اتفق محللان سياسيان، أن إضراب الأسرى يُحرج رئيس السلطة محمود عباس أثناء لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحيث يظهره أنه لا يسيطر على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
فمن جانبه، يعتقد المحلل السياسي فايز أبو شمالة أن حركة "فتح" غير موافقة بتاتًا على إضراب الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، متابعًا "والدليل على ذلك حصر التضامن مع الأسرى داخل خيمات وأماكن الاعتصام فقط".
وأوضح أبو شمالة خلال حديثه لـ "الرسالة نت"، أن رئيس السلطة محمود عباس معني بإيقاف كامل لإضراب الكرامة، مشيرًا إلى أن قيادة "فتح" غير معنية بإضراب الأسرى.
وأضاف "يعتقد عباس أن الإضراب يخدم بشكل كبير المقاومة"، منوهًا إلى أن تأخر صرف رواتب موظفي السلطة لإشغال الشارع في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة بقضايا أخرى بعيدة عن قضية إضراب الكرامة.
وأشار إلى أن السلطة وفتح عجزتا عن ثني مروان البرغوثي عن الاستمرار في الإضراب، بحيث 1500 أسير شاركوا بالإضراب عن الطعام من أصل 6 آلاف أسير، بمعنى أن 50% من أسرى "فتح لم يشاركوا في الإضراب وكأنه هناك إشكاليات داخلية فتحاوية على الاستمرار.
وتابع أبو شمالة "فتح البرغوثي السجين لم تعجبه الأوضاع الفلسطينية الحالية"، مشيرًا إلى أن فتح تحارب الإضراب والدليل على ذلك الفعاليات التضامنية مع الأسرى في الضفة ونحن في اليوم الـ 19 على التوالي وكأن المضربين من سكان جنوب أفريقيا وليسوا فلسطينيين.
وبين أن الوضع الحالي يختلف عن السابق، عندما خاض الأسرى إضرابًا مفتوحًا عن الطعام في عام 1991م، عندها هبت الجماهير في الضفة وغزة نصرة للأسرى "وكنا نسمع عن سقوط الجرحى والشهداء"
ونوه إلى 21 وجبة طعام لم يتناولها الأسرى داخل سجون الاحتلال، والوزراء في الضفة يتناولون الطعام دون التطرق لقضايا الأسرى، مستدركًا بالقول "لو أرادت فتح التضامن كانت سمحت للشباب الفلسطيني بالاشتباك مع قوات الاحتلال وبشكل يومي".
وبحسب أبو شمالة فإن أي حركة مقاومة صغيرة في الضفة كفيلة بشل أركان المستوطنين ودولة الاحتلال الإسرائيلي، معتبرًا ذلك وسيلة ضغط على وزير الأمن الداخلي في دولة الاحتلال جلعاد أردان، حيث قال "لن يتفاوض مع الأسرى" لأنه واثق ومطمئن على الأذرع التنسيقة في جميع أرجاء الضفة الغربية المحتلة.
وبين أن الوسيلة الوحيدة للضغط على أردان وغيره من قيادة الاحتلال "إذا شعر بأن الأوضاع الميدانية في الضفة خرجت عن سيطرة السلطة والاحتلال في آن واحد".
واعتبر أن أي انتصار في قضية الأسرى يعود إلى الشعب الفلسطيني وليس في شخصية مروان البرغوثي، مشيرًا إلى أن إلى أن المعركة الحالية بين خط المقاومة وخط الهزيمة.
وتمنى أن ينتصر الأسرى في وجه السجان الإسرائيلي من خلال تحقيق مطالبهم الكاملة؛ لكي يتجرد من وصفهم بـ "الفاسقين" من الشعب الفلسطيني من هويتهم الوطنية.
رسائل للمجتمع الدولي
من جهته، يرى المحلل السياسي مصطفى الصواف أن فتح تستثمر التعاطف الجماهير مع الأسرى؛ لأجل مساندة رئيس السلطة محمود عباس وما يقدمه للشعب الفلسطيني خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي ترامب.
وأوضح الصواف خلال حديثه لـ "الرسالة نت"، أن "فتح" تستغل الوضع الحالي لإرسال رسائل إلى المجتمع الدولي والعربي بأن الشعب الفلسطيني يقف جنبًا إلى جنب مع عباس".
ورأى أن حقيقة موقف الشعب الفلسطيني ما شاهده العالم عبر وسائل الإعلام المحلية، أثناء خرود جزء كبير من الأهالي في قطاع غزة بأن عباس لا يمثلهم؛ والسبب في ذلك أنه تنازل كثيرًا عن حقوقهم داخل المحافل الدولية.
وبين أن قيادة "فتح" تريد التضليل على إضراب الأسرى، في سبيل عدم التشويش على زيارة عباس لواشنطن"، مستدركًا بالقول "لكنهم يحاولون كسر الجبر من خلال إظهار للآخرين أن الشعب الفلسطيني يدعم عباس، رغم أن الشعب في الضفة والقطاع لا يعتبر عباس يقدم أي دعم حقيقي لهم".
وكما أشار إلى أن اللجنة المركزية متخوفة من البرغوثي الذي دعا الى الإضراب لدواعٍ سياسية، وكما يأتي في سياق تعطيل زيارة عباس إلى واشنطن وبالإضافة إلى عدم ظهوره من مبدأ الضعف أمام ترامب.
ونوه إلى أن إضراب الأسرى مخالف لرغبة قيادة فتح ولجنتها المركزية ومؤسساتها، مشيرًا إلى أن "فتح ليست على قلب رجل واحد، هناك ضد سياسات عباس، لكن لا يستطيع التعبير عن رغبته بسبب المصالح، بشكل أو بآخر".
ويخوض الأسرى منذ السابع عشر من الشهر الجاري الذي يوافق يوم الأسير الفلسطيني، إضرابا مفتوحاً عن الطعام، وذلك للمطالبة بتحسين ظروف اعتقالهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي.