حذرت منظمات دولية وحقوقية من خطورة سلوك السلطة الفلسطينية ضد قطاع غزة، مؤكدة ان هذا السلوك يرتقي لمستوى جرائم حرب إبادة ضد سكان القطاع، وفق مقررات اتفاقيات ومبادئ حقوق الانسان.
وأكدّت المنظمات في تصريحات خاصة بـ"الرسالة نت" أن ما تقوم به السلطة الفلسطينية يعتبر اختراقًا خطيرا لمبادئ حقوق الانسان، ويستوجب عليه ملاحقة قياداتها واحالتهم الى القضاء.
بدوره، أكدّ الياس خوري ممثل اتحاد الحقوقيين العرب في منظمة الأمم المتحدة، أن حرمان السلطة لمرضى القطاع من العلاج، واستخدامهم كرهائن لأسباب ودواع سياسي، يعتبر "جريمة من جرائم الحرب" يحاكم عليها القانون الدولي.
وقال خوري في تصريح خاص بـ "الرسالة نت"، من لاهاي، إن السلطة مطالبة بموجب القانون الدولي بتوفير الوسائل الضرورية لأبناء شعبها في كل الاحوال (في السلم والحرب)، وفقًا لنصوص المادة الأساسية في قانون الأمم المتحدة.
واعتبر حصار غزة بمنزلة " ابادة" يتعرض لها سكان القطاع، قائلًا: "هدف الأطراف المشاركة ابادة السكان وتهجيرهم، وأي طرف يشارك في الحصار هو مدان ويلاحق بحسب القانون الدولي".
وأكدّ خوري أن سكان غزة يتعرضون لعقوبات جماعية وجرائم حرب ضد الانسانية "لا توصف قانونيًا ولا أخلاقيَا ولا سياسيا".
من جهته، أكد محمد جميل مسؤول المنظمة العربية لحقوق الانسان في بريطانيا، أن السلطة ترتكب جرائم بحق الإنسانية قد غزة، وفق مبادئ حقوق الانسان الدول، مشيرا الى ان رئيس السلطة محمود عباس يشن حربًا على الشعب الفلسطيني.
وكان تسعة مواطنين مرضى في غزة قد استشهدوا نتيجة حرمان السلطة اصدارهم تحويلة العلاج بالخارج.
وحمّل جميل في تصريح خاص بـ"الرسالة نت" رئيس السلطة محمود عباس ورئيس حكومته رامي الحمد الله مسؤولية منع التحويلات العلاجية لمرضى قطاع غزة، مشيرا الى أن "السلطة الفلسطينية اتخذت قرارا لم تعلن عنه خرج إلى حيّز التنفيذ في الآونة الأخيرة بوقف التحويلات العلاجية للخارج لمئات المرضى بينهم مرضى سرطان وقلب، ضاربة بعض الحائط الحاجة الماسة لهؤلاء المرضى للعلاج".
ولفت جميل إلى وجود أكثر من 1600 حاله تحتاج إلى التحويل للعلاج خارج قطاع غزة بشكل عاجل، وأن التعنت في إجراء التحويل سيتسبب بكارثة إنسانية يكون ضحاياها مرضى تكفل لهم القوانين كافة الحق في العلاج.
ونبه إلى أن رئيس السلطة محمود عباس يستغل الحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل للتلاعب بحياة الناس متجاهلا بشكل خطير كون فلسطين عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية.
ودعا مكتب الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق في جميع الإجراءات التي اتخذها محمود عباس في الآونة الأخيرة ضد سكان قطاع غزة، والتي يبدو أنها ستتصاعد في المستقبل، وفق قوله.
وكان منسق شؤون سلطات الاحتلال في المناطق المحتلة الجنرال، يؤآف بولي مردخاي، قد نفى ادعاءات السلطة بوقوفهم خلف منع المرضى، قائلا عبر صفحته على الفيس بوك، إن " وزارة الصحة في حكومة عباس، هي المسؤولة عن تأخير دخول 1500 طلب لأهالي قطاع غزة للدخول إلى "إسرائيل" لتلقي العلاج.
وأضاف مردخاي أن "سلطة عباس" قامت بتقليص الميزانية المخصصة للعلاج الصحي لأهالي غزة بسبب خلافها المادي مع حركة حماس، على تخصيص الأموال من الطرفين في الصدد، مشيرًا إلى أنه بدون تعهد والالتزام لدفع العلاج لا يستطيع الغزيين تلقي العلاج من المستشفيات ولا يستطيعون تلقي تصاريح دخول.
من الجدير بالذكر أن حوالي 3000 – 4000 مريض في غزة بحاجة ماسة للعلاج في الخارج، واستمرار منعهم من السفر يعني أن في كل لحظة معرضين للوفاة ، إلى جانب رفض وزارة الصحة في رام الله منذ أكثر من شهرين إرسال حصة قطاع غزة من الأدوية التي تصل إلى مخازنها من قبل الدولة المانحة لا سيما أدوية مرضى السرطان وبعض الأمراض الخطيرة ومرتفعة الثمن.
من جانبها، حملت الحملة الأوربية لكسر الحصار عن غزة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية مسئولية وفاة رضّع في غزة كانوا في حاجة لتلقي علاج عاجل في الخارج، واعتبرت منعهم من تلقي العلاج بمثابة جريمة قتل عن عمد.
وقال مازن كحيل رئيس الحملة، إن منع خروج المرضى جريمة نكراء تضاف إلي سجل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق السكان العزل في القطاع، ومنعهم من الوصول إلي المستشفيات لتلقي العلاج .
وكانت منظمة الصحة العالمية في غزة قد كشفت عن وجود اتصالات دولية وأممية تجريها المنظمة مع وزارتي الصحة في غزة والضفة والاحتلال الإسرائيلي، من أجل حل ازمة التحويلات المرضية.
وقال محمود ضاهر مدير المكتب في غزة في حديث خاص بـ"الرسالة نت"، إنّ دائرة التحويلات للخارج في وزارة الصحة برام الله نفت أن تكون قد أوقفت هذا الملف، لكن مدير مكتبها في غزة بسام البدري أكدّ وجود 1500- 2000 حالة لا تزال تنتظر رد لدى دائرة الخدمة في رام الله المسؤولة عن إقرار التحويلة المالية.
وبيّن أن المنظمة تواصلت مع أعلى المستويات الأممية والدولية ومع الجانب الأمريكي من خلال المنسق الإنساني لفلسطين والإدارة العامة للمنظمة في القاهرة وجنيف وفلسطين، وأجرت اتصالاتها مع الدول الداعمة "ونأمل أن تؤتي ثمارها".
وأضاف ضاهر أن الموقف الرسمي للوزارة ينفي وقف الخدمة، في وقت تؤكد فيه الحقائق أن هناك مرضي يفقدون حياتهم وارواحهم بفعل حرمانهم من العلاج خارج القطاع، وهو امر مقلق للغاية ومعقد جدًا، مشددا على أن مرضى غزة بحاجة لإنقاذ.