحتلال أثناء مقاومة الاحتلال، سنمرمر حياة إسرائيل أثناء حوار الهدنة، سنوافق على كل ما من شأنه أن يهدأ المنطقة، وعندما نتفق على الهدنة سوف نحترمها ونثبت لكل العالم بأننا نلتزم بكلمتنا. على الإسرائيليين أن يفهموا أننا لن نصبح من أحباء صهيون، كما أننا لا نتوقع منهم أن يصبحوا حمساويين، كل واحد على ما هو عليه، على كل واحد أن يقبل الآخر".

ويرى الكثير من المعلقين (الإسرائيليين) أن انتخاب السنوار قائدًا لحركة حماس في قطاع غزة سيجر (إسرائيل) لعواقب وخيمة، وهو بمثابة "تصعيد عسكري"، حيث جاء وصفه بـ "كبير القتلة" في إحدى الصحف (الإسرائيلية)، فيما ذكرت أخرى قوله بـ "أنه سيجعل نتنياهو يبكي على منصبه" كخبر رئيسي لصحيفتها.

وأكد موقع إعلامي أن انتصاره هو انتصار لمعسكر الصقور في حماس، وأنه كما أصبح خلال سنوات الأسير رقم "واحد" لديهم، فهو الآن العدو رقم "واحد".

وتتباين وجهات النظر الصحفية في (إسرائيل) وتوقعاتهم إزاء المستقبل الذي يرسمه السنوار لطبيعة المواجهة مع الاحتلال، ومصير الهدنة بين (إسرائيل) وحماس في قطاع غزة، كما يتخوفون من فوزه، إذ تباينوا في نقاشاتهم المغلقة حول مواصلة الاستعداد للجولة القادمة أم العمل لمنع اندلاعها؟

وجاءت الآراء الإعلامية تقول إنه قد لا يسارع نحو مواجهة عسكرية مع (إسرائيل) قريبًا، وأنه لا يبدو متحمس جدًا للذهاب نحو ذلك؛ لرؤيته المزيد من الكوابح التي قد تعترضه، خاصة مسؤوليته تجاه السكان، موضحين أن ذلك لا يعني عدم رغبته بالتوصل معها لترتيبات سياسية؛ وإنما لاستمراره في الانخراط باستعدادات عسكرية وإجراء تدريبات قتالية.

وعن السنوار كتب الصحفي بن كاسبيت للمونيتور مقالًا تحت عنوان "يحيى السنوار قائد خطير أم برغماتي ومتعقل"، في مقاله اقتبس بعض ما جاء في مقابلة السنوار مع بن نور، واقتبس عن ضابطة في مصلحة السجون قولها إن السنوار الذي خضع لعملية استئصال ورم من رأسه داخل السجن، شعر بالعرفان نتيجة العلاج السريع والمهني الذي تلقاه. لكن بن كاسبيت يستدرك أن هذا العرفان تبدد عبر السنوات، وينظر إليه اليوم كأحد أكثر قادة حماس تطرفًا، ويقتبس عن ضابط أمني كبير "رغم ان آراءه متطرفة جدًا؛ إلا أنه برغماتي ومسؤول ومتزن، وقد يفاجئنا إيجابًا، لأنه مطلع على محدودية القوة ويعرف الجانب الإسرائيلي جيدًا، ولن يسارع إلى توريط الحركة والسكان في جولة جديدة".

أما الصحفي رؤوبين باركو، المعروف بتوجهاته اليمينية، فكتب في صحيفة "إسرائيل اليوم" مقالًا بعنوان: "العقرب الذي يخشى الضفدع" جاء فيه أن السنوار -الذي حاول من سجنه قبل سنوات أن يظهر نفسه وكأنه الرجل الذي يمكن أن تعقد معه صفقات- استغل اللقاء ليوجه رسائل للمجتمع والقيادة (الإسرائيلية)، عقب فوز حركة حماس في الانتخابات.

ويعتقد باركو أن حديث السنوار البرغماتي يعبر عن معضلة حركة حماس، التي تدرك أنه يستحيل هزيمة (إسرائيل) من جهة وطموحها في تكرار نسخة جلعاد شاليط وتحرير أسرى وتعظيم دورها من جهة أخرى.

الصحافة (الإسرائيلية) اعتبرت أن انتخاب السنوار ولّد مخاوف جدية لدى مستوطني غلاف غزة، الذين يعتقدون أن المواجهة مع حماس باتت قريبة بعد انتخابه، وظهرت صورة السنوار كخلفية للبرامج الإخبارية التي غطت القصف الأخير على غزة، تأكيدًا على أنه التوتر التصعيدي الأول في ظل قيادة السنوار لقطاع غزة.

وما يزيد من توجسهم إزاء السنوار أنه كان أحد المعارضين الأساسيين لصفقة تبادل الأسرى "صفقة شاليط" خلال فترة أسره، رغم أنها شهدت إطلاق سراحه؛ إلا أنه اعتبر الإفراج عن 1027 أسيرًا مقابل الجندي الإسرائيلي "شاليط" هو استسلام ورضوخ للشروط (الإسرائيلية)، حيث يرون أنه "شخص متطرف" قياسًا مع حركته، لأنه يريد الحصول على تنازلات كبيرة للغاية من (إسرائيل)، خلال أي صفقة مقبلة لتبادل الأسرى.

وأجمعوا على أن القلق نحوه يأتي من كونه قد يضع (إسرائيل) على المحك بطريقة لم يفعلها أي من قادة حماس الآخرين من قبل، حيث أنه يفهم (إسرائيل) بشكل كبير جدًا، وعلى نحو مُلفت، فهو يتقن اللغة العبرية بطلاقة، كتابة وقراءة ومحادثة، ويفهم التركيبة الداخلية في (إسرائيل) جيدًا، إضافة إلى أنه هو والقيادي العسكري في كتائب القسام مروان عيسى يعملان بشكل مباشر مع القائد العسكري لكتائب القسام محمد الضيف ويمثلان الصلة بين الجناحين العسكري والسياسي.

أطلس للدراسات

البث المباشر