قائد الطوفان قائد الطوفان

المزارع أبو أسد.. أزمة الري حرمته مائدة رمضان

المزارع ابو اسد
المزارع ابو اسد

غزة-محمد بلّور

ليست وحدها الساعة البيولوجية اضطربت في رمضان لدى المزارع سالم أبو أسد (60) عام فهو زيادةً على ذلك يصارع القلق خوفاً على خضرواته ويضطر كثيراً لتناول وجبتي السحور والإفطار في حقله الحدودي.

لا شيء يدعم صمود "أبو أسد" وسط أزمة الري التي أضعفت ثمار (الكوسا والباذنجان والذرة وأخواتها..) سوى محافظته على ورد القرآن والتسبيح وهو يترقب وصول التيار الكهربي للبدء في ري زراعته.

ويعاني المزارعون من أزمة ري بدأت تشتد مع حلول الصيف ترتبط بأزمة الكهرباء خاصّة لمن يعتمدون على مولدات كهربية في تشغيل آبار وشبكات المياه الزراعية.

يتسلل القلق على رؤوس أصابعه إلى المزارع أبو أسد في اليوم مرتين على الأقل فهو على اتصال دائم صباح مساء مع أشقائه (شركائه) في الحقل ومع جيرانه سائلاً عن وصول التيار الكهربي.

ويبقي سالم باب حجرة بئر المياه مشرعاً وهو جالس أمام الحجرة الزراعية مترقباً وصول الكهرباء قبيل السادسة مساءً حتى يستفيد من كل دقيقة في الري.

ويضيف للرسالة: "الكهرباء بهدلتنا في ري الخضروات فوق اللازم فلم نعد نعرف الليل من النهار في رمضان، أحياناً يكون موعدها الساعة 12 ليلا فأكون هنا ولا تأتي وأحيانا 10 صباحاً وتأتي ساعتين وتقطع وأحيانا 3 فجرا ولا تنتظم".

على بعد (200) متر من حقل أبو أسد الحدودي الذي بدأت أشجار الذرة فيه تناهز المتر يحوم سرب من الطيور فوق موقع عسكري قبته صفراء من نوع آلي (يري ويطلق) وقد اعتاد إطلاق النار بشكل متقطع ما يشكل خطرا على حياته وهو في الحقل.

ويتابع:" أنا وأشقائي شركاء في 25 دونم خضروات ومثلها أشجار ويبعد منزلنا 6 كيلومتر عن الحقل ونأتي كل يوم حسب جدول بيننا ليروي كل واحد زراعته ولكن كيف تكفي ساعة ونصف او ساعتين لسد حاجتنا جميعاً".

وزرعت أزمة الري بذورا لمشاكل وجدال يومي بين الأشقاء اكتفى "سالم" بالتلميح إليه لأن كل واحد منهم لديه عذر في القلق على مصير زراعته لكن جدول الكهرباء لا يحابي أحداً منهم عن قصد.

وكان أبو أسد، اضطر قرابة عشر مرات لتناول وجبة الإفطار في الحقل بعيدا عن أسرته، خلال نوبة توقع فيها وصول التيار الكهربي بعد أن أخرجته أزمة الري من أجواء رمضان الأسرية في المنزل.

تكرار انقطاع الكهرباء أعطب المولد الكهربي قبل أيام وأدى لخسارة تناهز (5000) شيكل في مضخة البئر الغاطس، ولم يجد سالم وأشقاؤه خياراً سوى إصلاحا لإنقاذ الثمار التي أوشكت على الموت.

ويضيف: "أول مرة أعيش رمضان بهذه المعاناة وأجبرتني الكهرباء تناول السحور 10 مرات في الحقل متحملا خطر وجودي قرب السلك الفاصل وصدقا افتقدت لمّة الأسرة حول مائدة رمضان".

لم تكتف أزمة الكهرباء بالانعكاس مباشرة على جدول الرّي فقد أدى نقص المياه إلى ضعف الثمار وموت كثير منها ونفقت معه نباتات قبل أوانها.

ولا يجد سالم صعوبة خلال جولة ميدانية قصيرة في الحقل ليعثر على ثمار باذنجان نافقة قبل ان يشير لأشجار الذرة التي زرعها متأخراً ليتجاوز أزمة تسويقها في رمضان فينخفض نموها زيادة بسبب نقص الماء.

ويتابع: "زرعت الذرة متأخرا لأن سوقها ضعيف في رمضان لكن شحّ المياه لم يمنحها النمو (..) لدي ثمار تموت ونباتات أصبح عمرها نصف المعتاد وبالتالي لم نتمكن من تسويق كثير منها لأنها ثمار ضعيفة ومثلا الكوسا نقطف في اليوم 5 صناديق بدل 10".

وبإمكان الناظر بعيون غير خبيرة ملاحظة اصفرار كثير من نباتات الحقل بسبب شحّ المياه حيث انخفض نمو نبات البامية إلى النصف رغم زراعتها قبل (35) يوما وهو ما جعلها مثاراً للضحك والتندر بين سالم وأشقائه.

البث المباشر