قائد الطوفان قائد الطوفان

الشاب "النجار" يتحدى إعاقته ويحصد القمح بنصف جسد

الشاب لؤي النجار "28" عاماً من بلدة خزاعة
الشاب لؤي النجار "28" عاماً من بلدة خزاعة

​خانيونس- نور الدين الغلبان

ما إن تنسج الشمس خيوط أشعتها على حقول القمح التي تقف شامخة أمام الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على تلك الأراضي، حتى يخرج الشاب الجريح من منزله مستقلاً دراجته النارية ذات العجلات الثلاثة، لمساعدة أقربائه وأصدقائه في حصاد محصول القمح والشعير.

الشاب لؤي النجار "28" عاماً من بلدة خزاعة شرقي محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، تعرض لإصابة من طائرة إسرائيلية أفقدته كلتا قدميه في استهداف تعرض له عام 2009، بعد أن أراد إنقاذ حياة امرأة مصابة من البلدة.

ومع بداية موسم حصاد القمح في حقول خانيونس يشمر النجار عن ساعديه، منطلقاً بسرعة البرق تجاه محصول القمح الخاص بأقاربه الذين يستعينون به خلال المواسم المختلفة، كموسم قطف الزيتون والعدس والشعير والقمح.

وبكلتا يديه يأخذ النجار وضعيته متوكلاً على الله من أجل البدء في حصاد القمح والشعير الموجود مقابل برج عسكري إسرائيلي جاثم على أرض أجداده على حد قوله.

ويمسك صاحب الإرادة الصلبة سنابل القمح بكلتا يديه زاحفًا على الارض بسرعة كبيرة، وقد تخلص من بعض الأشواك التي التفت على ملابسه، ليثبت للعالم أن الإعاقة ليست بالجسد وانما بالعقل.

وفي مشهد يظهر قوة العزيمة والارادة على تحدي الاعاقة يختصر النجار حديثه "للرسالة" بأن الارادة تصنع المستحيل وتجعله يمارس حياته بشكل أشبه بالطبيعي.

ويلفت إلى أنه يعمل في مجال الحصاد وقطف الزيتون والبناء تطوعاً، حيث يحب مشاركة جيرانه واقاربه العمل، واصفاً موسم الحصاد بالفرحة التي تغمر الجميع.

ويعود النجار مع ساعات المساء من أجل إكمال عمله بمساعدة الأقارب والأصحاب، بعد أن يأخذ قسطاً من الراحة برفقه زوجته وأبنائه الخمسة الذين يعيشون في منزل بالقرب من الخط الفاصل.

لم يتقبل "النجار" فكرة بتر قدميه في بداية الأمر، واصفاً أنها كانت صعبة للغاية، ولكنه استطاع قهر الإعاقة وتسخيرها في خدمة الاخرين رغم المشقة والتعب، مؤمناً بأن ما حصل معه من بتر لساقيه ابتلاء يستوجب الشكر والرضا.

ويقول بعد أن مسح حبات العرق عن وجهه الذي يميل إلى البشرة القمحية، إنه بهذا العمل يريد أن يكون نموذجًا يحتذى به بين من هم مثله في الإعاقة، ليثبت لهم أن الإرادة تصنع المستحيل، ولا يجب الاستسلام مهما كانت الظروف.

النجار حرص على إكمال تعليمه الجامعي، بعد أن تخرج من الجامعة الإسلامية بغزة في تخصص التاريخ والجغرافيا، موضحاً أنه يمارس حياته بشكل طبيعي مع أهل بيته وجيرانه وأصدقائه الذين يستعينون به أثناء الحاجة.

وبالقرب من الشريط الحدودي تتمايل سنابل القمح أمام الاليات والأبراج العسكرية التي تشكل الخطر الأكبر للنجار وبقية المزارعين في المنطقة، حيث تفتح نيران رشاشاتها باتجاههم من دون سابق إنذار، لينجو مع أقرانه من الموت بأعجوبة.

ويُشير "النجار، بعد أن جلس لينال قسطًا من الراحة ويشرب القليل من الماء ليخفف من حرارة الجو، بينما التصق غبار المحصول بوجهه بفعل العرق، إلى أنه تعرض عدة مرات لإطلاق نار في موسم قطف الزيتون، برفقة مجموعة من أسرته، مختبئاً خلف أحد الأشجار، حتى توقف إطلاق النار، وانسحب على دراجته من المنطقة.

ويوضح أنه وفي حال حدوث أي إطلاق للنار من قبل الأبراج العسكرية المتمركزة قرب الأرض التي يعمل فيها، فإنه يتلقى الدعم الكبير من زملائه وأقاربه الذين يساعدونه على المغادرة بصحبتهم.

ومع غروب الشمس يجمع الجريح برفقه أقربائه القمح الذي تم حصاده وربطه على شكل حزم ووضعه في أكوام منتظرين نهاية الحصاد لتبدأ عملية فرز القمح والتبن الخاص بالبهائم.

البث المباشر