شكلت استقالة ريما خلف الأمين التنفيذي للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، فضيحة جديدة ولثمة قوية في جسد الديمقراطية التي تتغنى بها دول الغرب على حساب الدول النامية، لا سيما أنها أظهرت انحياز الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لصالح الاحتلال وكشفت وبشكلٍ واضح مؤامرة منظمته على القضية الفلسطينية.
ضغوط كبيرة مارسها الأمين العام للأمم المتحدة على ريما خلف لإجبارها على سحب تقرير (الإسكوا)، الذي يتهم الاحتلال الاسرائيلي بفرض نظام فصل عنصري على الفلسطينيين، ما دفع الأخيرة لتقديم استقالتها الجمعة الماضي، ورحبت (إسرائيل) بهذه الاستقالة وقالت إنها "خطوة في الاتجاه الصحيح"، وفق زعمها.
ولعل ملخص التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) والذي أجبر دولة الاحتلال والغرب على اللهث من أجل إبطاله وسحبه في أسرع وقت، يوضح أن (إسرائيل) دولة فصل عنصري (أبرتايد)، وقد أسست نظاما يهدف إلى تسلّط جماعة عرقية على أخرى.
وكانت خلف قد أشارت خلال مؤتمر صحفي بأن الأمين العام للأمم المتحدة قبل استقالتها مساء الجمعة، بعد أن أكدت على إصرارها على ما توصل له التقرير من أن (إسرائيل) قد أسست نظام فصل عنصري يهدف لتسلط جماعة عرقية على أخرى، وأن الأدلة التي قدمها التقرير قطعية".
وأضافت "إن الواجب يفرض تسليط الضوء على الحقيقة، وأن هذه الممارسات لا يمكن تبريرها"، معبرة عن اعتقادها بأن الأمين العام الأممي تعرض إلى ضغوط بسبب التقرير، مشيرة إلى أنها دعته إلى مراجعة قراره، لكنه رفض وتمسك به، مما دعاها إلى تقديم استقالتها.
وكانت استقالة خلف قد سبقتها ضغوط إسرائيلية وأمريكية من أجل سحب تقريرين أمميين يتّهمان الكيان الإسرائيلي بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين تمس جوهر الكيان الإسرائيلي كجريمة النكبة وجريمة الفصل العنصري، حيث تنصلت الأمم المتحدة من التقريرين وسحبتهما من مواقعها الرسمية.
حالة انقسام
وتسبب سحب التقرير الاستقصائي بوقوع حالة انقسام بين الدول، لاسيما أنه استند على قواعد القانون الدولي لحقوق الانسان وأعد وفق المعايير المهنية للنظام القانوني الدولي، ما أسهب في كشف المزيد من القرارات العنصرية الصادرة من الأمم المتحدة والتي تصب بميزان الاحتلال الاسرائيلي.
وسارعت المجموعة العربية في الأمم المتحدة بعقد اجتماع طارئ بدعوة من المندوب الفلسطيني لبحث تداعيات طلب الأمين العام غوتيريش من الإسكوا سحب تقريرها، وقرر المندوبون العرب تشكيل وفد من مندوبي فلسطين وعُمان والعراق للقاء غوتيريش ومتابعة هذه القضية.
وانتقدت الفصائل الفلسطينية بشدة سحب تقرير الإسكوا بشأن ممارسات (إسرائيل) تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الفصل العنصري.
واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سحب التقرير تشجيعا للاحتلال الإسرائيلي على مواصلة سياسته العنصرية، وتنكره لحقوق الشعب الفلسطيني"، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الألمانية.
وصرح صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية للإذاعة الفلسطينية الرسمية إن "العيب ليس بالتقرير وإنما بالممارسات الإسرائيلية والاستيطان وهدم بيوت الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم".
وقالت حركة الجهاد الإسلامي" إن سحب تقرير الإسكوا "إدانة واضحة لأمين عام الأمم المتحدة وانحياز فاضح لإسرائيل".
في المقابل، هاجم سفير (إسرائيل) لدى الأمم المتحدة، داني دانون، التقرير، وطالب الأمين العام للمنظمة الدولية بـ "التنكر تماما لهذا التقرير الكاذب الذي يسعى إلى تشويه سمعة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، وفق زعمه.
وطالبت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، بسحب التقرير، قائلةً إن الأمانة العامة للأمم المتحدة "كانت محقَّة في النأي بنفسها عن هذا التقرير، ولكن يجب أن تخطو خطوة أخرى وتسحب التقرير بأكمله".
والتزمت عدد من الدول الكبرى الصمت أمام هذه الفضيحة الدولية وقرار سحب التقرير، واختارت عدم التعقيب على ذلك حتى لا ترجح الكفة لصالح القضية الفلسطينية، لكن تبقى الأيام القادمة كفيلة بفضح المزيد من الجرائم الدولية المرتكبة بحق الفلسطينيين.
وتكمن أهمية التقرير وخطورته على دولة الاحتلال بأنه يشكل قاعدة انطلاق تسمح للدول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة-إذا ما أرادت-بإحالة التحقيق إلى محكمة الجنائيات الدولية، لمحاسبة الاحتلال الاسرائيلي وفق القانون الدولي، وقد أوصى بأن تقوم الدول بهذه الخطوة.