في ظل تراجع جهود التسوية

عباس مكانك سر و"إسرائيل" تمضي بمشاريعها

محمود عباس
محمود عباس

غزة-محمد عطا الله

يجد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نفسه وحيداً في الآونة الأخيرة، لا سيما في ظل تراجع جهود التسوية وتقلص فرص الوصول لأي حلول للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فضلاً عن توتر علاقاته بالمحيط العربي إجمالاً.

ويبدو أن أحاديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السابقة والتي تعهد فيها بما أسماه "صفقة القرن" وتحقيق "السلام" الشامل، تشهد تراجعاً، بدليل حديث مستشاره للسلام في الشرق الأوسط جاريد كوشنير التي قال فيها إنه قد لا يكون هناك أي حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ويضيف كوشنير في تسجيلات صوتية مُسربة "ربما لن يكون حلّ، ولكن إحياء محادثات السلام هي إحدى الأمور التي طلبها منّا ترامب للتركيز عليها، ونحن سنقوم بالتركيز على هذا الملف".

وإلى جانب ما سبق فإن ضعف الاهتمام العالمي وغياب الرعاية العربية للقضية الفلسطينية، ساهم في غياب الرؤية السياسية لحل الصراع، في المقابل فإن "إسرائيل" تواصل مشاريعها الرامية إلى القضاء على فرص إقامة دولة فلسطينية وفرض وقائع جديدة تفشل أي جهود للحل.

وأمام تلك الحالة يقف رئيس السلطة عباس مُكبل اليدين لا يجد أي فرصة للهروب من هذا المأزق سوى الرهان على الأوضاع الميدانية ومحاولة ركوب الموجة التي فشل حتى في ركوبها بعد أسبوع من أحداث الأقصى عندما أعلن تجميد العلاقة بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني الذي عاد إلى استئنافه مُرغمًا، وفق مصادر عبرية.

مسألة وقت

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن أن أبو مازن بات يُدرك أكثر من أي وقت مضى أن تفكك السلطة مسألة وقت فقط، مبيناً أن الإدارة الأمريكية لم تجد أي متطلبات لدى إسرائيل للتوصل لأي صفقة رغم التنازلات الكبيرة التي قدمها عباس للعودة للمفاوضات.

ويؤكد محيسن في حديثه لـ"الرسالة" أن رئيس السلطة اكتشف فشل مراهنته على الإدارة الأمريكية للضغط على "إسرائيل"، الأمر الذي دفعه إلى الهروب نحو أحداث الأقصى الأخيرة اعتقادا منه أنها ستشكل له رافعة ويكسب الدعم الجماهيري تماشيا مع حالة الضغط الشعبي.

ويشير إلى أن شخصية عباس لم تعد تلقى قبولًا من الإقليم والدول العربية وحتى الخليجية في أي ملف من الملفات، مما يدفعه للتساوق مع الرؤية الأمريكية لإعادة رسم المنطقة على أساس تكون دولة الاحتلال حاضرة وبقوة فيها.

ويتوقع محيسن أن يهرب أبو مازن من حالة الإحباط التي يواجها باتجاه تفعيل ملف المصالحة الفلسطينية لا سيما مع حديثه عن ضرورة حله رزمة واحدة، وهو ما تطالب به حركة حماس، مع مطالبته بحل اللجنة الإدارية بغزة؛ من أجل حفظ ماء وجهه.

المحاولات قائمة

وعلى نقيض سابقه، فإن الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل يرى أن محاولات دفع جهود التسوية لا تزال قائمة، وذلك على ضوء قمة الرياض التي تدخل في إطار أفق ينطوي على دور فاعل للعرب باستخدام الأموال والأولويات التي تتلاقى مع الإدارة الامريكية وتوجهات في الإقليم.

ويؤكد عوكل لـ"الرسالة" أن جميع تلك المحاولات لن تغير شيئا عند الفلسطينيين الذين فقدوا الأمل، منوها إلى أن أي جهود لحل الصراع جميعها تصب في مصلحة "إسرائيل".

وأشار إلى أن المعركة الأخيرة في القدس أثبتت أن الفلسطينيين تركوا لوحدهم في الميدان، وأن الإدارة الأمريكية وقفت بجانب "إسرائيل"، لافتا إلى ضرورة استخلاص العبر من أحداث الأقصى والتوحد ومواجهة الاحتلال بالمقاومة السلمية لإعادة القضية الفلسطينية للصدارة.

وفي نهاية المطاف يمكن القول إن الرهان على مبادرات وجهود التسوية يُمثل ركضًا في حلقة مفرغة، والحل يكمن في ترتيب البيت الفلسطيني ومجابهة الاحتلال بشتى الطرق.

البث المباشر