تبدو حكومة الاحتلال الإسرائيلي ماضية في خطواتها التعسفية لتشديد الخناق على الفلسطينيين، متجهة هذه المرة لاستهداف شريحة الأسرى وأهالي الشهداء، وذلك عبر ممارسة الضغط على السلطة الفلسطينية لوقف صرف مخصصاتهم.
وأفادت صحيفة يديعوت احرونوت العبرية، أن اللجنة الوزارة لشؤون التشريع بالكنيست الإسرائيلي قد وافقت على قانون يقضي بخصم مخصصات الأسرى وعائلاتهم وعائلات الشهداء الفلسطينيين من الأموال المحولة للسلطة الفلسطينية.
وذكرت الصحيفة العبرية اليوم الأحد، أن مشروع القانون ينص على منع دفع الرواتب "للإرهابيين"، مشيرة إلى أنه ووفقا للاقتراح فإن مدفوعات التعويضات الضريبية الحكومية تنقل إلى السلطة التي تنقل سنويا إلى "الإرهابيين" وعائلاتهم والذي يشكل انتهاكا لاتفاقات أوسلو.
وأضافت أن القانون الذي بادر به عضو الكنيست اليعازر شتيرن عن حزب (يوجد مستقبل) ما زال يحتاج لعدة موافقات بعدة قراءات في الكنيست سيتم المصادقة عليها لاحقا.
وتكررت مؤخراً مطالبة الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية بوقف صرف مخصصات الأسرى وأهالي الشهداء.
ويرى مراقبون أن مشروع القانون يعد أحد فصول الاحتلال في الضغط على السلطة الفلسطينية بتوافق إسرائيلي-أمريكي من جهة، للانتقام من الأسرى والشهداء من جهة ثانية.
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، فإن هناك حالة من الضغط تمارسها (إسرائيل) على السلطة، في الآونة الأخيرة، مؤكداً على أن هذا الضغط له تداعيات سياسية خطيرة، حيث يسعى الاحتلال إلى وصف كل ما يجري بـ "الإرهاب".
وأوضح عوكل خلال حديثه مع "الرسالة" أن الانقسام السياسي الذي تشهده الأراضي الفلسطينية في الوقت الراهن، يسهل على (إسرائيل) ممارسة الضغط على السلطة، وتحقيق ما تريده.
استجابة السلطة
ويبدو أن هذه الضغوط التي تمارسها (إسرائيل) بدأت تجني ثمارها، حينما أقدمت السلطة على قطع رواتب 277 أسيرًا محررًا من سجون الاحتلال.
وهذا ما ذهب إليه عوكل، قائلاً "من الواضح أن هناك استعدادات لدى السلطة للاستجابة لهذه الضغوط، والتي بدأت فعلياً بقطع رواتب الأسرى المحررين". وأضاف "نحن أمام قرار خطير بكل أبعاده السياسية والمالية والاجتماعية".
لكن المختص في الشأن الإسرائيلي أكرم عطالله، رأى أن قطع السلطة رواتب 277 أسيرًا محرراً لم يكن استجابة رسمية فلسطينية للشرط الإسرائيلي، مبيناً أن قطع رواتب الأسرى المحررين جاء في سياق حالة الانقسام وليس الاستجابة للشروط الإسرائيلية.
وأوضح أن (إسرائيل) تسعى إلى قطع رواتب الأسرى الفلسطينيين الموجودين في سجونها حالياً، والذين يتجاوز عددهم الآلاف. وأضاف "لو تجاوبت السلطة لإسرائيل، لما ذهبت لحجز الأموال عنها"، مرجحاً ألا تستجيب السلطة للاحتلال، "كونه موضوعًا مُحرجًا".
وكان رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قد قال في تصريحات سابقة، إنه على السلطة إثبات التزامها بعملية التسوية عبر قطع رواتب ومخصصات الأسرى وعائلات منفذي العمليات.
المصادقة على القانون
وفي السياق ذكر عطالله أنه من السهل المصادقة على أي مشاريع من هذا النوع، في ظل إحكام اليمين الإسرائيلي قبضته على الحكومة، بما فيها القضاء.
وتوقّع عطالله، أنه لو صادقت (إسرائيل) على حجز الرواتب، لن تقطعها السلطة، كونها إلزام عليها وفق القانون الفلسطيني الذي صاغته وزارة الأسرى والمحررين، وليس القانون الإسرائيلي.
وأوضح أن السلطة مضطرة للبحث في وزارة المالية، عن تعويض رواتب لهؤلاء الأسرى.
الجدير ذكره، أن مبعوث ترمب الخاص إلى المنطقة جيسون غرينبلات ناقش هذه القضية خلال لقائه الرئيس الفلسطيني في رام الله، محذرًا عباس من مواصلة دعم عائلات الأسرى والشهداء وأن "وقف الرواتب يعد شرطًا لاستئناف المفاوضات".