قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: توحدوا فالأمر جد خطير

مصطفى الصواف

منطقيا لا يمكن للكف أن تعاند المخرز، ولكن هنا في فلسطين يحدث العكس، الكف تعاند المخرز ورغم الألم تخرج منتصرة، في أربعين يوما والكف تعاند المخرز وتنتصر عليه، هكذا كانت كف الاسرى في سجون الاحتلال خير دليل على قوة التحدي والصمود ثم تحقيق الانتصار في شهر الانتصار، شهر رمضان المبارك، وهذا هو اول الانتصارات في هذا الشهر الكريم الذي نتمنى أن يكون شهرا حافلا بالانتصارات.

نعم، بعد اربعين يوما من معركة الامعاء الخاوية يرضخ السجان ويجلس مع قيادة الاسرى ويتفاوض معها بعد أن كان يرفض التفاوض وليس ذلك فحسب بل ويستجيب لغالبية مطالب الاسرى التي من أجلها خاضوا هذا الاضراب، وهذا درس يستفاد منه في التفاوض مع الاحتلال على مختلف الصعد، وهو الاصرار على المطالب دون تنازل أو تهاون مع المحتل لأنه في النهاية سيستجيب رغما عن انفه، ودرسا آخر يستفاد من هذا الاضراب وهو الوحدة التي القت بظلالها على صمود الاسرى وثباتهم على موقفهم حتى تحقيق مطالبهم، وهو درس لمن خارج السجون أن يستفيدوا منه ويعملوا على تحقيقه لأن به يمكن أن نُعلي من شأننا وأن نُسمع صوتنا ويكون له صدى مؤثرا وفعالا.

الوحدة ونحن في شهر الوحدة، شهر رمضان يوحد كافة المسلمين فلماذا لا نوحد صفوفنا من أجل إعلاء كلمتنا، ويكون موقفنا مهابا لا يمكن اختراقه كوننا نتكلم بصوت واحد وبشعار واحد وننادي بمطلب واحد.

راهنا كثيرا شرقا وغربا ولم يكن رهاننا في مكانه ولا زمانه، ولم يحقق لنا الا مزيدا من الخيبات التي نعيشها، راهنا على العرب وإذا بهم أول من يخذلوننا ويبيعوا حقوقنا وقمة الرياض دليل على ذلك، راهنا على أمريكا وقلنا من زمن انور السادات أن 99% من اوراق القضية بيدها، كذبة صدقناها ولازلنا نلهث خلفها حتى شاهدنا موقف أمريكا من قضيتنا وتبنيها للموقف الصهيوني، وجاء ترامب وغادر ولم يقدم لنا شيئا يذكر وعند عودته قدم للاحتلال 75 مليون دولار دعما مما جناه من أموال العرب .

وعقب الزيارة خرجت التحليلات التي تحذر من مخاطر على القضية الفلسطينية وعلى لسان ليس المحللين فقط بل ومسئولين في القوى الفلسطينية الذين تحولوا محللين للزيارة والذي كان من المفترض أن يجلسوا ليقولوا ماذا بعد؟ هل سنسلم أمرنا للحل الاقليمي القائم على ضياع حقوقنا؟، أو ان نبحث عن كيفية التصدي لتصفية القضية عربيا واقليميا ودوليا؟، وكيف سنواجه هذه المشاريع ؟، وما هي تصوراتنا للحل بما يخدم حقوقنا وحقوق شعبنا؟

ومن هنا نقول أن على الشعب الفلسطيني أن يخرج ويبحث عن قياداته من مختلف القوى والفصائل ويحتجزهم في مكان واحد ويفرض عليهم طوقا شاملا يمنع فيه خروجهم من هذا المكان مهما طال الزمن من أجل الاتفاق على برنامج واحد يلتزم به الجميع، ومن يرفض أو يخالف هذا الاجماع أن يُغتال سياسيا ويُعرى ويُنبذ طالما أنه يشذ عن الاجماع الذي يحقق وحدتنا ويحمي حقوقنا، وتمضي البقية الباقية في ما توافقت عليه بعيدا عن الرافضين للمشروع الوطني.

هذا سبيل تعزيز الموقف الفلسطيني وتصميده من أجل الوقوف في وجه أي مشروع ينتقص من حقوقنا، ويهدف إلى تصفية قضيتنا لصالح الاحتلال، الوحدة هي التي عليها تكسرت كل المشاريع والقرارات التي هدفت لتصفية القضية وماتت تلك المشاريع وبقي الشعب الفلسطيني وقضيته حية، وستموت كل المشاريع القادمة ما لم تحقق حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة .

كل عام وانتم بخير والشعب بخير والقضية بخير، ونؤكد لا أمن ولا أمان طالما لم يتحقق للشعب الفلسطيني أمنه وأمانه وتعود له كامل حقوقه، فتوحدوا وضعوا أيديكم بأيدي بعضكم ودعوا خلافاتكم وصغائركم وتوافه الامور، فالأمر جد خطير ما لم تتوحدوا لتحموا أنفسكم وشعبكم وقضيتكم. 

البث المباشر