قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: باسل الشهيد المقاوم والعنوان الراشد

بقلم : مصطفى الصواف

لم يكن عاديا، بل شكل نموذجا رائعا للمثقف المقاوم الذي اكتشف فلسطين يوم أن بحث عنها من خلال دراساته وابحاثه، فقد تجاوز حدود الصيدلة التي تعلمها وامتهنها إلى دهاليز العلم والبحث والسياسة، فكان عارفا بحقه مدافعا عن وطنه منظرا لقضيته متظاهرا في بداية نشاطه وختم حياته بالبندقية.

إنه الشهيد باسل الاعرج الذي اغتالته قوات الاحتلال الصهيوني في رام الله قلب عاصمة محمود عباس ومركز قواته الأمنية التي يوما اعتقلت الشهيد وعذبته في سجونها بعد القصة المشهورة عندما أعلن عن اختفاء ستة من الشبان بشكل غامض فحرك محمود عباس أجهزته الأمنية للبحث عنهم حتى تمكنوا من العثور عليهم واعتقالهم والتحقيق معهم وتعذيبهم ثم إطلاق سراحهم والمؤسف أنها ارسلت ملف التحقيق للمخابرات الصهيونية والتي وضعت الشهيد باسم هدفا لها وأخذت مطاردته لتصفيته وهذا ما حدث للشهيد الاعرج.

قد يقول البعض أن الشهيد الاعرج لم يكن استشهاده ناتجا عن التنسيق الأمني بين سلطة رام الله والاحتلال الصهيوني بشكل مباشر، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف تمكنت قوات الاحتلال من الوصول إلى مكان الشهيد الاعرج؟، وأين أجهزة الأمن كانت؟ وماذا فعلت ؟، قد يقول البعض أن أجهزة الأمن كان لديها حل هو ابقاء الاعرج في سجونها تحت حجة الحفاظ على حياته، ونقول لمن يعتقد ذلك، وهل أجهزة الامن حافظت على القائد أحمد سعدات ومنعت قوات الاحتلال من اقتحام سجونها واعتقاله ورفاقه؟، وهل قوات الأمن منعت قوات الاحتلال من اعتقال اللواء الشوبكي؟ الامثلة كثيرة، وكما قال أحد قادة الأجهزة الامنية أن قواتهم تخلي المناطق بعد الساعة الحادية عشر ليلا وتترك قوات الاحتلال دون اعتراض تفعل ما تريد.

والسؤال ايضا ما هو دور الاجهزة الأمنية ؟، اليس من صميم دورها الحفاظ على حياة وأمن المواطن الفلسطيني؟، فهل عملت هذه الاجهزة على حماية أمن المواطن وحياته؟، هل تصدت قوات الأمن التي تستهلك نصف ميزانية حكومة الحمد لله لقوات الاحتلال عند اقتحامها لعاصمة عباس (رام الله) ؟، وهل تحركت هذه القوات عندما سمعت بإطلاق النار المتبادل وهرعت لمعرفة ما يجري، أم أنها كانت على علم بما كان سيجري ولم تتحرك وتركت قوات الاحتلال تفعل ما تريد كما نص اتفاق العار (أوسلو).

استشهد باسل بعد أن واجه الاحتلال ببندقيته ولم يتركها ولم يستسلم حبا في حياة زائلة وفضل حياة خالدة في جنان الله ونحسبه كذلك، باسل قدم النموذج الذي ستكون عليه المرحلة القادمة، باسل دحض كل ما اشاعه الاحتلال واعوانه أن المشاركين في مقاومة الاحتلال إما غير متعلمين أو فقراء، أو كارهين للحياة، ولكن كان الشهيد باسل متعلما فهو الصيدلي الواعي المثقف، لم يكن فقيرا، ولم يكن محبطا ولو كان كذلك ما تقدم الصفوف وقنع بحياة الذل والهوان، ولكنه انتفض في وجه الاحتلال وتحدى اعوان الاحتلال وواصل مقاومته للعدو مارس خلالها كل اشكال المقاومة ( المدنية والشعبية والتنظيرية) ولكن وصل في نهاية مشواره إلى قناعة أن المقاومة الحقيقية للمحتل تكون عبر البندقية، وكل الأشكال الأخرى مهمة؛ ولكنها لا تُغني عن البندقة كونها أكثر ايلاما للعدو الذي يقتل فينا بلا سبب، وأنها الطريق الأجدى نحو طرد المحتل وهذه الطريق تحتاج إلى وحدة في الموقف ووحدة في الفكر حتى تأتي أوكلها المرجو منها.

رحم الله الشهيد باسل الاعرج ورحم الله كل شهداء فلسطين، لقد خط الشهيد باسل بدمه وبندقيه خارطة الوطن وسبيل التحرير ورسم ذلك لشباب فلسطين ليؤكد أن هذه هي الطريق الحقيقي لنيل الحقوق وصون الكرامة وتحرير الأرض وإقامة الدولة.

البث المباشر