مبادرات التسوية..رؤى متفرقة واجتماع على تصفية القضية

الرئيس الامريكي دونالد ترمب ورئيس السلطة محمود عباس
الرئيس الامريكي دونالد ترمب ورئيس السلطة محمود عباس

غزة- شيماء مرزوق

تتزاحم المبادرات لتسوية القضية الفلسطينية أو بالأحرى تصفيتها، بعدما فتحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب شهية كل الأطراف المعنية لطرح مبادرات ومقترحات لإنهاء الصراع في الأراضي المحتلة، وكانت أكثر جرأة وصراحة من سابقاتها في حديثها عن إمكانية تجاوز حل الدولتين بعدما باتت ترى انه حل غير واقعي ولا يمكن تطبيقه.

حديث الإدارة الامريكية عن صفقة القرن الكبرى التي سيتم من خلالها تسوية عدة ملفات في منطقة الشرق الأوسط ورسم خارطتها من جديد، دفع جميع الأطراف لمحاولة حجز مقعد لها على مائدة الكبار وجعل نفسها شريكة في رسم الخارطة.

ومنذ بداية العام بدأت تتسرب العديد من المبادرات والمقترحات التي تحاول فرضها الأطراف المعنية بشكل مباشر وهي (الولايات المتحدة- (إسرائيل)- العرب- السلطة الفلسطينية).

ورغم توافق هذه الأطراف على ضرورة تسوية القضية الا انها لا تجمع على صيغة موحدة لآلية وبنود الحل، حيث ما يجمعهم أن كل طرف يبحث عن مصالحه الخاصة التي سيحققها من خلال فرض التسوية:

أولاً: الإدارة الامريكية: تسعى لإنهاء صداع القضية الفلسطينية وإظهار نفسها الإدارة الأقوى من خلال تحقيق ما عجزت عنه كل الإدارات السابقة وفرض حل يعيد لها هيمنتها بالكامل على المنطقة العربية ويكون مدخلا لتسوية باقي الملفات، إلى جانب ضمان سيطرة وأمن حليفتها (إسرائيل).

وتتبنى اميركا نظرية السلام الإقليمي والتي تتمثل في وجود مصالح مشتركة وفرصة لتطوير تحالفات ومن الممكن أيضاً أن تدفع عملية السلام قُدماً، وهي مبنية على رؤية إسرائيلية تقوم على تحقيق السلام والتطبيع مع الدول العربية أولاً، بل ويتعدى ذلك إلى إقامة تحالف عربي إسرائيلي بدعم اميركي ضد العدو المشترك "إيران".

ثانياً: (إسرائيل): تهدف إلى فرض سيطرتها على مناطق الضفة الغربية ومنع إقامة دولة ذات سيادة فيها، والاحتفاظ بكل الوقائع التي فرضها أهمها الاستيطان، وضمان امنها والقضاء على أي مقاومة.

وتعتمد (إسرائيل) ذات الرؤية الامريكية للسلام الإقليمي إلى جانب السلام الاقتصادي والذي يقضي بتقديم تسهيلات اقتصادي للفلسطينيين وإقامة كيان فلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية وبمساعدة عربية.

وقد طرحت (إسرائيل) مبادرة سلام جديدة سربتها صحيفة جيروزاليم بوست العبرية وهذه المبادرة ستحمِّل العرب بدلًا من (إسرائيل)، المسؤولية عن تسوية النزاع والالتزام بقبول حل الوسط، كما أنَّها ستعفي الجانب الإسرائيلي من الذنب الناجم عن استمرار النزاع، لكنَّنا سنعمل في الوقت نفسه للتأثير على الوسيط الأمريكي لتجنب تعرض تل أبيب للضغوط، وتوجيه هذه الضغوط بدلًا من ذلك إلى القاهرة والرياض ورام الله وغزة".

وبحسب الصحيفة فإنه سيتم تشكيل كيان فلسطيني مستقر ومزدهر "يتم تأمينه" عبر "التزامات دولية" وعن طريق تشكيل "اتحاد كونفدرالي مع مصر والأردن".

-اعتراف العرب بدولة (إسرائيل) و"دولة الشعب الإسرائيلي التي ستكون القدس عاصمتها

-" ضمان "الأغلبية اليهودية الثابتة" عن طريق "الانفصال الديموغرافي" عن الفلسطينيين مع فرض السيادة الإسرائيلية على جزء كبير من أراضي الضفة الغربية

-تجنيس اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يقيمون فيها بفضل دعم دولي شامل

-حل حزب الله واستعادة استقرار لبنان ومحاربة "نفوذ إيران المزعزع في المنطقة ووضع حد لمشروعها النووي"

-الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان في حل مستقبلي مع سوريا

ثالثاً: الدول العربية: يتمسك العرب بمبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية في القمة العربية عام 2002 حيث يعتبرون أنها مازالت المظلة العربية لعملية التسوية.

ويرى العرب خاصة السعودية والامارات وباقي الدول الخليجية أن التسوية القادمة ستشكل مدخلا للتطبيع مع (إسرائيل) التي لم تعد عدوا بالنسبة لهم وباتت تجمعها معهم مصالح أهمها محاربة إيران وانهاء المقاومة الفلسطينية، واصراراً منها على دفع عملية التسوية لم تمانع الدول العربية في تعديل المبادرة لتصبح أكثر قبولاً من الطرف الإسرائيلي الذي لديه تحفظات عليها.

وتحت شعار التطبيع قبل التوقيع يسعى العرب لتطبيع العلاقات مع (إسرائيل) بمجرد الإعلان عن بدء عملية التسوية ومن ثم يتفاوض الفلسطينيون والإسرائيليون لسنوات تكون خلالها العلاقات بين العرب و(إسرائيل) في أحسن أحوالها بغض النظر عن النتائج التي قد تصل لها المفاوضات.

رابعاً: السلطة الفلسطينية: لا شك أنها الطرف الأضعف في المعادلة لذا فهي لا تملك القدرة على طرح مبادرات بل وتنازلت عن الشروط التي كانت تضعها مقابل العودة للمفاوضات، وهي الافراج عن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو وتجميد الاستيطان.

وباتت تُفرض على السلطة شروط للقبول بدخولها اللعبة حيث فرض ترمب على أبو مازن سلسلة شروط يقدم من خلالها أوراق اعتماده للإدارة الأمريكية الجديدة وهي التي بدأ في تطبيقها ضد قطاع غزة والأسرى وأسر الشهداء والجرحى، فضعف موقفها يدفعها إلى القبول بأي مبادرة تفرض عليها حفاظاً على بقائها.

ورغم اختلاف المصالح والرؤى بين الأطراف المعنية بتسوية القضية إلا أن ما يجمعها هو رغبتها في تصفية القضية الفلسطينية وانهاء هذا الصراع دون أي مراعاة لحقوق الشعب الفلسطيني وثوابته.

 

 

 

 

البث المباشر