قائد الطوفان قائد الطوفان

قرية "دير أبو مشعل".. "وعد البراق" من آخر حصون الدولة العثمانية

قرية دير أبو مشعل
قرية دير أبو مشعل

غزة-أحمد الكومي

من آخر حصون الدولة العثمانية، انطلقت عملية "وعد البراق"، لتثبت قرية "دير أبو مشعل" في الضفة المحتلة، أن الفارس إذا ما مات، فإن الجواد يبقى!

تردد اسم قرية "دير أبو مشعل" كثيرًا هذه الأيام؛ إثر عملية طعن وإطلاق نار، نفذها ثلاثة شبان من القرية، في مدينة القدس، الجمعة الماضية، فيما عُرفت باسم "عملية وعد البراق".

وبانتقام الجبناء، ردّت قوات الاحتلال الإسرائيلي بمحاصرة القرية، من خلال الدفع بتعزيزات عسكرية في محيطها، وإغلاق جميع مداخلها، قبل اقتحامها، واعتقال عدد من أهلها، ومصادرة مركباتهم.

تقع القرية ضمن قضاء رام الله، وتبعد عنها 30 كيلومترًا من الجهة الغربية، وتبلغ مساحتها 16.700م2، ويقطنها حوالي خمسة آلاف نسمة.

تعتبر القرية أول سلسلة جبال مقابلة للساحل الفلسطيني، ويقال إنها كانت آخر حصن خرجت منه الدولة العثمانية 1923، وبقي هذا الحصن تحت سيطرتها قبل أن يقصفه الانجليز من جهة اللد والرملة.

ومن قبل العثمانيين، كانت القرية تحت سيطرة الرومان؛ نظرًا لموقعها الإستراتيجي، باعتبار أنها تنام على رأس جبل.

يوجد في القرية 28 بئر مياه، وتشتهر أيضًا بوجود برك رومانية قديمة منحوتة في الصخر بعمق ثمانية أمتار، يقال إن أهل القرية كانوا يتعلّمون السباحة فيها.

كما تمتاز القرية بمبانيها الأثرية، حيث يوجد بها ما يزيد عن 100 مبنى كلّها تقريبا قديمة، وفق مسح ميداني للأبنية القديمة، أجرته مؤسسة مختصة عام 2000، إضافة إلى وجود كهف قديم فيها.

أما اسم القرية فهو "مناسبة" يحتفظ أهلها بحكايتها، ويتوارثوها باعتبارها مدعاة للفخر، حيث يروى أنها سُمّيت باسم "دير أبو مشعل" نسبة إلى شُعلة كانت قديمًا تُضاء على رأس الجبل فيها!

يقول جمال زهران، رئيس بلدية القرية، إن هذه الشُعلة كانت تضيء الطريق للناس القادمين من منطقة اللد ويافا والرملة؛ ليهتدوا بها، "وإشارة على وجود القرية".

ويعيش أهل القرية "حياة هادئة" بعيدًا عن ضوضاء المدينة، ويعمل معظمهم في الزراعة والتجارة، وعادة ما يجتمعون مساء في فصل الصيف؛ لإحياء الأمسيات التراثية، حيث يميّز أعراسهم الدبكات الشعبية، والبدّاوية.  

ومن الطرافة المتداولة لدى أهل القرية، أن الأفراح عندهم ليست بحاجة إلى "كروت أفراح"، في إشارة إلى صغر القرية، وأنهم "أسرة واحدة".

ويدلل زهران على ذلك بقوله، "إن من يعيش في قرية دير أبو مشعل، لا يفكّر بمغادرتها"، مضيفا: "حتى إن بنات القرية اللاتي تزوجّن خارجها، عدن إليها برفقة أزواجهن للعيش فيها"!

حاليًا، لن يكون بإمكان أي من أهل القرية مغادرتها؛ لأنها تحت حصار إسرائيلي مشدد، بعدما عززت قوات الاحتلال من انتشارها، وتواجدها في الأبراج العسكرية المحيطة بالقرية، على طول الطريق الاستيطاني المحاذي لها.

لكن القرية، وإن انطفأت الشعلة فيها، لا تزال متّقدة في قلوب أهلها. تقول ذلك عملية "وعد البراق" التي نفذها ثلاثة من شباب القرية، وقتلت فيها مجنّدة إسرائيلية، وأصيب ثلاثة آخرون.

ومما لا شك فيه، أن حصار القرية سيترك ندبة عميقة على وجهها، إلا أنها ستبقى، ويرحل الاحتلال، كما رحل الانجليز من قبله.

 

البث المباشر